جيش عشائر ، هذا هو المشروع الأمريكي الجديد في العراق. فقد توصلت واشنطن إلى أن أفضل طريقة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية هو تشكيل جيش من العشائر، بدأت تسميته من الآن بالجيش السني، قد يصل تعداده إلى مائة ألف مقاتل، ويتولى مهمة طرد تنظيم الدولة من المناطق التي يحتلها في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين. القضاء على تنظيم الدولة لن ينهي مهمة هذا الجيش الذي سيكون مصنفا طائفيا كجيش سني، وهو شبيه، حسب ما قال ممثلو التحالف الدولي لرئيس محافظة الأنبار، بقوات البيشمركة الكردية، وهذا يعني من الناحية العملية ظهور الجيش الثالث في العراق، بعد جيش الحكومة، والبيشمركة الكردية. الأنبار منطقة غنية بالنفط، وهذا يعني أنها قادرة على توفير الأموال التي تحتاجها المحافظات المصنفة سنية، ويبقى الجيش، والمال والسلاح هما الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه الدولة، فضلا عن السكان الذين قد يعتقدون بعد سنوات من المعاناة والضياع، أن الحل الأفضل هو تشكيل دولة خاصة بهم. التقسيم أمر واقع في العراق منذ سنوات، فإقليم كردستان منفصل فعليا عن بقية العراق، في حين لا تخفى الهوة الفاصلة بين المناطق التي تسكنها أغلبية شيعية، ومناطق السنة، وقد زاد الاحتراب الطائفي في تباعد هذه المكونات وأعاد رسم الخارطة من خلال عمليات التهجير القسري والنزوح بحثا عن مناطق آمنة في أحضان الطائفة بعد أن سقطت الدولة. تنظيم الدولة الإسلامية، وبرغم قوته الآن، هو مجرد ظاهرة عابرة في نظر المتابعين لشؤون المنطقة، لكن جيشا من مائة ألف مقاتل، سيكون من الصعب تفكيكه في مرحلة لاحقة، والذين شاركوا في الحرب الطائفية، أو الذين تعرضوا للظلم بسبب انتمائهم الطائفي، لن يتركوا السلاح بمجرد تفكيك تنظيم الدولة، والأرجح أنهم سيفرضون أنفسهم كلاعب أساسي على الساحة السياسية، ولن يكون هناك من حل غير تكريس التقسيم، لتصبح للسنة دولة إلى جانب دولتي الشيعة والأكراد. أمريكا حلت الجيش لتفكك الدولة العراقية، وهي اليوم تبني جيش العشائر لتقيم دولة العشائر.