خلال تبادل التهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك، طور الجمهور في الجزائر عبارة تهنئة جديدة ، يتم بموجبها قول " عيد مبروك " وليس " عيد مبارك " باعتبار أن كلمة مبارك هي " اسم الرئيس المصري حسني مبارك " .. صحيح أن هذه التهنئة الجديدة تأتي في سياق النكت التي يشتهر بها الشارع العربي بصفة عامة، لكنها جاءت في سياق مختلف عما بينته الدراسات الإعلامية من كون النكت عادة ما تنتشر وتزدهر وتتكاثر في حالات الأزمة، وخاصة في حالات غياب فرص التعبير عن الرأي .. إن نكتة " عيد مبروك " بدل " عيد مبارك " ، جاءت في سياق " فرحة الجزائريين بتأهل فريقهم لكأس العالم، لكنها في نفس الوقت جاءت في سياق الأزمة التي نشبت بين البلدين، خاصة على الصعيد الإعلامي والشعبي. وليس مستبعدا أن تكون النكتة تدل بوضوح عن عمق الشرخ بين الشعب المصري والجزائري ، وعن عمق الجرح الذي خلفه التناول الإعلامي خاصة الفضائيات المصرية لمباراة مصر الجزائر قبل وبعد مبارتي القاهرة والخرطوم. إن هذا الجرح الذي تسبب فيه إعلاميون غير مسؤولون ، بمباركة رسمية من قبل سلطات القاهرة ، يصعب تضميده وتطبيبه بالسرعة اللازمة، رغم " بزوغ " أصوات في كل من الجزائر ومصر تدعو إلى " فعل شيء " وفي أقرب الآجال. بعد أن تهدأ الأعصاب .. سيولد الشعور ، بل القناعة، بأن وسائل الإعلام ، خاصة الفضائيات خلفت جريمة بشعة في حق الشعبين الجزائري والمصري. قناعة تؤكد أن الذي وقفوا خلف الكاميرات، أو جلسوا في بلاتوهات التحليل، لم يكونوا إعلاميين ولا محللين، بقدر ما كانوا " مجرمي حرب ". إن قناعتنا بهذا الجرح الغائر الذي خلفته تلك الوسائل الإعلامية المتطرفة وغير المسؤولة، وقناعتنا بأن إعادة بناء العلاقات بين البلدين حتمي، ولابد أن يتم رغم ما كان، لا يعني إطلاقا أننا نرضى بالاستهداف المستمر للجزائر وللجمهور الجزائري، من قبل الفضائيات المصرية والمسؤولين المصريين الرسميين وشبه الرسميين، ولا يعني إطلاقا أننا نرضى باستمرار حصار سفيرنا في القاهرة السيد عبد القادر حجار، وتضييق حركته، وإلزامه بتبليغ الخارجية المصرية عن أي حركة قبل ساعتين أو ثلاث ساعات .. مع تثميننا وتقديرنا البالغ للأصوات العاقلة التي بدأنا نسمع صوتها يشق فضاء القاهرة. كل عام والجزائريين بخير .. عيد مبروك للجميع ..