يجمع الأخصائيون بأن أمراض القلب والشرايين تعد السبب الأول والرئيسي للوفيات بالجزائر متفوقة بذلك على حوادث المرور والسرطان، هذه الأمراض التي لا تنفك ترتفع أكثر بسبب الضغوط النفسية والتوتر وتغير العادات الغذائية لمجمل الجزائريين خلال السنوات الأخيرة دون إهمال التدخين الذي يبقى من أهم عوامل الخطر في إصابات القلب وانسداد الشرايين. تحيي الجزائر على غرار دول العالم في ال29 من سبتمبر اليوم العالمي لأمراض القلب والشرايين، هذا القاتل الصامت الذي يفتك بأرواح آلاف الجزائريين فجأة وفي سن مبكرة وفي أحيان كثيرة دون مؤشرات. مروان 37سنة زوج وأب لطفلين خرج ليقضي بعض مستلزمات البيت بعد أن طلبت منه زوجته ذلك لكنه لم يعد والسبب أنه توفي بسكتة قلبية بسيارته وهو في طريق العودة. سيدة أخرى لا يتجاوز عمرها الخمسين توفيت بسكتة قلبية في عرس ولم تكن مريضة بالقلب لكنها كانت تعاني من الوزن الزائد، شاب آخر في ال39 من عمره توفي فجأة وهو في سهرة بين أصحابه من أبناء الحي بينما كان يضحك ويقول النكت، توفي دون سابق إنذار وهو يدخن سيجارته العشرين التي أحرقها في جلسة واحدة كعادته وشخص سبب الوفاة بأنه ذبحة قلبية...حالات كثيرة ومتشابهة تلك التي نسمع عنها كل يوم في محيطنا عن ضحايا القلب الذين يرحلون فجأة وفي صمت والكثير منهم لم يشخص لديهم المرض لكنه كان موجودا لأسباب شتى أهمها التدخين والنمط الغذائي غير الصحي، إذا اقترن مع زيادة الوزن وقلة الحركة. معاناة دائمة وقائمة من الممنوعات يعاني مرضى القلب من عدة أعراض تنغص عليهم حياتهم اليومية فهم مهددين أكثر من غيرهم بتوقف النبض المفاجئ أو بتسارع النبض »الخباط« أو انخفاضه ناهيك هن مخاطر الجلطات والذبحات الصدرية، لأسباب شتى أهمها عدم الالتزام بأوامر ونواهي الطبيب فيما يخص الحمية الغذائية أو التقصير في العلاج أو التعرض للتوتر والضغوطات النفسية. تقول أمينة 41 سنة تعاني من المرض:»أكثر ما أخشاه هو تعرضي لصدمة مفاجئة أو سماعي خبرا غير سار أو أن يقوم أحدهم باستفزازي، ساعتها أتعرض للاختناق ويصعب علي التنفس، لذا لا تفارقني أدويتي، لكنها للأسف لا تنفع في بعض الأحيان مما يستوجب نقلي على جناح السرعة إلى المستشفى، وقد أتلقى الإسعافات اللازمة كما قد لا أتلقاها لأن هذا يتوقف على أمور كثيرة في مستشفياتنا«، وتضيف أمينة.» كلما انتابتني نوبة قلبية أشعر أنني في مواجهة الموت المحقق وأتساءل إذا ما كنت سأعود إلى الحياة أم أنني سأفارقها وكلما عاد نبضي طبيعي وتجاوزت مرحلة الخطر إلا وشعرت أنني ولدت من جديد وأن الحياة منحتني فرصة جديدة«. في حين يؤكد سيد علي 49 سنة بأنه يشفق على أبنائه الصغار من فرط خوفهم عليه كلما انتابته نوبة قلبية، فهو لا يخشى على نفسه بقدر ما يشفق عليهم مما يعيشونه معه من معاناة ومخاوف من فقدانه. ويضيف بأن مريض القلب لا يعاني لوحده، بل يحكم على كل محيطه بمواكبة معاناته المستمرة خاصة مع مرور السنوات وتطور المرض. العادات الغذائية السيئة وراء تفشي أمراض القلب أكد رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض القلب البروفيسور محمد بوعافية أن أمراض القلب والشرايين تعد أول أسباب الوفيات