قطع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الشك باليقين وأصبح ترشحه واقعا، إذ أودع أمس ملف ترشحه للرئاسيات المقبلة لدى المجلس الدستوري، واضعا بذلك حدا لحالة الترقب والانتظار التي طبعت الساحة السياسية. لقد جاء ترشح الرئيس تلبية لطلب فئات شعبية واسعة عبر التراب الوطني، واستجابة للرغبة الملحة لقوى سياسية تمثل الأغلبية في المؤسسات الدستورية والمجالس المنتخبة المحلية والوطنية، وكذا تنظيمات وطنية وجمعيات مؤطرة للمجتمع المدني، ظلت تدعوه لدخول سباق الرئاسيات. إن الأفلان إذ يعبر اليوم عن ارتياحه الكبير لإعلان الرئيس بوتفليقة عن ترشحه الرسمي، فلأنه كان الحزب السباق، ليس فقط لكون بوتفليقة رئيسا للحزب، وإنما أيضا لكونه الأقدر على قيادة البلاد في المرحلة الراهنة والمستقبلية. ويأتي ترشح الرئيس بعد جدال سياسي وإعلامي محتدم، تخللته الكثير من الطروحات والتكهنات والتأويلات، سواء حول العهدة الرابعة وارتباطات ذلك بصحة الرئيس أو حول ما يسمى بالصراعات بين الجيش وجهاز المخابرات ورئاسة الجمهورية، والتي أخمدها الرئيس بوتفليقة وفندها بقوة عبر الرسالتين اللتين أصدرهما بمناسبتي سقوط الطائرة العسكرية بأم البواقي والاحتفالات المخلدة ليوم الشهيد. اليوم وبعد أن ترشح بوتفليقة رسميا لهذا الموعد التاريخي الهام في مسيرة الجزائر، فإن الأفلان يقود عمليا قطار العهدة الرابعة، بدء بجمع التوقيعات، حيث تمكن من جمع أكثر من مليون توقيع للمواطنين وعشرة آلاف توقيع للمنتخبين، وكذا الاستعداد للقيام بحملة انتخابية قوية، ترتكز عناوينها الكبرى على ضمان الاستمرارية وتكريس الأمن والاستقرار وتعزيز التنمية ومواصلة الإصلاحات السياسية لبناء دولة القانون والمؤسسات، والنأي بالجزائر عن كل مخاطر الانزلاق في فوضى ما يسمى »الربيع العربي«. إن حزب جبهة التحرير الوطني الذي يتصدر الأحزاب والتنظيمات المساندة والمؤيدة للعهدة الرابعة، كان يؤمن إيمانا قاطعا بترشح الرئيس، وعليه لم يتردد في مباشرة العمل في الميدان لتوفير كل أسباب وعوامل نجاح مرشحه في الاستحقاقات الرئاسية المقبلة. فخلال الشهور الماضية، كان حزب جبهة التحرير الوطني يصدح بموقفه الحاسم من ترشح الرئيس بوتفليقة للرئاسيات المقبلة، مرافعا عن وعي وإدراك لصالح العهدة الرابعة، اقتناعا منه بأن الرئيس قد أثبت جدارته في قيادة الدولة، هذا أولا. وثانيا، لأن هذا الموقف الداعم للرئيس، موقف ثابت يلتزم به الحزب من أجل مصلحة الجزائر أولا وأخيرا، ذلك أن الحصيلة الإيجابية للرئيس، منذ توليه رئاسة البلاد في سنة 1999 وقبل ذلك التاريخ، تؤهله بجدارة واستحقاق لخوض المعترك الانتخابي والرهان على ثقة الشعب. إن الدافع الرئيس لترشح الرئيس بوتفليقة هو ضمان الاستمرارية لمشاريع البناء والتعمير، من أجل تحقيق طموحات الشعب في حياة أفضل وعيش أكرم، من خلال تكريس الأمن والاستقرار وترقية المستوى الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا ومواصلة ترسيخ الإصلاحات الشاملة، خاصة وأن المنجزات الضخمة التي تحققت تحت قيادة الرئيس، ماثلة أمام الجميع. تلك هي الحقيقة الناصعة المتمثلة في العمل الجبار الذي تقوم به بلادنا في مختلف القطاعات التي، تعرف اليوم حركية واضحة وتنتج خيرات جديدة لفائدة المواطنات والمواطنين، أينما كانوا في ربوع الجزائر. لقد ترشح الرئيس بوتفليقة رسميا، وعلى المقاطعين والمنسحبين والذين يتجرؤون على الدعوة لإلغاء الانتخابات الرئاسية المقبلة، أن يدركوا بأن الشعب هو وحده من يملك القرار في انتخاب هذا أو ذاك عبر انتخابات تعددية ومفتوحة، شفافة ونزيهة، فالشعب يمتلك الوعي الذي يمكنه من حسن الاختيار، فدعوه يختار إنه يعرف ماذا يريد.