انطلقت، الأسبوع الفارط، أوّل رحلة لحجّاجنا الميامين باتّجاه البقاع المقدّسة، وسط إجراءات خاصّة وأهمية بالغة أولتها الدولة لرعاية ودعم الحجاج الجزائريين من مختلف الجوانب حتى يتسنى لهم القيام بالفرض الخامس بكل راحة وضمان، عبر66 رحلة تضمنها شركة الخطوط الجوية الجزائرية ل16 ألف حاج ذهابا وإيابا، فيما ستتكفل الخطوط الجوية السعودية بنقل باقي الحجاج المقدر عددهم ب800,12 حاج. تحدّى الجزائريون جميع المخاوف التي رافقت موسم حج هذا العام، منها بعض الفيروسات على غرار »كورونا« و»ايبولا« والأمراض التي تتربّص بالحجاج، ناهيك عن الجماعات المشبوهة التي تحاول نشر أفكارها خلال كلّ موسم حج، وشرعوا في التوجّه جماعات نحو البقاع المقدّسة بدءا من أوّل رحلة انطلقت، الأحد الفارط، في حدود الساعة التّاسعة صباحا، وسط »ضبط مخطّط محكم وتوفير جميع الشروط لتفادي أي تأخر في انطلاقها« من المطار الدولي »أحمد بلّة« بولاية وهران، تحت إشراف مدير الديوان الوطني للحج والعمرة الشيخ بربارة، وعلى متنها 254 حاجّا وحاجّة إلى جانب مؤطّري البعثة ومنهم أئمة ومرشدين دينيين لتجنيب الحجّاج البحث عن مصادر أخرى للفتوى، وكذا الوفود الطبية التي سترافق البعثة الجزائرية للبقاع المقدسة والمتكونة من 105 طبيب وعون صحي تم تعزيزها بمختصين في الأمراض الوبائية. وفيما سيشهد ذات المطار برمجة 27 رحلة أي بإضافة ثلاث رحلات مقارنة بالموسم الفارط، نظرا لتكفّله بحجاج 12 ولاية بغرب الوطن وكذا جنوبه الغربي بما فيها 3 رحلات لبشار و3 أخرى لولاية أدرار، شهدت ولا تزال عدّة مطارات عبر مختلف ولايات الوطن رحلات أخرى لنقل حجّاجنا الميامين، حيث سيضمن مطار الجزائر 28 رحلة ومطار عنابة 5 رحلات ومطار قسنطينة 9 رحلات إلى جانب كل من مطاري ورقلة 9 رحلات ووهران 15 رحلة، فيما ستتكفّل الخطوط الجوية السعودية بنقل 12800 حاج. إجراءات جديدة لتدارك أخطاء الموسم الفارط سيشهد موسم حجّ هذه السّنة عدّة إجراءات جديدة اتّخذتها الدّولة الجزائرية لفائدة28 ألف و800 حاج لضمان راحة الحجيج وأداء مناسكهم في أفضل الظروف، بعدما تمّ وعلى غرار جميع البعثات في الدول العربية والإسلامية تقليص حصّة الحجاج بسبب أشغال البناء والتهيئة والتوسعة بالحرم المكي، منها دعم كل حاج جزائري بقيمة مالية تقدر بنحو 24 ألف دج مع السعي إلى تحسين مختلف خدمات الإسكان والنقل والإرشاد والتوجيه وغيرها، حيث تمّ تخصيص أماكن درجة أولى للحجاج الأحرار لضمان التحاقهم بالبقاع المقدسة ضمن الرحلات النظامية للحجاج النظاميين وتجنب المشاكل التي تعرضوا لها الموسم الفارط، مع استحداث شركة الخطوط الجوية الجزائرية تحديد تسعيرة التّذكرة لركّاب الدرجة الأولى ب 140 ألف دينار انطلاقا من مطارات الجزائرووهرانوقسنطينة، فيما حدّدت تسعيرة التّذكرة العادية ب 100 ألف دينار، واستجابة لطلبات الحجّاج الجزائريين فإنّ الرحلات التي ستنطلق نحو مطار جدّة ستعود من المدينة