أحدثت أخبار انتشار الحمى القلاعية بين الأبقار بالجزائر هلعا كبيرا في أوساط المواطنين، أغلبهم إلى مقاطعة اللحوم الحمراء وخاصة منها لحوم الأبقار المواطنون ولم يستثن المواطنون حليب وزبدة البقر، التي أسقطوها من حساباتهم أيضا خوفا من العدوى، خاصة وأن الغموض لا زال يحيط بالمرض مما فتح الباب للشائعات التي غذت »الفوبيا« في الشارع الجزائري . رغم تطمينات وزارة الفلاحة التي أكدت السيطرة على مرض الحمى القلاعية الذي انتشر بين البقر في أكثر من ولاية من البلاد وتوفير اللقاح لمربي المواشي، إلا أن ذلك لم يغير شيئا من موقف المواطنين وحالة الهلع المتفشية التي غذتها الإشاعات أيضا، فمن أخبار إصابات البقر إلى احتمال إصابات رؤوس الماشية حتى وإن لم تسجل أي حالة إلى حد الآن، في حين هناك من قرر مقاطعة الدواجن أيضا واكتفى باستهلاك الأسماك لتوقي الحذر من كل خطر. مواطنون يرفعون شعار» اللي خاف سلم« للوقوف على حقيقة الأم، قامت »صوت الأحرار« بجولة عبر بعض أسواق العاصمة وكانت البداية بسوق كلوزال ، والذي بات يشتكي الجزارون فيه من قلة إقبال المواطنين، الأمر يبدو جليا من النظرة الأولى فأحشاء البقر والغنم »الدوارة« والكبد و»بوزلوف« وما يتبعها تبقى على حالها إلى غاية موعد غلق السوق، وهو ما لم يكن يحدث من قبل حيث كانت هذه الأخيرة تباع في الساعات الأولى من الصباح. كما قالت حورية.م:» جئت متخوفة لأرى إن كانت الدوارة مازالت بعد منتصف النهار فوجدتها معلقة على حالها كل شيء بقي على حاله عند كل الجزارين في هذا السوق، لم أتشجع للمنظر وتراجعت عن فكرة اقتناء الأحشاء أو أي شيء آخر، لقد تعودنا على نمط معين من الأطباق، لكن إذا تعلق الأمر بالصحة فلا يعادلها شيء آخر وصحتنا أولى من بطوننا«. في حين يرى مراد.ح بقوله:» لقد قاطعت وعائلتي كل أنواع اللحوم لا غنم ولا بقر ولا حتى الدواجن، فالفيروسات تنتشر وقد نستيقظ أيضا على أخبار إصابتها هي الأخرى، وقررنا ألا نستهلك من اللحوم سوى الأسماك طازجة أو مجمدة لا يهم لأنها الأسلم ولا خطر ولا تلاعب فيها، وكل ما ينغص علينا هو أسعارها، فتصوروا أن السردين الذي كان سمك الفقراء قد وصل سعره إلى 500 دج للكيلوغرام، ما يعني أننا سنتذوقه لا أكثر، لكنه في الوقت الحالي يبقى الأسلم.وكما يقول المثل الشعبي »اللي يخاف سلم«. جزارون يؤكدون أنهم مقبلون على فترة عصيبة يؤكد بعض الجزارين بسوق كلوزال أن تراجع مبيعاتهم راجع أيضا إلى تقليل المواطنين من اللحوم الحمراء بعد انقضاء شهر رمضان، حيث يفضل أغلبهم التغيير بعد أن تصدرت اللحوم موائد الجزائريين شهرا كاملا، لكن البعض الآخر لا يخفي أن الأمر لا يتوقف عند ذلك فالمقاطعة شبه تامة وسلعهم تبقى على حالها لذا فقد أحجم أغلبهم على التزود من المذابح، وأكد أحد الجزارين أنه سيتكبد خسارة كبيرة لأن اللحوم إذا لم تباع فلا يمكن الاحتفاظ بها لفترة أطول. وأضاف أنه لن يزود المحل بكميات أخرى من اللحوم حتى وإن كان يتعامل مباشرة مع مذبح رويسو وأن اللحوم في هذا المذبح كما في غيره تخضع لمراقبة بيطرية صارمة ولو كانت غير صالحة أو مريضة لما ختمت، لكن المواطنين للأسف لا يفقهون ذلك والفوبيا انتشرت في أوساط أغلبهم وانتهى الأمر. أما في سوق بئر مراد رايس بالعاصمة، فقد لجأ بعض الجزارين إلى إغلاق أبواب محلاتهم وحسب صاحب قصابة