كشف تقرير المجلس القومي الأمريكي للاستخبارات بعنوان : التوجهات العالمية عام 2025 : عالم متحوّل » أن العالم لن يبق أحادي القطبية ولا حتى ثنائي القطبية مثلما كان قبل سقوط جدار برلين عام 1989 ، إنما سيتجه ليصبح أكثر فأكثر عالم متعدد الأقطاب«. ولكن مركز الثقل في هذا العالم المتعدد الأقطاب، لن يكون بالضرورة في صالح الدول التي سيطرت على العالم خلال القرن ال 20، إنما ستبقى حسب التقرير الولاياتالمتحدة لاعبا رئيسيا، لكنه يؤكد تراجع مكانة أوروبا، بسبب ظاهرة الشيخوخة ، وتراجع عدد السكان، وفشل سياسات إدماج المهاجرين ذوي الأصل غير الأوروبي . ويرصد التقرير بروز دول جديدة ستكون لها كلمة في العالم بحلول عام 2025 أي بعد نحو 15 سنة من الآن ، ومن بين هذه الدول يذكر التقرير : تركيا، إيران، إندونيسيا، والصين والهند وروسيا. ويبرر بروز مثل هذه القوى الجديدة ، بتنامي الناتج الداخلي ، بفضل استعانتها بتكنولوجيا المعلومات في التنمية، وأن زيادة الناتج الداخلي يؤدي إلى زيادة الإنفاق العسكري الذي يسمح لهذه الدول بلعب دور محوري في عالم متعدد الأقطاب وقادم لا ريب بحلول 2025 ، وقد بدت ملامحه تظهر منذ الآن. أهمية هذا التقرير بالنسبة لنا ، هو أنه يعطي صورة لحكامنا إن كانوا يقرأون، أو إن وجد من يقرأ لهم، ويقدم لهم معلومات كافية ودقيقة عن التحولات العالمية، حتى يعرفوا كيف » يقودون السفينة « التي لم يفلحوا لحد الآن في الوصول بها إلى بر الآمان. والحقيقة أن المؤشرات التي تحدث عنها أو توصل إليها التقرير الأمريكي واضحة للمتتبعين. فأوروبا تعاني فعلا من عجز سكاني، وهي بحاجة لتجديد سكانها، لذلك هي تعتمد على الهجرة، سواء أكانت » انتقائية "كما تعمل فرنسا – ساركوزي، أو انتقائية لحد ما، مثل تعمل إيطاليا، التي سوف تمنح الجنسية الإيطالية لنحو 500 ألف مهاجر خلال عام 2010 في سعي منها للحفاظ على مكانتها في العالم .. لأن القوة .. أي قوة محورها البشر أي السكان قبل كل شيء. أما الصين فقد بينت الأزمة العالمية كيف أنها لم تتأثر، بل بينت كيف أنها ساهمت في إنقاذ الاقتصاد العالمي بضخ مئات الملايير من الدولارات. وكل الدلائل تشير إلى دخول الهند مسرح اللعبة الدولية، يكفي الإشارة إلى أنها أصبحت دولة مصنعة، وتعتمد على تكنولوجيا المعلومات، وتصدر السلاح. وكذلك يقال عن روسيا، التي تجاوزت محنة » نهاية الثنائية القطبية بسلام « ، وتركيا اليوم تلعب دورها بوضوح على الصعيد السياسي خاصة في المجال الإقليمي، وإيران سبق لها أن طالبت رسميا قبولها في النادي النووي الدولي وهو علامة من علامات التقدم ما يوحي فعلا أنه بحلول عام 2025 ستكون لها كلمة. أين الجزائر ؟ أين الدول العربية الأخرى ؟ .. إن شعوبا مسلوبة الإرادة .. شعوب مستعبدة.. ولنا عودة إلى بعض تفاصيل التقرير لاحقا.