الفضيحة التي انفجرت في قطاع الأشغال العمومية تؤكد ما أثير من شكوك حول مشروع الطريق السيار شرق غرب وما استهلكه من أموال إلى حد الآن ونسبة الإنجاز الحقيقية التي وصل إليها ونوعية ما تم إنجازه، ورغم أن الحديث اليوم يدور عن شبكة فساد كبرى تضم أسماء ثقيلة من مدنيين وعسكريين فإن القضية قد تكون أكثر تعقيدا مما نتصور. سجن الأمين العام لوزارة الأشغال العمومية قد لا يكون الإجابة التي ينتظرها الجزائريون بعد الأسئلة التي طرحت في الصحافة حول حقيقة ما يجري في هذا المشروع العملاق الذي وصف بأنه مشروع القرن، والأمر لا يتعلق بشخص الأمين العام ولا بهؤلاء الذين تورطوا معه، بل يتعلق بالفساد الذي ينخر الاقتصاد الوطني ويهدر مليارات الدولارات ويجعل المشاريع الكبرى التي ضحى من أجلها الجزائريون تتحول إلى عمليات احتيال كبرى. الطريق السيار شرق غرب أثار كثيرا من الضجيج لكنه لم ينجز في حينه، ولم ينجز أيضا بالكلفة المحددة عند انطلاقه ولم ينجز بالمواصفات المطلوبة وليس من الصعب معاينة نوعية الطريق في بعض المناطق رغم أن المشروع لم يسلم بعد، وما قيل اليوم عن سجن الأمين العام وبعض المتورطين في الفضيحة يحيلنا على رواية أخرى للقضية تقتصر فقط على الاحتيال الذي وقعت ضحيته شركة صينية، وهذه الرواية قد تغطي على الحاجة إلى تقييم شامل للمشروع وللطريقة التي اعتمدت في تسييره وإنجازه. معظم المشاريع التي أطلقت في زمن الوفرة المالية لم تسلم في حينها، وما سلم منها إلى حد الآن لم يرق إلى مستوى التوقعات، وفي كل الحالات لم يكن التأخر في الإنجاز أو رداءة ما تم تسليمه سببا في الإطاحة بأي مسؤول على أي مستوى كان، وهذا سبب آخر للتخوف من غلق كل ملفات الفساد بمجرد العثور على كباش فداء تعاقب لأنها لم تتخذ ما يكفي من الاحتياطات لمنع رائحة الفساد من التسرب.