بعد الجولة الأولى للمشاورات السياسية التي أشرف عليها رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح و عكوف لجنة الخبراء للأستاذ عزوز كردون على إعداد مسودة الدستور ، وارسالها إلى الأحزاب السياسية للإطلاع عليها . احترام الحريات العامة و الفردية أساس دولة القانون يُعد مجال التحريات الجزائية للرقابة القضائية مثلما تنص عليه المادة 48 ، توسيعا لمجال تدخل الدفاع ليشمل مرحلة التحريات الأولية أمام الضبطية القضائية من الضمانات الهامة للحريات الفردية. فالتوقيف للنظر، إجراء تحفظي يخول بموجبه ضباط الشرطة القضائية وضع المشتبه فيهم في غرف للأمن لمدة محددة في قانون الإجراءات الجزائية كلما دعت لذلك مقتضيات التحقيق،و تتراوح بين 48 ساعة بالنسبة للجرائم العادية و 12 يوما إذا كانت الجرائم من الأفعال الموصوفة بالإرهابية أو التخريبية. ونتيجة لتعلق الإجراء بالحريات العامة ، فقد تم حصر مجال الأخذ به على الجرائم المتلبس بها بينما لا يجوز توقيف المشتبه فيه للنظر إذا تعلق الأمر بوقائع يجري التحري بشأنها دون أن يُضبط مرتكبها متلبسا بالجرم. ونظرا لأهمية الموضوع، جاءت صياغة المادة 48 من الدستور بنوع من التفصيل حول المبادئ العامة المتعلقة بالتوقيف للنظر قبل أن تحيل تنظيمه إلى القانون. والغاية من تمكين ضباط الشرطة القضائية من توقيف الأشخاص لفترة زمنية قصيرة تحت رقابة السلطة القضائية، هي تسهيل مجرى البحث من جهة، ومنع إفلات المجرمين من قبضة العدالة من جهة ثانية. رغم ذلك، أحاطه المشرع بمجموعة ضمانات جاء ذكرها في قانون الإجراءات الجزائية، من أهمها ما جاء تأكيده في الدستور الحالي ، نذكر من أهمها عدم تجاوز المدة المقررة ومنع الموقوف من الاتصال مع عائلته شريطة الاحتفاظ بسرية التحريات. إن الموقوف لدى مصالح الضبط القضائي، هو أحوج للاتصال بدفاعه أكثر مما يكون عليه الحال بالنسبة لعائلته .لأجل حماية الحريات، يجب تمكين الموقوف من الاستعانة بدفاعه أثناء التحريات الأولية حماية له من أي تعسف محتمل كما هو معمول به في التشريعات المقارنة ذات التوجه الحقوقي . المادة 52 من دستور الجزائر لسنة 1976 لم تكن تضمن للمتهم الاتصال فورا بأسرته إنما أضيفت بموجب تعديل .1989 حاليا، معظم الدول تأخذ بنظام اتصال المتهم بدفاعه والاستعانة به . التداول الديمقراطي و تحديد العهدات الأخذ بالمبدأ المحدد مسبقا لمدة المهمة الرئاسية بعهدة واحدة دون توفر الأسباب الجدية التي تستدعي انقطاع العهدة، يشكل بعناصره مساسا بالإرادة الحرة للشعب وعرقلة غير جادة لاستكمال تنفيذ البرنامج . إذ لا يحق لأحد أن يحول بين الأمة وقائدها أو يسلب الشعب سيادته وحقه في التمسك بمن يرى فيه خير راع. فليس من المنطق في شيء، القول بمنع التواصل بين الرئيس ومرؤوسيه الراغبين في استمراره ماسكا بزمام شؤونهم لأن ذلك يتعارض مع حرية الشعب المشار إليها ضمن ديباجة الدستور ومع مبدأ دستوري كرسته المادة 6 منه، فالشعب مصدر كل سلطة والتجربة أكدت ذلك بتمسك الشعب برئيسه في انتخابات 17 أفريل 2014 غير أن ذلك يمكن أن لا يكون شيئا عاما بل إسثنائيا لمكانة و سمعة الشخص المنتخب . أن الغالب المستقر عليه لدى كثير من الدول، أن تمتد العهدة الرئاسية لفترة وسطية تصل خمس (5) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة يمكن أثناءها أداء برنامج وتقييم حصيلته بشكل موضوعي مما يحقق في نظري التداول على السلطة كمبدأ جوهري لحماية الديمقراطية في بلادنا خاصة وأن هذا المكسب الديمقراطي كلفنا الكثير حتى وإن كان فتيا لم ينضج بعد فبعض الدول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية يتم التجديد لعهدة ثانية واحدة فقط و مدة الفترة الرئاسية أربع (4) سنوات أما من حيث المدة، لا يمكن