ما كانت تعيبه حركة مجتمع السلم على جبهة القوى الاشتراكية وقعت في، فقد اختارت هذه الحركة إطلاق مبادرة للحوار مع كل الأطراف، سلطة ومعارضة، وكان هذا الخيار الذي تبناه الأفافاس أولا هو جوهر الخلاف مع تنسيقية الانتقال الديمقراطي، ومن ضمنها حركة مجتمع السلم. حمس تبقى وفية لعادتها، رجل السلطة وأخرى في المعارضة، والأسوأ من هذا أن الحركة لم تستشر شركاءها في تنسيقية الانتقال الديمقراطي بل اختارت أن تتحرك بشكل منفرد، ولعلها بعملها هذا تكون قد أعلنت نهاية تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي بدت، منذ تأسيسها، كناد يجمع المتناقضات والأضداد. لا يخفي رئيس حمس عبد الرزاق مقري الخلاف بين أعضاء التنسيقية حول مسألة الحوار مع السلطة، لكنه يتفق معها على التشكيك في نية الأفافاس من خلال طرحه للمبادرة، أما الحجة فهي موقف الأفلان الرافض للتشكيك في شرعية الرئيس، وهنا تطرح مسألة جوهرية، حمس تضع ضمن قائمة الجهات التي تريد أن تتحاور معها الرئاسة والجيش، باعتبار المؤسستين من ركائز السلطة كما تقول، فأي فرق بين موقف الأفافاس الذي دعا الجميع إلى المشاركة في ندوة الإجماع الوطني، وما يدعو إليه رئيس حمس اليوم؟ الوضع الذي تمر به الجزائر يتطلب حوارا جادا، وتوافقا وطنيا حول كيفية إدارة المرحلة، وهذه المراوغات اللفظية حول الشرعية لا معنى لها، فحمس لن تذهب إلى الرئاسة لتقول إن الرئيس غير شرعي، ولن تتحدث مع قادة الجيش لتقول لهم عليكم أن تعلنوا عدم شرعية الرئيس وأن تقولوا بأننا سنكف عن الاشتغال بالسياسة. حمس لا تملك الشجاعة لتحمل كلفة المعارضة، هي تريد بكل بساطة أن تبقى قريبة من السلطة حتى لا تخسر المزايا التي يمكن أن تترتب عن أي صفقة سياسية، وهي من خلال تحركها الأخير تؤكد أنها لا تفهم جيدا ما يجري على الساحة، وأنها متخوفة من أن تجد نفسها خارج اللعبة في المرحلة القادمة وهي تعرف جيدا أنها لا تملك الامتداد الشعبي الذي يحسن موقعها التفاوضي، وهذا يعيدها إلى ممارساتها القديمة التي ستعجل بانفراط عقد تنسيقية الانتقال الديمقراطي.