عاهل المغرب الملك محمد السادس وصف الجزائر بالعدو، وحفل خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، التي حاول من خلالها والده الراحل أن يضم الصحراء الغربية رغم أنف شعبها، بهذا الوصف الذي يسقط كل ادعاءات حسن الجوار والسعي إلى إعادة بعث اتحاد المغرب العربي المتعثر منذ عقد ونصف. الطريقة التي تحدث بها محمد السادس عن الجزائر توحي بأن الرباط تعتبر نفسها في حالة حرب مع الجارة الشرقية، ولا نعلم كيف يمكن بعد اليوم وصف الجزائر بأنها البلد الشقيق، وعلى أي أساس ستبني المملكة طلبها القديم المتجدد بفتح الحدود المغلقة بين البلدين ؟ فالملك يسير اليوم نحو مزيد من التصعيد في المواقف، ويدفع بالتوتر القائم بين البلدين على المستوى السياسي نحو الأسفل ليجعله مشكلة بين شعبين عرفا طيلة عقود من الزمن كيف يحافظون على علاقات جيدة ومتميزة. منذ سنة تقريبا بدأنا نشهد تحولا مأساويا في التصريحات الرسمية المغربية التي انزلقت باتجاه الإساءة البالغة للشعب الجزائري وتاريخه وتضحياته، وقد تجاوز الأمر بكثير حدود اللياقة، وقد سمعنا مسؤولين مغاربة ومقربين من القصر وهم ينكرون حتى وجود شيء اسمه الجزائر عبر التاريخ، وليس لهذه التصريحات أن تغير في واقع الأمر شيئا لكنها ستساهم بكل تأكيد في تدمير ما بقي من ثقة وتجعل من التوتر حالة عداء مستحكمة بين الشعبين وليس بين الحكومتين فحسب. هذه إشارات واضحة على يأس النظام في المغرب من إمكانية تغير الموقف الرسمي الجزائري من قضية الصحراء الغربية، واليأس يمتد ليشمل مسألة فتح الحدود بين البلدين، غير أن اللهجة التي تحدث بها محمد السادس في خطابه الأخير تؤكد أن التأكد من نوايا الأشقاء الذين يتخذوننا أعداء قد يتطلب مزيدا من الوقت وقد تبين لنا الأيام أن حديث الأخوة والتضامن والتكامل الذي طالما ردده الأشقاء لم يكن إلا طعما لاصطياد دولة كان يعتقد منذ ساعات استقلالنا الأولى أنها فريسة سهلة. سيضطر محمد السادس بعد حين إلى وصفنا بالأشقاء وحينها قد لا يجد من يصدقه، وحينها أيضا سيعلم أن من يزرع الحقد لن يحصد سوى مزيد من الغضب والكراهية.