إعمال الفترة من أربع سنوات لأن النظام الرئاسي في الولاياتالمتحدة يتسم بأحادية السلطة التنفيذية و الرئيس مسؤول بمفرده عن العمل الحكومي. بينما تعرف النظم البرلمانية أو النظم المختلطة مشاركة في الأعباء من هيئات منتخبة و بالتالي يكون عمله أقل حجما و ضغطا. بينما تأخذ دولا أخرى بخمسة (5) أو سبعة سنوات لكن التجديد يظل لمرة واحدة. فتح العهد دون قيد إذن ، لم يعد ينسجم مع التوجه العالمي وقدوم الربيع العربي. إنما الوسطية تقتضي أن تكون مدة الفترة الرئاسية خمسة (5) سنوات تجدد مرة واحدة . حالة الشغور وجدوى انشاء منصب نائب رئيس كما يجب أو يمكن إضافة فقرة للمادة 74 أعلاه مع تعديل للمادة 88 من الدستور لتوفير حماية أكثر للدولة من حالة الشغور. وبصراحة حتى وإن اتسمت الحكومة بالنشاط في فترة نقاهة الرئيس إلا أن بعض الملفات والقرارات بقيت عالقة وسيرت الحكومة في ظروف استثنائية عاشتها الجزائر ، في هذا الاتجاه، يكون الأفضل إما اختيار الرئيس لمرافق يكون نائبا له بعد انتخابه وهنا يكتسب نائب الرئيس شرعيته من الصناديق. أو نضع قيدا كما تضمنه المشروع المصري ما قبل التعديل الذي يلزم الرئيس على اختيار نائبه زمنية مع تحديد صلاحيات نائب الرئيس. فإذا كانت قراءتنا هذه تتجه نحو كل الفرضيات و الاحتمالات المستقبلية في إمكانية وصول المعارضة للسلطة الذي يبقى أمر وارد ومحتمل وممكن، ففي هذه الحالة الرئيس من جهة و الوزير الأول من جهة أخرى يحدث اختلال توازن في السلطات بحيث ينفرد الوزير الأول بالسلطة مما يوحي بأن وجود نائب الرئيس يضمن لحد ما هذا التوازن وإن وجد منصب نائب الرئيس لا يغدو أن يكونا منصبا شرفيا بل يجب أن تكون له بعض الصلاحيات التي تكون لها علاقة مباشرة بهذا التوازن. من جهة لقد اثبت التعديل الدستوري الأخير لسنة 2008 لاسيما في شقه المتعلق بالوزير الأول، عدم ملائمته مع مقتضيات الممارسة الديمقراطية مع غموض يتطلب التوضيح حول التعيين و التكليف و إنهاء مهام الوزير الأول . إذ يجب إيجاد صيغة دستورية جديدة تعيد الاعتبار لرئيس الحكومة تمنحه سببا جديا للتواجد ومصداقية للانتخابات التشريعية بحيث : يمنح صلاحيات تبعد عنه صفة الإداري. * أن يتم تعيينه من الأغلبية في البرلمان أو نتيجة للائتلاف وهو سلوك مألوف في الديمقراطيات الحديثة. * وليس نتيجة التحالف الذي لا يخدم الديمقراطية إنما يشكل احتكارا للسلطة ورجوعا للفكر الأحادي الاحتكاري. * يمنح دورا أكثر ايجابية بمناسبة تعيين الوزراء أو عند إنهاء مهامهم . * استبعاد منصب نائب الوزير الأول لانعدام الجدوى. نتيجة لما سبق ، يكون من الأنسب مراجعة المواد من 79 إلى 85 من الدستور الحالي. التجوال السياسي و تأويله من جانب آخر وضعت المسودة حدا للترحال السياسي في البرلمان في المادة 28 ،Å100 مكرر على ما يلي زيجرد المنتخب في المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة المنتمي لحزب سياسي من صفته النيابية بقوة القانون الذي يغير خلال عهدته انتماءه السياسي، في نظري وإن كان التجوال السياسي هو تغيير للعنوان الذي انتخب على بصدده النائب فالقناعات السياسية من مبدأ الحريات الأساسية لا تخضع للفرض ولا للتقييد مما يتنافى و المواد 32 و 35 وخاصة 36 في شقها الثاني التي تنص أن لا مساس بحرمة حرية الرأي . في بعض الأحيان يرى النائب أو المنتخب نفسه مضطرا لمسايرة أفكارا لا يؤمن بها وقد تكون في حدود العهدة البرلمانية الذي أنتخب فيها إما يعزل نفسه عن مجموعته. وهنا فيها كبح للعمل البرلماني وإلا يلقى نفسه يمشي عنوة في الجهة المقابلة كبح لحريته ورأيه . لذا يرى النائب أحيانا نفسه في الترحال من أجل حريته أو مصلحته وهدفه، فقط يجب أن لا تتكرر العملية الترحالية أكثر من مرة في الفترة الانتخابية الواحدة لحماية الهيئة البرلمانية من الفوضى .