المنوّرة، بينما ستعود الرحلات التي انطلقت من مطار المدينة من مطار جدّة، حيث سيتمّ »تخصيص 50 بالمائة من الرحلات باتجاه المدينةالمنورة ومثلها نحو جدة مع تمكين الحجاج بشكل متساوي من النزول في إحدى المدينتين والعودة من الأخرى«. وتفاديا للمشاكل التي عرفها موسم حجّ العام الفارط، حرص الدّيوان الوطني للحجّ والعمرة على إنجاح موسم الحج لسنة ,2014 حيث عمد إلى تأجير العمائر القريبة من المشاعر، وكذا إبقاء المخيّمات التّابعة للحجّاج الجزائريين بكل من عرفات ومنن، حيث تكون الأولى قريبة من مسجد نمرة، فيما لا تبعد الثانية عن رمي الجمرات، وذلك في إطار مساعي الديوان للتخفيف من مشاق الحجاج. وفي ذات السياق كشف الدكتور محمد عيسى وزير الشؤون الدينية أنّه »بالإضافة إلى النقل سيتم التكفل بالحجاج الجزائريين بعين المكان في عرفة ومنى طبقا لعقد وقعته السلطات الجزائرية مع شريك تجاري سعودي لأن الأمر يتعلق بالنسبة لنا بالدفاع عن شرف الحجاج من خلال الحفاظ على مصالحهم وضمان لهم تكفل في المستوى«. وفي ذات الإطار فقد تمّ تأجير أربعة فنادق جديدة تستقبل لأول مرة الحجاج تستوعب حوالي 4300 سرير، وكذا إبقاء الحافلات الجديدة وتخصيص حافلات »جديدة ومريحة« لخدمة الحجاج خاصة فيما يتعلق بالنقل بين المدن على غرار مكةوالمدينةالمنورة نظرا لبعد المسافة، إلى جانب الاتفاق على إبقاء »الرد الواحد«، والمقصود به هو »بقاء الحافلة في خدمة الحاج إلى أن يرجع إلى سكناه عندما يذهب إلى منن ثم إلى مكة، حيث تبقى الحافلة في خدمته مدة 4 أو 5 أيام لحين عودته«. تكلفة مالية ثابثة ومدعّمة خدمات جديدة ستقدّم للحجيج في المشاعر خلال هذا الموسم، تتعلّق بنقلهم على متن الحافلات إلى أن يعودوا إلى مساكنهم بعد أيام التشريق بمنى، وكذا تسليمهم أفرشة جديدة بمنى، وقد خصّ حجّاجنا الميامين أيضا بأربعة مستشفيات، أحدهم مركزي بمكان سكناهم وأخرى قريبة من المشاعر وكلها مجهزة بوسائل جديدة. وفيما يتعلق بالنساء فقد تم تحديد سن النسوة المعنيات بشرط المحرم، حيث أنّ »النساء اللاتي يبلغن سن 45 سنة فما فوق غير معنيات بهذا الشرط، وبإمكانهن التوجه إلى البقاع المقدسة دون محرم ويكتفين بما أسماه »الرفقة الآمنة«. التكلفة المالية لتأدية حجّ هذا العام بقيت تراوح مكانها رغم الاجراءات الجديدة المتّخذة لتقديم أحسن الخدمات لحجّاجنا الميامين، حيث حددت ب 350 ألف دينار أي ما يعادل 35 مليون سنتيم، حيث أنّ الدولة تقدم دعما معتبرا لتكاليف الحج، مصاريف تغطّي زيارة البقاع المقدسة وثمن تذكرة الطائرة المقدر ب 100 ألف دينار. 