سبقت الاعتداءات الحالية التي يعيشها المسلمون بفرنسا، حملات واسعة من الدعاية المغرضة التي تهدف على تشويه صورة الإسلام والمسلمين في أعين الغرب، وجاءت الرسوم التي نشرتها جريدة »شارلي ايبدو« لتزيد من الطين بلة، وبعد كل من دعوات زمور بطرد الملمسين من فرنسا ووصف الصحفي فيليب تيسون المسلمين بقولهن غنهم جلبوا الغائط لفرنسا، وكذا الترويج لكتاب فرنسا سيتكون مسلمة في 2022، تنام\ى الشعور بالعدائية اتجاه المسلمين وزادت حدة العصبية. تسربت آلاف النسخ عبر الإنترنت من كتاب جديد للروائي الفرنسي »ميشيل ويلبيك« قبل صدوره في المكتبات، وينبئ كتاب الخيال السياسي المعنون ب»خضوع«، في إحالة إلى الإسلام أي »الخضوع لله«، ينبئ بوصول الإسلاميين إلى سدة الحكم بفرنسا سنة 2022. وتبدأ الرواية مع انتهاء الولاية الثانية للرئيس الحالي »فرنسوا هولاند« سنة 2022، حيث نرى الشارع الفرنسي ملتهبا في خضم التجاذبات السياسية للفوز في الانتخابات. وفيما يوشك حزب الجبهة الوطنية على تولي السلطة يهزم حزب الإخوان المسلمين، المتخيل من قبل الكاتب، حزب »مارين لوبين«، وجبهتها اليمينية المتطرفة ويعين رئيس الدولة الجديد محمد بن عباس، لتقلب فرنسا رأسا على عقب وتتحول »جامعة السوربون باريس 3«، إلى: الجامعة الإسلامية باريس- السوربون، وهنا تظهر الكاتبات محجبات. ويضطر بعض الأساتذة إلى اعتناق الإسلام حفاظا على مناصبهم فيما يستقيل آخرون احتجاجا. الرواية يرى الكثيرون أنها فنتازيا سياسية بامتياز، ومن الطبيعي أن تحدث جدلا ما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الشهرة الواسعة لميشيل ويلبيك الروائي الاستفزازي بامتياز، الفائز بجائزة »غونكور« والمنسوب إليه قول »الإسلام أسوأ دين« عام 2001 قبيل إصدار روايته »المنصة«، لكن المثير الهو تسريب النسخ المقرصنة قبل صدور الكتاب والإقبال عليها بأرقام خرافية اعتبرتها الصحف الفرنسية سابقة في تاريخ دور النشر الفرنسية، فخلال أيام فقط سجلت تحميلات لأكثر من 150 ألف نسخة إلكترونية والرقم في تصاعد.وهذا ما يؤكد مرة أخرى سبب العدوان الذي يعرفه المسمون في فرنسا والاضطهاد الذي يعيشونه. وقد صرح الصحفي فيليب تيسون بكل وقاحة في شهر نوفمبر الفارط، خلال حصة تلفزيونية فرنسية حول اللائكية والمدارس الدينية، بعبارات اسلاموفوبية، حيث قال، هذا الرجل البالغ من العمر 87 سنة، إن الأحداث التي عرفتها بعض المدارس لم يقم بها فرنسيون طبعا، من أين يأتي المشكل والاعتداء على مبدأ العلمانية بفرنسا، من المؤكد من طرف المسلمين، وأضاف أن المسلمين جلبوا الغائط إلى فرنسا. من جهته دعا الكاتب والصحافي الفرنسي واليهودي المثير للجدل إريك زمور في تصريح عنصري إلى ترحيل جميع المسلمين الذين يعيشون في فرنسا والذي يبلغ عددهم 5 ملايين مسلم، وتطهير البلاد منهم.ووجه إريك زمور الذي سبق أن هاجم الجالية الإسلامية بفرنسا في كتابه الانتحار الفرنسي، انتقادات شديدة إلى مسلمي فرنسا في حوار أجراه مع الصحيفة الإيطالية، ديلا سييرا، حيث قال إن الفرنسيين اضطروا إلى مغادرة الأحياء الشعبية والضواحي الفرنسية بسبب التواجد الكثيف للمسلمين الذين يعيشون بينهم والذين يطبقون قانونهم المدني القرآن. ووسط هذا المد والجزر، يبقى أن السلطات الفرنسية والتي تؤكد أن قيم الجمهورية تقوم على تكريس مبدأ العلمانية واحترام الأديان، عجزت في ضبط مفهوم الحريات لدى بعض الفرنسيين الذين يسعون من خلال أجهزة إعلام مأجورة لضرب الإسلام والمسلمين، تحت غطاء حرية التعبير، هذه الحرية التي تكون في نظرهم بالاعتداء على مشاعر المسلمين ومقدساتهم وكل ما يؤمنون به.