أكّد الدّكتور طه عبد العظيم أبو سبعة، إمام وخطيب الجامع الأزهر بجمهورية مصر العربية في حديثه الذي خصّ به جريدة »صوت الأحرار« أنّ لا أحد يقدر أن يشكّك في دور الأزهر الشريف وريادته لأنّه منارة العلم والعلماء، مشيرا إلى وجود محاولات مقصودة للتّشكيك في أمور الدّين وتشويش صورته الحقيقية من طرف أيادي خارجية تعبث بالأمّة باسم الدّين تنفيذا لمخطّط يراد به تخريب المنطقة والنّيل من أبنائها، وبالمقابل دعا المسلمين وخاصة شبابهم إلى مصالحة مع الله، الاعتصام بحبله والرجوع إلى منهج سيدّ الخلق محمد، وعلى العلماء أن يفيقوا من غفلتهم وينشروا ويوضّحوا للعالم بأسره حقيقة الإسلام للتصدّي لأفكار مغلوطة فاسدة تتخذ من الدّين ستارا ويعمل »الإعلام الفاسد« على التّرويج لها. يؤكّد العديد من الملاحظين أنّ الحكومات المتعاقبة ساعدت على إضعاف الأزهر، وهل تؤكّد صحّة ما يقال عن اختطاف الأزهر سياسيا؟ دور الأزهر يشهد له التّاريخ منذ 1200 عام، ومعروف بكونه منارة للعلم والعلماء، ولا أحد يمكنه التّشكيك في دور الأزهر مهما اختلفت الآراء ومهما أراد الماكرون والحاقدون من تشويش صورة الأزهر الشريف، من أيّ جهة كانوا، دوره معروف ومعهود ولا أحد يقدر أن يشكّك في دوره وريادته لأنّه منارة العلم والعلماء على مستوى العالم العربي والإسلامي على مرّ العصور والأزمنة. هل نفهم من حديثكم أنّ هناك محاولات مقصودة لإقصاء الأزهر عن ممارسة الدّور الأساسي المنوط به؟ هناك محاولات لمحاربة الدّين وليس الأزهر، من قبل الصّهيونية العالمية المعروفة، هناك محاولات للتّشكيك في أمور الدّين، هناك محاولات لتشويش الصّورة الحقيقية لديننا الحنيف، وهي السّماحة والمحبّة والمودّة، خرج علينا من ينتمون للإسلام وينسبون أنفسهم إليه ثمّ يفجّرون ويحرقون ويقتلون ويضربون، فكانت هذه هي الصّورة المزيّفة التي أمام الغرب وبأنّ هذا هو الإسلام وهؤلاء هم المسلمون الذين يذبّحون ويقتلون الأبرياء، بينما الإسلام منهم براء، هؤلاء الذين يحرقون ويقتلون ويضربون ويقطعون الرؤوس ويفجّرون ويفعلون سوءا بالرّجال والنّساء ومن يعتقدون أنّهم أنصار الدّولة الإسلامية، هؤلاء خسروا وخسروا وأسأل الله تعالى أن يعجّل بهلاكهم، ومن المحزن أن هؤلاء استطاعوا أن يصدّروا للعالم صورة مفزعة مشوّهة عن الإسلام والمسلمين. الحرب القائمة اليوم، هي حرب على الإسلام وليس على الأزهر أو المؤسسات الإسلامية في شتّى بقاع الأرض، حرب على الإسلام من تخطيط صهيوني أرادوا به أن يضربوا الإسلام والمسلمين في عقر ديارهم، وينطبق على هذا ما جاء في قوله تعالى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم، قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير". هناك من يؤكّد أنّ الضّعف الذي انتاب الأزهر وفقده بعضاً من دوره وبريقه يقف وراء ظهور الجماعات المتطرّفة في مصر؟ بما أنّك أزهري هل تؤكّد صحّة ما يقال؟ لا، لا، هذا غير صحيح، للأزهر الشريف دور كبير يقوم به، ولكن الذي نراه الآن في الساحة من محاولات مدروسة لتشويش صورته، هي من فعل الإعلام الفاسد الذي شوّه الصّورة الحقيقية للأزهر وشوّش صورة علمائه، وبدأ يستقدم أناسا لا ينتمون ولا يمثّلون مؤسّسة الأزهر، يظهرون عبر مختلف القنوات الفضائية ويفتون في دين الله دون وجه حقّ وبغير علم، بينما يبقى الأزهر هو الأزهر وعلماؤه هم الأزاهرة المعروفين الذين ينتمون إلى الوسطية والاعتدال والسّماحة، وهذه هي أمّة محمّد صلى الله عليه وسلّم وأزهرنا هو أزهر الوسطية الذي ينشر الإسلام. يدرس حاليا بجامعة الأزهر وافدون من أكثر من 250 دولة، يأتون إليه لدراسة العلوم الشّرعية الوسطيّة في أزهر الاعتدال، كما تقدم جامعة الأزهر بعضاً من أفضل البرامج الدراسية في العلوم الحديثة واللغات والدراسات التجارية والهندسة والزراعة، ويدير الأزهر معاهد في أنحاء مصر ويرسل خبراء للتدريس في أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، ومن بين خريجي الجامعة بعض من أبرز العلماء في العالم الإسلامي، بينما يعمل إعلاميون فاسدون على تشويش صورته، وهؤلاء الذين أرادوا بالأزهر شرّا، إن شاء الله تعالى لن يفلحوا ولن ينالوا ما ينالون مهما فعلوا، ثمّ إنّ الجماعات الإرهابية لها أطماع وأهداف خاصة ولا علاقة لها بإعلاء راية الدّين، وإنما تتخذ من الدّين ستارا ليتعاطف معها الشباب ظنا منهم أن هؤلاء مجاهدون وينتسبون للدّين، ومؤسسة الزهر الشريف أول من تبرأ من هؤلاء وأكّد أنّ لا علاقة لهؤلاء بصحيح الدين، ويجب التعامل معهم على أنهم عملاء لأيادي خارجية تريد تخريب المنطقة والنّيل من أبنائها، ليس في إسلامنا تشدّد ولا غلو ولا انحراف، ما تقوم به هذه الجماعات الإسلامية لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستدلال عليه لا من القرآن ولا السنة ولا نهج السّلف الصّالح.. تشهد المنطقة العربية جدلا دينيا مخضّبا بدماء الأبرياء، اعتمادا على فتاوى تتبناها تيارات عدّة، ووسط البلبلة الفكرية تتوجّه أنظار الكثير نحو الأزهر الشريف ليتبيّنوا صحيح دينهم، برأيكم ما سبب ما أصاب الأمة اليوم من وهن وفرقة وبغضاء؟ قال تعالى في كتابه » واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون«، فما أحوج الأمّة اليوم إلى الاعتصام بحبل الله سبحانه وتعالى وإلى الرجوع إلى منهج سيدّ الخلق محمد، وقد حذّر ربنا من مخالفة أمره فقال » فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم« هؤلاء إذا خالفوا أمر الجبار وابتعدوا عن هدي النبي العدنان أصابتهم الفتن والبلاء والوباء والغلاء نسأل الله العافية وأن يسلمنا من ذلك، حذّرنا ربنا من الفرقة والخلاف فقال » ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم«. جاء القرآن موضّحا للصورة الحقيقية بأننا نسيج واحد، أمّة واحدة، ديننا دين واحد، ربنا اله واحد، نبينا محمد هو خاتم النبيين والمرسلين، دستورنا واحد، قبلتنا واحدة فوضّح وبيّن ربنا سبحانه وتعالى ثمّ بعد ذلك نختلف ونتفرّق؟ ونحن نعلم بأن ما ينتج عن الفرقة والخلاف هو الفشل. لماذا الخلاف والشقاق، فلماذا الحسد والحقد والبغضاء والغلّ؟، أين نحن من قول رسول الله » مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي«، كنتم يا جماعة المسلمين خير أمة تخرج للناس تنهون عن المنكر وتأمرون بالمعروف، يد الله مع الجماعة، كفانا فرقة وهيا بنا جميعا إلى الاعتصام بحبل الله، هيا بنا نعتصم بحبل الله تعالى هو دستورنا وقرآننا ومن تركه من جبار قسمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أذلّه الله.. ما المخرج فضيلة الشيخ من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها التي تشهدها عديد الدّول العربية اليوم؟ لا بدّ وأن نرجع إلى النّور، إلى الذّكر، ولا ملجأ ولا مخرج من هذه الأزمات التي تمرّ بها الأمّة إلاّ إذا رجعنا إلى ربنا وإلى القرآن ومنهج نبينا العدنان، افترقت الأمّة مع أنها أمّة واحدة، واختلفنا حتى في بيوتنا وأعمالنا، اختلفنا في أفكارنا وآرائنا ووصل الأمر إلى مهازل، نسأل الله العافية، ما أحوجنا إلى التّواصل والتراحم والترابط حتى نخرج من هذه الأزمات الصّعبة، وعلى جميع المسلمين أن يفيقوا من غفلتهم وأن يعودوا إلى خالقهم عسى الله أن يكشف عنهم الوباء والغلاء، وما أحوجنا إلى المصالحة مع الله تعالى، هو المنجى والملجأ والمخرج من الأزمات السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية، فإذا اصطلحنا معه يسّر أمرنا وفرّج عنا ما همّنا وغمّنا. هل كان لجامع الأزهر دورا أثناء وبعد ثورة يناير؟ نعم، الأزهر يقف دائما موقف الإنصاف في حقيقته للعلوم الشرعية التي يرشدها ويرشد بها النّاس جميعا، هو مؤسسة دينية معروفة من تاريخها ودورها الأكبر هو بثّ العلم والتوعية الإسلامية الحقيقية التي يرشد بها شبابا، رجالا ونساءا كبارا وصغارا، وهو دائما يسير على المنهج الذي علّمنا ربنا ونبينا، "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين". الأزهر الشريف أطلق مبادرات عدّة في إطار خطة شاملة للتواصل مع أبناء الشعب المصري، بهدف تصحيح المفاهيم الملتبسة، ومواجهة الأفكار المغلوطة، وتعزيز روح الانتماء، وترسيخ قيم المواطنة، وتستهدف الوصول إلى الشباب على مستوى الجمهورية، بحيث تعقد ندوات يومية في مراكز الشباب وتجمعاتهم في جميع أنحاء الجمهورية. هناك من ذهب إلى القول بأنّ الأزهر لم يتمكّن من توحيد المرجعيات، حيث أنّ للسلفيين مرجعيتهم وكذلك الإخوان والصّوفيين؟ وأنت أزهري ما ردّكّ على ذلك؟ هذا كلام خطأ، حتى أن القانون ينصّ على أنّ المرجعية الأساسية في مجال الدعوة عندنا هو الأزهر الشريف، لكن بقية التيارات لكلّ منها شأنه، بينما المرجعية الأساسية في مصر هو الأزهر الشريف، وقد نظّم أكثر من مبادرة في عديد الدّول وبين كثير من التيارات الفكرية والإسلامية وحتى التكفيرية، حيث جمعهم، وتحت رعاية الإمام الأكبر، أطلق مبادرة "الأزهر يجمعن"، ففضيلة الإمام أطلق المبادرة الطيبة للمّ الشمل بين جميع الأطياف، حيث جمع جميع الأفكار والآراء للعمل تحت مظلّة الأزهر وهي الوسطية والاعتدال والحرية، لمواجهة الظواهر السلبية التي تواجه النشء والشباب، والدعوة لنبذ العنف والطرف، ومواجهة الإرهاب والفكر التكفيري. وهل انضمّ التيّار السلفي تحت لواء مبادرة الأزهر في لمّ الشّمل وجمع التيارات المتفرّقة؟ عم، ثمّ إنّ التيار السلفي لا يشكّل خطرا كبيرا عندنا في مصر، والكثير من هؤلاء ينتمون إلى مؤسّسة الأزهر، لكن لكلّ واحد فكره، بينما في نهاية الأمر الجميع يخرج تحت مظلّة الأزهر الشريف وإن كان بينهم بعض من الذين يشكّكون أو يخرجون عن الفكر الوسطي فهؤلاء حتما ليسوا بأزهريين. ستدلّ الكثيرون بمقولة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، الذي تولّى المنصب لأكثر من عشر سنوات، عندما سئل مرّة عن نفسه، وكان جوابه "نا موظّف عند الدّولة"، للتّأكيد على أنّ شيخ الأزهر فقد هيبته المعهودة خلال السنوات الأخيرة، ما تعليقكم؟ أنا ما سمعت هذا من الشّيخ الطّنطاوي، الشيخ كان له موقف شديد وكان رحمة الله عليه يمثل رئيس مجلس الوزراء عندنا، وكان لا يملي أحد عليه أيّ قرارات أو يعطيه أية التزامات وكان صاحب الكلمة العليا والأولى، وإن قالها فقد قصد بها أنّه رجل من رجال الدولة أو مسئول في الدولة، كان الشيخ رجل عالم وصادق ويحب الحق ويصدح به ولا يميل إلى هذا أو ذاك. بخصوص الشقّ الثّاني من سؤالكم فإنّ من يشكّك في شيخ الأزهر ودور الأزهر هم قلّة من المغرضين ممّن يحاربون السنّة والفكر الوسطي المعتدل، هؤلاء يريدون التنطّع، يريدون العصبية، يريدون التشدّد، فالذين يشكّكون في دور الأزهر لا يعجبهم نهجه ولا آراء أساتذته ولا علم شيوخه، هؤلاء المشكّكين يريدون فكرهم فقط، ولا يحبون سماع سوى ما يقولون هم فقط، لا يسمعون لأحد ولا يتشاركون الرّأي مع أحد، همّهم الوحيد العصبية التي نهانا الرسول صلى الله عليه وسلّم منها بقوله » إن الدّين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه« وأنا أقول وأكرّر أن المذهب الأساسي عندنا في الأزهر مذهب الوسطية والاعتدال، لا غلوّ ولا تفريط ولا إفراط، عندنا أسس قيّمة طيّبة، واضحة، ظاهرة، عالمة أمام المجتمع العربي والإسلامي، فما يقوم به الأزهر دور كبير. لمن يوجّه الأزهر الشريف أصابع الاتّهام في إحداث الفتنة التي وقعت بمصر وعديد الدّول العربية؟ هي أيادي خارجية لا علاقة لها بالإسلام، وهؤلاء الذين تحدّثوا عن الانقلاب وما شابهه واتّهموا شيخ الأزهر بالمشاركة في سفك الدّماء وغيرها، هؤلاء هم من أرادوا جعل مصر كسوريا أو ليبيا وعديد الدّول التي نسأل الله لها السلامة والعافية، الأمور الآن في مصر والحمد لله رب العالمين بخير ونسأله تعالى أن يرحم جميع الشهداء، فنحن في دولة واحدة، مسلمون نعبد ربا واحدا وندين بدين واحد لا فرق بين سنّي ولا بين سلفي أو إخواني، وكل هذه » إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى أم للإنسان ما تمنى فلله الآخرة والأولى وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى« هي مسمّيات لا نعترف بها، نحن مسلمون، أزهريون وسطيون ندين ونحترم ما قاله ربّنا ونعترف بما قاله نبينا صلى الله عليه وسلّم، ولا ننكر على أحد كلّ له رأيه وكلّ له فكره، ولكن الذي يشوّش ويشوّه صورة الأزهر وعلمائه هم الأيادي الخفيّة الذين يريدون الشرّ والفساد للبلاد والعباد. جميع الجماعات التي تستخدم العنف في أي منطقة في العالم هي جماعات مفسدة محاربة لله والرسول، فالإرهاب موجود في كل مكان، ولن يسلم منه أحد وسيرتدّ على صانعيه، ونحن نستهجن ونرفض العنف وندينه بشدّة وهذا هو نهج الأزهر. ضيلة الشيخ، حتى نضع النّقاط على الحروف، من تقصدون بالأيادي الخفية؟ هي أيادي خفية خارجية، وهؤلاء هم الذين يفجّرون باللّيل والنّهار، يقتلون الضباط من الجيش والأطفال والنّساء والعزّل الأبرياء، من المسلمين وغير المسلمين، يشهد على ذلك آخر واقعة شهدتها ليبيا من ذبح للمصريين غير المسلمين، وهذا نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلّم، ومن يأتون إلى بلاد وهم على غير ملّة الإسلام أمرنا ديننا أن نؤمنهم ونحفظهم ونكرمهم ونرعاهم، ولكن هؤلاء المتعصبين المتشدّدين الذين يغالون في دين الله تعالى، أنا أسمّيهم الخوارج خرجوا علينا بفكر جديد وبدين جديد والإسلام منهم براء. ولكن أغلب مرتكبي الأعمال الإرهابية والاجرامية تخرّجوا من حركات إسلامية؟ هؤلاء لا يعرفون عن دين الله شيئا، هؤلاء ما قرؤوا في كتاب الله شيئا، هؤلاء يؤوّلون ويفسّرون حسب خاطرهم هم، هؤلاء يفسرون كتاب الله خطأ ولا يعرفون عن كتاب الله شيئا، نبينا صلى الله عليه وسلم ما جاء بالسيف، ماجاء بالحرب، دخل الناس في دين الله أفواجا والسبب سماحة النبي، وتراحمه وعفوه، وقد أمرنا بذلك في مواقف كثيرة، ولننظر كيف كان يتعامل مع الجهلاء ومن كانوا يدخلون المسجد ويسبّونه والذين آذوه وألقوا على ظهره القاذورات، ومن أخرجوه من مكّة وطردوه إلى المدينة ومع من ضربوه حتى سالت قدماه، وفي الطائف ماذا كان ردّ النبي على الصحابة وهم يقولون له ادع عليهم فكان جوابه بأنه لم يبعث لعّانا وإنّما رحمة للعالمين، ولما خرج النبي فاتحا منتصرا ومعه القوّة ورجع إلى مكّة مرّة ثانية، وسمع سيدنا سعد بن عبيدة يقول »اليوم يوم الملحمة« فقال الرسول »لا بل اليوم يوم المرحمة". هذا هو ديننا وهذا هو نبيّنا الذي قال له ربّه »فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين«، مرتكبوا الأعمال الإرهابية والإجرامية يزعمون أنهم يحبون النبي وينتمون إلى الإسلام، لا والله هؤلاء خسروا، هؤلاء عندهم أفكار مغلوطة ولا يعرفون عن دين الله شيئا، ولا ينتمون إلى دينه أصلا، من الذي قال ومن الذي أمرهم بأن يأخذوا هذا أو ذاك يذبحونه أو يضربونه أو يحرقونه، وهذا ليس من ديننا وليس في دين الله تعالى، هذه صناعة أمريكية وهؤلاء الدّواعش الخوارج، هؤلاء أهل الفسق والضّلال صناعة أمريكية بحثة، جاءت بهم أمريكا من أجل أن تشوّش صورة الدّين الحقيقي، هؤلاء ليسوا مسلمين، هم يقولون نحن الدّولة الإسلامية أمّا نحن فكفّار عندهم، هؤلاء ليس لهم مجال ولا مكان ولكن هذا الذي يحدث من فتنة صنعتها دوائر أمريكية، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون. وممّا لا شكّ فيه أن الإسلام مستهدف والمسلمين يدفعون الثّمن أيضا، حيث أقدم البعض في الغرب على حرق المصاحف والمساجد، كيف يردّ المسلم على ذلك في وقت غابت العديد من القنوات الشرعية ووجود العديد ممن يتحدثون في أمور الدّين عن جهل؟ الذين يفعلون ذلك، فكرهم ضال يزعمون بأن القرآن هو الذي يورد إليهم الأعمال الإرهابية، وفي أساسه يكمن الفكر المخرّب المدمّر الذي يعامل الناس بالسيف وهؤلاء والله مافهموا شيئا، وقد سافرنا كثيرا إلى الدول الغربية ووجدنا الكثير من الناس يعرفون حقيقة الإسلام والقرآن، وفي بعض الدّول يعتنق أكثر من 150 شخص الإسلام يوميا، دافعهم إلى ذلك سماحة الدّين، ولكن العامل الأساسي الذي عليه هذا الأمر من حرق المصاحف وغيره أنا أرجعها إلى قلّة أو ضعف العلماء في زماننا، نحن في حاجة إلى العلماء، إلى الهمّة والعزيمة لنشر الدّين الصحيح في ربوع الأرض