تفاقم الوضع أكثر من ذي قبل بقطاع التربية الوطنية، وتأزمت العلاقة بين الوزارة والنقابات، ولاسيما بعد أن أقدمت الوزيرة نورية بن غبريت على إصدار عدد من التعليمات، قضت بالخصم من أجور المضربين، وإجبارهم على العمل، وتهديدهم بالفصل من العمل وتعويضهم بالمتقاعدين، ومنع النقابيين من التواجد داخل المؤسسات التربوية، وهو الأمر الذي جعل الأساتذة المضربين يقاطعون إجراء امتحانات الفصل الثاني، ويمتنعون عن التعامل مع الإدارة في هذا الشأن. دخل قطاع التربية عمليا في مرحلة من الفوضى، وقد وجدت وزيرة التربية نورية بن غبريت نفسها وسط دوامة من الأفعال وردود الأفعال، تسببت فيها التعليمات والأوامر التي عكفت »البطانة المحيطة بها« على تحريرها بالفرنسية وترجمتها إلى اللغة العربية، والمؤسف أن هذا التحرير وهذه الترجمة هو نفسه له نصيبه السيء في تأجيج الوضع، والدفع به نحو التفاقم والتعفين، وهذا هو إحساس النقابات اليوم، التي عبّر بعضها أمس ل »صوت الأحرار« عن استيائه للمضمون الذي حملته التعليمة الخاصة ب »إجراءات امتحان الثلاثي الثاني«، التي أبلغتها وزارة التربية الوطنية إلى جميع مديري التربية عبر الولايات، والمؤرخة بتاريخ 25 فيفري الماضي، وهذا المضمون كان كالتالي: »تنظيم لقاء شكليا يوم 5 3 2015 على الساعة 10 مع كافة النقابات العتمدة .........«. وهنا كل النقابات التي تقربت منها »صوت الأحرار« نصصت على كلمتي »لقاء شكليا«، مع العلم أن هذا اللقاء وفق ما ترى النقابات هو لقاء شبه تمهيدي في نظرها للقاء الوطني الذي قررت الوزيرة بن غبريت عقده مع النقابات بعد يوم عن هذه اللقاءات الولائية. كل نقابات التكتل التي هي بصدد الإضراب أيام 9 و 10 و 11 مارس الجاري ، ونقابة »كناباست« التي هي في إضراب وطني مفتوح متواصل استاءت من هذا الوصف، واعتبرته فضحا للنوايا الباطنية المُبيّتة إزاء انشغالاتها ومطالبها. وحسب الأستاذ بوديبة مسعود العضو القيادي الفاعل في نقابة »كناباست«، فإن وزارة التربية لم تكتف بكل ما سبق، بل »توجهت أول أمس بمراسلة جديدة إلى مديريات التربية للولايات تأمرها بمنع نقابيي المكاتب الولائية من دخول التواصل مع الأساتذة المنخرطين بالمؤسسات التربوية خلال الإضراب، وهي بهذا تريد عزل الأساتذة عن ممثليهم النقابيين، وخلق فوضى بالمؤسسات، وهذا الأمر نحن كنقابة نرفضه، ومن حق النقابي التواصل مع المنخرطين، وخاصة أيام الإضراب، من أجل تأطيره وفق ما ينص عليه القانون، ومن أجل تفادي حدوث أية صراعات أو احتكاكات«، لكن يضيف بوديبة »وزارة التربية تريد لمثل هكذا تعليمات تعفين الوضع، ودفع الإضراب إلى صراعات جانبية، ونحن من الآن نقول نحن لسنا مسؤولين عنها«. وردا عن سؤال حول ما تخفيه مثل هذه التصرفات والسلوكات، قال بوديبة: »ما يحدث الآن من ممارسات ومن إجراءات تدلّ على أن أصحابها لا يهمهم لا الأستاذ ولا التلميذ ولا المدرسة الجزائرية، بل همّهُم الوحيد هو مصالحهم ومناصبهم«. ولتأكيد ما ذهب إليه أضاف بوديبة قائلا: »أعطيك نقطتين للتدليل بوضح تام على ما أقول: أولها، تقارير بلغتنا أكدت أن كل طرق الغش وتبادل الأجوبة وغيرها كانت مباحة في امتحانات الفصل الثاني التي أجريت في بعض المؤسسات التربوية، ذلك لأن المهمّ في نظر هؤلاء أن تجري هذه الامتحانات وكفى، وهناك مؤسسات عديدة رفضت إجراء الامتحانات، وهناك تلاميذ مزّقوا أوراق الامتحان، وما إلى ذلك«. وبالمختصر المفيد قال بوديبة:» إن ما جرى ويجري على مستوى الامتحانات هو فوضى عارمة، ويتعارض مع أبسط القواعد والسلوكات التربوية والبيداغوجية«. والنقطة الثانية أن هؤلاء يريدون مع الوزيرة تغليط الرأي العام، وأن الأمور عادية، ولأول مرة رواتب الأساتذة بعد أن كانت تدخل في الحسابات البنكية والبريدية للأساتذة بعد اليوم العاشر من كل شهر، وهذه المرة ها هي تدخلهم بعد 5 مارس من أجل ممارسة المزيد من الضغط عليهم، ومحاولة تكسير إضرابهم، وتلك إهانة لهم جميعا، والإدارة التي تهدد الأستاذ بالجوع هي في نظرنا إدارة استعمارية«. وعن حادثة المنع من الدخول إلى جمعية عامة بثانوية مزالي خالد في المدية، التي حصلت مع المنسق الولائي لنقابة »كناباست« بأمر من مدير التربية، واستدعائه للشرطة، وكذا ما حدث من غلق متعمد لثانوية طارق بن زياد في براقي بالعاصمة بأمر من مدير التربية أيضا، وهي بها مقرا محليا للنقابة، قال بوديبة: » هؤلاء المديرين يريدون إقحام قوات الأمن في هذا الأمر، ومحاولة خلق صراع بين الشرطة والممثلين النقابيين ومعهم الأساتذة المضربين«. وفيما يخص الدعوة لأي اجتماع أو لقاء مع الوزارة لوقف الإضراب الذي بلغ يومه السابع عشر، قال بوديبة: »لم نتلقّ أية دعوة حتى الآن، ونحن فقط نسمع لتصريحات تصدر من هنا وهناك.