بنفس السوق، أكد أنه هو أيضا ذاهب إلى الغلق فلن يقبل أن يتكبد خسارة أكبر بعد أن عرفت بضاعته البوار خلال أسبوع كامل فتخوف المواطنين انقلب إلى قطيعة ، والوجهة الوحيدة لهم اليوم هي محلات اللحوم البيضاء التي تسيطر على سوق اللحوم بلا منازع اليوم. وأغلب محلات الدواجن تبيع كل ما لديها قبل منتصف النهار. والغريب الذي لاحظناه بدورنا في هذا السوق وفي غيره أيضا هو لجوء بعض المواطنين إلى اللحوم المجمدة باعتبار أنها مستوردة وفي تفسير هؤلاء أنها بعيدة عن الإصابة، وهو نفس ما أكده صاحب محل اللحوم المجمدة الذي قال بأن المواطنين كادوا يقاطعون محله بعد ما نشر في وسائل الإعلام عن عدم صلاحية اللحوم المجمدة المستوردة، لطن دارت الدائرة بعد أن انتشرت الحمى القلاعية في الجزائر وأقبل بعض من لا يمكنهم مقاطعة اللحوم الحمراء إلى اللحوم المجمدة. والجدير بالذكر أن كل الجزارين دون استثناء لم يلجئوا إلى تخفيض أسعار اللحوم الحمراء رغم كل ما حدث حتى ولو تعرض مخزونهم إلى التلف وهذا ليس ببعيد على التجار بالجزائر، فكسر الأسعار غير وارد تماما كما هو الحال للسمك الذي يلقى ثانية في البحر على أن ينزل سعره. عيد الأضحى يسقط من حسابات المواطنين لم يخل حديث المواطنين عن عيد الأضحى المبارك المقبل علينا بعد قرابة الشهرين، ورجح أغلبهم احتمال إلغاء أضاحي العيد إذ ا لم تتم السيطرة على المرض بشكل كامل.وتأسفوا على الوضع الذي لم يشهدوه من قبل أبدا. كما قال عمي علي (76 سنة) »سمعت أولادي يتحدثون عن مقاطعة أضاحي العيد واستغربت كثيرا من الوقت الذي وصلنا إليه فقد عشت كل هذا الزمن ولم أسمع يوما عن مرض جعلنا قاطعنا أضحية العيد، كل ما سمعنا عنه من قبل هو الكيس المائي الذي نعرف جيدا كيفية التعامل معه بدفنه وبرمي الجزء المصاب من الأحشاء، أما هذا المرض فلم أسمع عنه أبدا« التخوف من مقاطعة أضاحي العيد صار أمرا واقعا بالنسبة لأغلب المواطنين في الجزائر اليوم، بل أن الكثيرين منهم أسقطوا العيد من حساباتهم لأنهم يتوقعون بأن المرض لن ينحصر ولن يختفي بهذه السهولة وفي هذا الوقت الوجيز الذي يفصلنا عن عيد الأضحى المبارك للتذكير، فإن الحمى القلاعية تعدّ مرضا فيروسيا يصيب الحيوانات ويشكل خطرا كبيرا على الحيوانات المجترة ويمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في رؤوس الماشية، ومن أعراض الإصابة بالحمى القلاعية الارتفاع في درجة الحرارة وظهور تقرحات على مستوى الفم والأنف والثدي، وكذا على مستوى الحوافر ممّا يؤدّي إلى العرج. وبالرغم من أن المصادر الطبية لم تؤكد انتقال مرض الحمى القلاعية من الحيوان للإنسان، إلا أن أخصائيو الصحة يحذرون من استهلاك المواشي المصابة ومن بينهم البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي الذي نصح بعدم أكل لحوم الحيوانات المصابة بالحمى القلاعية تفاديا لأي مشاكل متعلقة بنوع وطريقة طبخ اللحم كما أكد على ضرورة التمييز بين الحمى القلاعية التي تصيب الحيوان وتلك التي تصيب الإنسان. ومن جهته قال الناطق الرسمي لجمعية البياطرة الجزائريين عبد الفتاح بوعجيل أن مرض الحمى القلاعية من أخطر الأمراض المعدية عند الحيوان وأسرعها انتشارا مؤكدا بأن المرض لا ينتقل إلى الإنسان، لذلك لا خوف من استهلاك لحم وحليب الحيوان المصاب باستثناء الرأس والأحشاء.