كلّها، في المشرق والمغرب، في أوربا وأمريكا وغيرها، فالآن الدّور الكبير يقع على العلماء، لا بدّ أن يفيقوا من غفلتهم وينشروا ويوضّحوا للعالم بأسره ما هو الإسلام، وأن ديننا دين الرحمة والإخاء والمحبّة والسّلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:»إن الدين يسر، ولن يشاد أحد الدين إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة...". يبدو أنّ من الأئمة أيضا من لا زالوا لم يفيقوا بعد من غفلتهم، حيث يؤكّد العديد من روّاد المساجد أنّ خطب الجمعة أضحت بعيدة عن واقع النّاس، ما ردّك؟ هذا يرجع إلى ضعف بعض العلماء، وضعف الخطيب في علمه وفنياته، أنا أقول إننا في مرحلة تستلزم التطرّق إلى القضايا المعاصرة، وعلى الخطيب أن يعيش الواقع في كلّ لحظة، وعليه عندما يصعد إلى المنبر أن يعالج القضايا التي تمرّ بها الدّولة، وتلك التي تمرّ بها الأمّة، لا بدّ وأن ينشر القيم التربوية الإسلامية بين الناس، عندنا إرهاب يجب التحدّث عنه، نرى فعلا الكثير من الصّاعدين على المنبر يتحدّثون في كلام خارج تماما عن الواقع، فالخطيب بخبراته العلمية والفنية لا بدّ وأن يحدّث الناس بما يفهمون وأن يحاكي الواقع، وأن يتكلّم من قلبه حتى يصل ما يقول إلى قلوب الناس. ألا ترى فضيلة الشيخ بأن الناس في الفتوى انقسمت بين العديد من الصاعدين على المنابر حدثاء سنّ وخبرة ودراية، وبين فتاوى الكترونية بعيدة عن واقع النّاس؟ احمد لله، لدينا في مصر وبفضل المرحلة الأخيرة و قبل أن يصعد الإمام على المنبر ويختار كإمام أو واعظ أو مفتي، عليه أن يمرّ بدورات مكثفة للأئمة والوعاظ حيث يخضع لتقييم من ثلاث نواحي، علميا وفنيا وسلوكيا، حتى أنه مؤخرا وبخصوص قضية الفتاوى الالكترونية اتخذ شيخ أزهر قرارا بمنع إصدار أشخاص لفتاوى دون علم أو تصريح، وحتى بعض الأزهريين ممنوعون من الفتوى إلا بترخيص يمنح لهم صفة مفتي أو واعظ، أو في لجنة الفتوى أو الدعوة والإرشاد بالأزهر الشريف. بعض الخطباء والمفتين يصعدون المنبر ويتحدّث في كلام منافي تماما للواقع، ومنهم من نهل علمه عن مشايخ متعصّبين متشدّدين أو قرؤوا في كتب تشكّك وتدعوا إلى العصبية وإلى الرأي الذي هو حلال وحرام فقط، بينما لدينا في دين الله ما يجوز والمباح والمستحب والمكروه وغيرهم، الصحابة اختلفوا في أمور كثيرة بينهم وبين بعضهم بخصوص الدعوة والفتوى، الدّين مبني على التّيسير وليس على التّعسير. ماذا انطفأت الصّحوة الإسلامية التي شهدتها سنوات الثمانينات الميلادية في العالم الإسلامي وحلّ مكانها التّكفير؟ اليوم والحمد لله عادت الصحوة الإسلامية، أمة النبي صلى الله عليه وسلم دائما لا تحمل للتشاؤم همّا، نحن الآن وبفضل الله تعالى نعيش صحوة إسلامية، الفترة الماضية كانت فترة اسميها »أمل بلا أمل« والصحوة اليوم هي »أمل بلا ألم«، ونحن في هذه الأيام المباركة نعيش نفحات مولد النبي صلى الله عليه وسلم نطمح وندعو الله تعالى أن يصلح البلاد وأحوال العباد، وأن تعود أمة النبي إلى ما كانت عليه من عزة وكرامة وتكون في مقدّمة الأمم. في ظلّ الأوضاع الصعبة والأحداث المخضّبة بدماء الأبرياء، هل تخشون دخول مبدأ التعايش السّلمي بين المسلمين وأصحاب الدّيانات الأخرى نفقا مظلما؟ لا، نحن نعيش في وطن واحد، كلّ له حرية الاعتقاد، كلّ يعبد ما يشاء،»إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب«، كل له فكر مع نفسه وديانة ويعتقد ما يعتقد مع نفسه، نحن في وطن واحد وهم إخوتنا في الوطن، وكل منا له عقيدة ويعبد ربّه حيثما شاء وهكذا علّمنا نبينا صلى الله عليه وسلّم. ماهي رؤيتك لمستقبل مصر وسائر الدّول العربية؟ والله غالب على أمره، عندنا أمل كبير في الله تعالى، دائما نطمح ونطمع في كرمه وسخائه سبحانه، نسأله الله أن يصرف عنا البلاء والوباء وسوء الداء ونسأل الله تعالى أن يحقّق لأمتنا العربية والإسلامية أمر رشد إن شاء الله رب العالمين ونسأله أن يعيد لهذه الأمة المجد لأنها الأمة الخيرية التي أعطاها سبحانه وتعالى الأفضلية، قال تعالى »كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون«، وحذّر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله »يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت«، نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى كلّ الأمّة المحمدية، نحتاج الآن إلى تكاثف وترابط، قال ربنا» واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون« وقال »ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم«، نحن بحاجة إلى مصالحة مع الله، وإذا اصطلحنا مع الله يسّر لنا أمرنا وأصلح أحوالنا، وعلى الجميع أن يعلم أن المرحلة القادمة تتطلب العمل والاتفاق على رؤية موحدة وخطوات عمل محددة. كيف وجدتم الشعب الجزائري ودعاته؟ الشعب الجزائري شعب مضياف معطاء وكريم، ما التمست في شعبه إلا خيرا وطيبة وتقديرا كبيرا للعلماء والمشايخ، منّي تحية وسلام لكل علمائه ومشايخه ودعاته، وعبر جريدتكم أبلّغ سلامي إلى الشيخ شمس الدين الجزائري الذي أتابع فتاواه عبر قناة النهار، هو رجل موصول بالله تعالى، ورجل فاضل نسأل الله تعالى أن يتمّ عليه الصحّة والعافية، هو يفتي عن علم ودراية ويتكلّم عن قلب والحديث من القلب يخرج ويدخل إلى قلوب النّاس، التقيت به لأوّل مرّة في الجزائر ولكنني كنت أسمعه من قبل وأحسبه والله حسيبه رجل ملهم وموصول بالله نسأل الله أن يبارك فيه وفي أولاده، ووالله لا أقول هذا مجاملة وإنّما يشهد الله على قسمي أنني شخصيا أحببته لأنّه رجل طيّب ومتواضع ويدافع عن كتاب الله وسنّة نبيّه حقّ الدّفاع، ورجل يغار على دينه وحرمات الإسلام والمسلمي، أسأل الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين وأن يبارك في عمره ويحسن عمله. نصيحة لشباب اليوم؟ أقول لجميع الشباب في ربوع الوطن العربي والأمة الإسلامية اتّقوا الله في شبابكم واعلموا أنكم ستسألون أمام الله تعالى عن شبابكم فيما أفنيتموه، حافظوا على أوطانكم واعلموا بأن الوطن والانتماء إلى الوطن أمانة ولا تنشغلوا أو تقتادوا إلى هؤلاء الذين يقتلون ويذبّحون، وابتعدوا وكفّوا عن الأفكار الفاجرة الهدّامة التي تنتج مثل هذه الأعمال الإجرامية التي نشاهدها اليوم ولا ترضي الله ورسوله، أقول للشباب سيروا على نهج نبينا صلى الله عليه وسلّم واعتصموا بحبل الله المتين، عليكم بالوسطية والاعتدال في دين الله، ويا معشر الشباب لا تغترّوا بشبابكم فكم من شاب سبقكم إلى الموت.