أعلنت الحكومة نيتها في تجديد العقد الوطني الاجتماعي والاقتصادي الذي تنتهي مدته في شهر أكتوبر المقبل، من أجل الحفاظ على وتيرة النمو الاقتصادي والاجتماعي المسجلة خلال السنوات الماضية وتهيئة ظروف انتقال الاقتصاد الوطني إلى مرحلة ما بعد البترول. جددت الحكومة أمس التزامها أمام الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين للذهاب بعيدا في توفير الظروف الملائمة لتنفيذ بنود العقد، كما أعلنت استعدادها لتجديد هذا العقد لفترة جديدة بعد انقضاء الفترة الحالية في شهر أكتوبر المقبل بهدف وضع البلاد في طور التنمية المستدامة والحفاظ على نسبة النمو الاقتصادي وكذا الحفاظ على السلم والاستقرار الاجتماعيين. وحسب التقرير الذي قدمته الحكومة فإن عديد من أهداف العقد الوطني الاجتماعي والاقتصادي تحققت في الميدان رغم الآثار المترتبة عن الأزمة المالية العالمية والتي أثرت على حجم عائدات الجزائر من المحروقات بسبب تراجع أسعار البترول من معدل 90 دولار للبرميل سنة 2008 إلى معدل 52 دولار خلال السداسي الأول من سنة 2009 إلى جانب انخفاض الحجم الإجمالي لصادرات البلاد حيث انتقل من 68 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2008 إلى ما يقارب 36 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى للسنة الجارية أي بتراجع يصل إلى 32 مليار دولار، كما أشارت الأرقام المقدمة من قبل الحكومة في المقابل إلى تضاعف واردات السلع بصفة غير معقولة بين سنتي 2005 و2008، بانتقالها من 19.8 مليار دولار إلى 39.6 مليار دولار، مؤكدة إلى أنه تم احتواؤها خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة الجارية في المستوى المسجل في السنة المالية المنصرمة أي 32.6 مليار دولار. كما شددت الحكومة في تقريريها عن الآثار المترتبة عن الأزمة المالية العالمية على انخفاض فائض الميزان التجاري من 35.5 مليار دولار إلى حوالي 3.5 مليار دولار خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2009، وقالت إن ميزان المدفوعات الذي سجل فائضا خلال السنوات الأخيرة قد يشهد عجزا طفيفا خلال السنة الجارية، وأن حجم احتياطي الصرف سجل ارتفاعا خلال السنة الجارية بفضل تراجع الواردات قدرته الحكومة ب147 مليار دولار إلى غاية نهاية شهر أكتوبر. وحسب الحكومة فإن ميزانية الدولة تشهد منذ سنوات تناميا مستمرا للنفقات مع ارتفاع طفيف لحجم الجباية العادية والتي ستصل إلى 1252 مليار دينار سنة 2009 وهو حجم منخفض مقارنة بمستويات الاستثمارات التي شرع فيها، وتفسر الحكومة هذه الوضعية بالتخفيضات الجبائية الهامة بالنسبة للأجراء والمستثمرين، وبوطأة الغش الجبائي، كما أشار التقرير إلى تراجع هام للجباية البترولية، وانطلاقا من المعطيات الآنفة الذكر فإن عجز الميزانية سيتفاقم خلال السنة الجارية وكذا السنوات المقبلة، وحسب الحكومة فإن عجز الميزانية العمومية أصبح ظاهرة منتشرة في العالم وقالت إن الجزائر تتوفر على الوسائل التي تمكنها من مواجهة هذا العجز من خلال التراجع القوي للديون الخارجية وكذا من خلال الموارد العمومية المدخرة على مستوى صندوق ضبط الإيرادات والتي تقدر بأكثر من 4000 مليار دينار، ومن وجهة نظر الحكومة فإن الوضع يبعث على القلق في على المدى المتوسط، وهو ما يستدعي حسب المصدر نفسه رفع وتنويع الموارد الجبائية للخزينة لضمان مواصلة سياسة العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني وتمكين الدولة من الاستمرار في المساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد. وأكدت الحكومة مجددا أن خيار اقتصاد السوق لا رجعة فيه وأن ما بادرت به مؤخرا من تشريعات إنما هي تدابير لضبط وحماية الاقتصاد الوطني، من خلال إلغاء القرض الاستهلاكي بعد ارتفاع فاتورة واردات السيارات بمعدل ثلاث أضعاف ما بين 2006 و2008، إلى جانب التدابير الخاصة بالتجارة الخارجية واعتماد قواعد جديدة مطبقة على الاستثمارات الأجنبية.