لقي الإضراب الذي دعا إليه المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي استجابة واسعة عبر كل المؤسسات الجامعية، حيث تذهب التقديرات الأولية لنقابة ال »كناس« إلى حد التأكيد بأن الشلل الذي عرفه قطاع التعليم العالي ابتداء من يوم أمس لم يعرف له مثيلا منذ إضراب 1998 الذي هدّد حينذاك بسنة جامعية بيضاء، وعلى ضوء هذه الاستجابة »غير المنتظرة« تقرّر الذهاب بالإضراب إلى نهايته، أي لمدة أسبوعين. دفعت النتائج التي خرجت بها الجمعيات العامة المنعقدة أمس على مستوى أغلب الجامعات في أول أيام إضراب الأسبوعين القابل للتجديد الذي تبناه المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، إلى اتخاذ قرار بمواصلته إلى حين »الحصول على الملموس« من طرف السلطات العمومية وفي مقدمتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خصوصا فيما يتعلق بالتزاماتها تجاه الأساتذة في الشق المرتبط برفع الأجور »لتصبح في نفس المستوى المعمول به في مختلف جامعات العالم«. وبناء على هذه المعطيات الأولية فإن المنسق الوطني لل »كناس« عبد المالك رحماني استبعد في تصريح خصّ به »صوت الأحرار« أن يتم تعليق الحركة الاحتجاجية خلال الدورة الطارئة للمجلس الوطني لهذا التنظيم النقابي التي تقرّر عقدها على يومين ابتداء من يوم غد الثلاثاء بالعاصمة، وقد أسّس محدثنا هذا الموقف بما أسماه »الإجماع الحاصل على مستوى الجمعيات العامة التي دعونا فروعنا إلى عقدها خلال اليومين الأوّلين من الإضراب..«، وعليه سيقتصر الاجتماع الطارئ لقيادة ال »كناس« على تقييم الوضع والتفكير في الخطوات التي يمكن اتخاذها بعد إضراب الأسبوعين. وفي موضوع الإضراب كذلك اعترف رحماني بأنه »شخصيا لم أكن أنتظر مثل هذه الاستجابة الواسعة عبر كل المؤسسات الجامعية من خلال التجنّد الكبير للأساتذة مع حركتنا الاحتجاجية«، واستثنى هنا فقط الأساتذة المتعاقدين الذين اعتبرهم غير معنيين، مشيرا إلى أن الجمعيات العامة التي احتضنتها مدرجات الجامعات وصل بها عدد الحاضرين إلى أكثر من 250 أستاذ بحسب الأصداء التي استقاها ال »كناس« عبر فروعه في أول يوم من الإضراب الذي وصفه المتحدث ب »غير المسبوق من حيث نسبة الاستجابة منذ إضراب 1998«. ونقلا على ما جاء على لسان المنسّق الوطني لل »كناس« فإن توقيف الحركة الاحتجاجية لن يتحقٌّق في مثل هذه الظروف، حيث ربط خيارا من هذا القبيل بمدى التزام السلطات العمومية التنفيذ الكامل والفوري للقرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي بجامعة سطيف خلال إشرافه على الافتتاح الرسمي للسنة الجامعية الجديدة، مشيرا إلى أن أساتذة التعليم العالي يرفضون قبول مزيد من الأعذار ولا التأجيل في التعامل مع مختلف انشغالاتهم وفي مقدمة ذلك »إعادة الاعتبار لهم برفع الأجور..«. يذكر في هذا السياق أن اجتماعا عاجلا عقد الخميس الماضي بين ممثلين عن ال »كناس« مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي رشيد حراوبية، لكن هذا اللقاء لم يخرج بأية نتيجة سوى الاتفاق على عقد اجتماع ثان في غضون أسبوعين بعد أن اشترطت قيادة مجلس أساتذة التعليم العالي بتنفيذ توجيهات الرئيس بوتفليقة، وعلى إثر ذلك فإن عبد المالك رحماني لم يستبعد حينها إمكانية تعليق إضراب الأسبوعين بعد دورة المجلس الوطني لهذا الثلاثاء، لكن على ما يبدو فإن الأساتذة لا يريدون التنازل هذه المرة وهو ما يعني كسر »هدنة« عمرها عامان تبنى خلالها أكبر تنظيم نقابي في القطاع الحوار بدل الاحتجاج للوصول بهذه المشاكل إلى حل دون جدوى.