على النائب أن يفكر مليا قبل الخوض في هكذا قرار في وقت أن الأحزاب في مجملها تشطب تلقائيا كل من يخرج من صفوفها نحو وجهة سياسية وحزبية أخرى . وفي نظري أن عقاب النائب بتجريده من العهدة النيابية أمر مبالغ فيه وفي نفس الوقت أمر منافي للدستور الذي يحفظ للفرد حريته واتجاهاته وقناعاته. حالة الطوارئ و شروطها في المادة 91 التي لم تحصرها المسودة في إقتراحتها زيقرر رئيس الجمهورية، إذا دعت الضرورة الملحة، حالة الطوارئ أو الحصار، لمدة معينة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة والوزير الأول، ورئيس المجلس الدستوري، ويتخذ كل التدابير اللازمة لاستتباب الوضع. ولا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا.س إن حماية المراكز القانونية للمواطنين تقتضي رعاية دستورية خاصة دفعا لأي انحراف من جانب السلطة التنفيذية أو استغلال للأوضاع بطريق غير ملائم لاسيما أثناء سريان حالة الطوارئ . ويقصد بحالة الطوارئ، الحالة القانونية التي تكون عليها الدولة في ظروف غير مألوفة تدفع بالسلطة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية مناسبة لمواجهة الوضع الطارئ دون أن يمس ذلك بمبدأ الفصل بين السلطات أو يؤدي إلى تعليق العمل بالدستور تطبيقا لمادته 91 . فبين الشرعية المطلقة وانعدامها، أستحدث صنف ثالث يصطلح على تسميته بالمسموح به، تبرره الظروف الخاصة كحالة الطوارئ. هذه الحالة ليست بالوضعية العادية التي يكون فيها حكم الدولة نافذا أو ينعم فيها المواطنون بالأمن والاستقرار، و لا ترقى كذلك إلى درجة حالة الحرب التي يجمد فيها الدستور وما يتبع ذلك من انحصار للحريات وتراجع في الحقوق عملا بنص المادة 96من الدستور. يمكن إعلان حالة الطوارئ في كل البلاد أو جزء منها بسبب خطر داهم ناشئ عن إخلال خطير بالنظام العام أو بسبب حوادث تشكل نتيجة طبيعتها أو جسامتها خطرا على الجمهور. فإذا ما قامت ضرورة تفرض على السلطة الخروج على المبادئ المعتادة عن طريق ممارسة بعض الإجراءات التي تمكنها من مواجهة الظروف الطارئة. يجب أن يكون ثمة تناسب بين حجم الصلاحيات الممنوحة للهيئات العامة وبين متطلبات الظروف الطارئة.ونظرا لتميز حالة الطوارئ بطابع غير عادي ، فقد أحاطها الدستور من خلال مادته 91 بمجموعة ضوابط منها: إسناد سلطة اتخاذ القرار لرئيس الجمهورية ،توفر عنصر الضرورة الملحّة لاستتباب الوضع ،تناسب التّدابير المقررة مع ما يتطلبه الوضع، أن يتم الإعلان عنها لمدّة معيّنة. فالجزائر وهي تضمّن دستورها حق السلطة العامة في اللجوء إلى إعلان حالة الطوارئ كلما دعت ضرورة الحال، لم تشذ عن القاعدة أو تخرق العهد الدولي المتعلق بالحقوق الذاتية والسياسية الذي يعترف لكل دولة، متى وجدت نفسها أمام ظروف تهدد وجودها وأمن شعبها، أن توقف أو تعلق تطبيق بعض الضمانات الخاصة بحقوق وحرية المواطنين، على أن لا تتجاوز تلك التدابير حدود ما يتطلبه الوضع. غير أن التجربة الأخيرة ، أثبتت بأن إقرار حالة الطوارئ وفقا للدستور، تم إرفاقها بأحكام خرقت أحكامه نسبيا موقف المجتمع الدولي وكل المواثيق والأعراف المتعلقة بحقوق الإنسان. ولنا في أحكام المرسوم الرئاسي المتضمن إعلان حالة الطوارئ لسنة 1992 والمرسوم التشريعي المتضمن تمديد فترة حالة الطوارئ المعلنة، نموذجا عمليا عن وضعية غير عادية منها: منح وزير الداخلية والجماعات المحلية صلاحية تقرير وضع الأشخاص الذين يقومون بنشاطات تحتمل الإضرار بالنظام العام، في مراكز أمن لمدة غير محددة و دون الحاجة إلى حكم قضائي؛ منح والي الولاية صلاحية الأمر بالتفتيش ليلا أو نهارا.والاعتقال الإداري إجراء يصدر عن السلطة التنفيذية يؤدي إلى حرمان المواطنين حريتهم دون حكم قضائي.