ود عباس لا يريد، حسب أقواله، أن يترشح لانتخابات الرئاسة الفلسطينية المزمع إجراؤها مطلع السنة القادمة، وبمجرد إفصاح عباس عن نواياه انهالت عليه المكالمات الهاتفية حيث تمنى محدثوه أن يعدل عن قراره وأن يواصل مهمته لأن السلام في حاجة إلى خدماته الجليلة. الذين تمنوا بقاء عباس هم الأمريكيون والأوروبيون وأتباعهم من العرب، والمثير للانتباه هو أن الجماهير الفلسطينية لم تخرج إلى الشوارع مطالبة ببقاء عباس، و لم تأت دعوات العدول عن قرار الانسحاب إلا من بعض الوجوه المعروفة في حركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد يعدل عباس عن قراره، وقد لا يفعل، لكنه وعد باتخاذ قرارات حاسمة سيعلن عنها في حينها. هيلاري كلنتون التي قالت إن أمريكا مستعدة للعمل مع عباس بأي صفة جديدة تكون، ومعها إدارة أوباما، هي التي دفعت عباس إلى هذا الإعلان بحكم موقفها المؤيد لإسرائيل والذي أسقط شرط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات، وبكل تأكيد فإن الإدارة الأمريكية الحالية أطلقت إشارات واضحة تفيد استعدادها للاستغناء عن محمود عباس وعن سلطته في حال عدم استعداده لتقديم مزيد من التنازلات للإسرائيليين، ورغم أن البدائل لا تبدو واضحة إلى حد الآن فإن عباس والسلطة دخلا الآن مرحلة الأفول اللهم إلا إذا تم التنازل عن القضية الفلسطينية بالجملة وهذا هو جوهر مشروع نتنياهو المدعوم أمريكيا. رئيس السلطة في أضعف حال بفعل تنازلاته ودوره المشبوه في العدوان على غزة وفضيحة تأجيل التصويت على تقرير غولدستون فضلا عن فضائح الفساد والتواطؤ التي تلاحق أفراد عائلته، وهو الآن لا يجد أي دعم من قبل الشعب الفلسطيني، والانتخابات التي تم الإعلان عن تنظميها تحيط الشكوك بإمكانية نجاحها في ظل الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد يكون الهدف من هذا الإعلان إشعار الطرف الأمريكي بوجوب تخفيف الضغط على هذه السلطة وحفظ ماء وجهها حتى تحافظ على شيء من المصداقية لدى الشارع الفلسطيني، لكن المشكلة هي في مدى استعداد أمريكا لإنقاذ عباس في هذه اللحظة التي يعتبرها الإسرائيليون حاسمة لتحقيق الضربة القاضية.