بالجزائر، مشيرا إلى أن العادات الغذائية غير الصحية تلعب دورا رئيسيا فيها، مضيفا أن أهم أسباب الإصابة بهذه الأمراض، هي ارتفاع ضغط الدم الشرياني والسكري وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، موضحا أن سوء العادات الغذائية، لاسيما الاستهلاك المفرط للسكر والملح والتدخين، يعد من الأسباب الرئيسية لأمراض القلب. وأكد ذات المصدر أنّ الضغوط النفسية والتوتر أصبحا أحد العوامل الرئيسية في التعرض للسكتة القلبية خلال ال30 سنة الأخيرة.مضيفا أن أكثر من نصف الوفيات سنويا بالجزائر سببها أمراض القلب والشرايين. وعن السكتة القلبية أشار رئيس مصلحة أمراض القلب بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، البروفيسور مرّاد خير الدين، إلى أنها قبل سنوات كانت تسجل بصفة ملحوظة عند النساء الجزائريات بسبب السمنة المفرطة التي طرأت على نسبة كبيرة من الجزائريات، خاصة بعد سن انقطاع الطمث. فيما أكد البروفيسور نيبوش جمال الدين، رئيس مصلحة أمراض القلب ورئيس وحدة العلاجات المركزة لذات الأمراض بمستشفى بارني بحسين داي، أن نتائج الدراسة الوطنية »تاهينا« التي أنجزت عام ,2005 وتستمر فعاليتها حتى العام، 2015 والتي ألقت الضوء على إشكالية تفشي أمراض القلب بالجزائر، أكدت أن ارتفاع الضغط الشرياني يعتبر أحد أهم عوامل الخطر المسببة لأمراض القلب، ويساهم بنسبة 30 بالمائة في تفشي هذه الأخيرة. كما أضاف نيبوش أن داء السكري من بين عوامل الخطر المؤدية للإصابة بأمراض القلب، حيث أكدت نتائج الدراسة أنه يساهم في تفشيها بنسبة 07 إلى 10 بالمائة. لتخلص ذات الدراسة إلى اعتبار أمراض القلب والشرايين أول سبب للموت بالجزائر قبل أمراض السرطان وحوادث المرور اليومية. الصحة العالمية تصنف الجزائر في دائرة الخطر ذكرت دراسة صادرة عن وزارة الصحة الجزائرية وشملت 11 مستشفى، بأن الإصابة بأمراض القلب تعد من أحد أهم أسباب الوفيات في الجزائر، مشيرة إلى الارتفاع المذهل للإصابة بالجلطة القلبية في السنوات الأخيرة، فيما أدرجت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها حول أكثر الأمراض الفتاكة في أفريقيا الجزائر ضمن دائرة أكثر الجنسيات المصابة بداء القلب إلى جانب ثلاث دول الطرف الشمالي من أفريقيا مصر والمغرب والجزائر وليبيا. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 3,17 مليون نسمة يقضون بسبب الأمراض القلبية الوعائية في عام، مّا يمثّل 30 بالمائة من مجموع الوفيات التي وقعت في العالم في العام نفسه، ومن أصل مجموع تلك الوفيات حدثت 3,7 مليون حالة وفاة بسبب الأمراض القلبية التاجية وحدثت 2,6 مليون حالة جراء السكتات الدماغية. وتشير دراسة للمنظمة بأنه بحلول عام 2030 يمكن أن تؤدي الأمراض القلبية الوعائية وأمراض القلب والسكتة الدماغية على وجه التحديد إلى وفاة 3,23 مليون نسمة. وتؤدي الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني لوحدها إلى وفاة 4,9 مليون شخص سنوياً في العالم أي .16بالمائة من مجموع الوفيات في العالم كما تتسبب نفس الإصابة في 51 بالمائة من الوفيات الناجمة عن جلطة شرايين الدماغ و45 بالمائة عن أمراض القلب التاجية.