100 إمام ومرشد لتحصين الحجاج من التطرّف شهد موسم حجّ هذا العام تكثيف أعداد الأئمّة والمرشدون الدينيون ضمن البعثات المرافقة لحجّاجنا الميامين، وذلك لتحصينهم من تأثير ما أسماه وزير الشؤون الدينية في تصريح سابق ب»جبهة التيارات الفكرية الهدامة«، نظرا لدورهم العظيم في» في تحصين الحجاج الجزائرين بالبقاع المقدسة من تأثير أفكار بعض التيارات الدعوية الهدامة التي ستحاول التسلل بين صفوف لحجاج«، مبرزا أن الدولة الجزائرية »مصونة ومحفوظة بأسوار مرجعيتها الدينية الوطنية المعتدلة«. وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى قد أكّد في كلمة ألقاها خلال افتتاح فعاليات يوم دراسي لفائدة المرشدات والمرشدين الدينيين وأعضاء مجلس الفتاوى الذين أوكلت إليهم مهام تأطير الحجاج بالبقاع المقدسة أن مهمة هذا الوفد »خطيرة بقدر شرفها ومن حيث أثرها الديني لذا ينبغي على المرشد الديني المرافق للحاج أن يلتزم بالمهمة التي دعي من أجلها ويحترم دفتر شروط هذا الالتزام بحذافيره«. وأضاف الوزير أن الهدف الأول والأخير لوفد المرشدين والمرشدات الذين سيرافقون الحجاج الجزائريين إلى البقاع المقدسة والمقدر عددهم قرابة المائة هو خدمة هؤلاء بمكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوبجدة , مبرزا في نفس الوقت بأن »أي تقصير في عمل المرشدين مهما كان ستتبعه أحكام إدارية حازمة«. وشدد الوزير قائلا: »لا أسمح بأن يجد أي حاج من حجاجنا عليكم حجة في مجال الخدمة خاصة فيما يخص الإجابة عن تساؤلات واستفسارات الحجيج بما يمكنهم من أداء مناسك الحج على أكمل وجه لذلك احرصوا على صون كرامة الحاج الجزائري لأنها من مسؤوليتكم«. وألحّ عيسى في نفس الإطار على ضرورة أن يسهر المرشدون والمرشدات على مرافقة الحجاج »روحيا« وأن يؤدوا رسالتهم الفقهية والدينية بكل سهولة وسلاسة للحجاج الجزائريين ولو باللهجة العامية، وقال بأن الرسالة التي تقع علينا جميعا »تفرض علينا واجب التفاوض والتشاور على مستوى إدارات أفواج الحجاج وهو الأمر الذي يدعوكم »المرشدون والمرشدات« إلى التحلي بالانضباط خاصة لإثبات أن الجزائر رغم العواصف والمؤامرات والدسائس هي دولة قوية«. وفي معرض تطرقه إلى ما أسماه »جبهة التيارات الفكرية الهدامة« بالبقاع المقدسة، قال وزير الشؤون الدينية والأوقاف أن مثل هذه التيارات »ستحاول أن تتسلل بين صفوف الحجاج الجزائريين بالبقاع المقدسة لأسباب أو أخرى لبث أفكار هدامة«، وحذّر في هذا المقام من هذه التيارات مؤكدا أن مرجعية التوجيه والإرشاد الوحيدة في الحج هي مرجعية هيئة الإفتاء وفقط. دفتر الشروط تحت أعين أعضاء البعثة سيسهر أعضاء البعثة أيضا على متابعة مدى تطبيق الوكالات المكلّفة بتنظيم رحلة الحج لفحوى دفتر الشروط الخاص بها والعمل على توفير الظروف المناسبة للحجاج الجزائريين لاسيما الإسكان والنقل ونصب مخيمات تكون قريبة من مكان رمي الجمرات. في ذات السياق فقد اختار الديوان الوطني للحج والعمرة 45 وكالة سياحية تتكفل هذه السنة بتأطير ونقل الحجاج من بين 210 وكالة سياحية وفقا لدفتر الشروط.. تجدر الإشارة إلى أن اليوم الأحد سيكون آخر اجل لإيداع تأشيرات الحج على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية، مع العلم أن حجاج هذه السنة ملزمون بتقديم جوازات سفر بيومترية.