استطاع حزب جبهة التحرير الوطني أن يحقق عديد الانتصارات والإنجازات خلال سنة 2009 التي كانت شاهدة على خطوات هامة قام بها الحزب العتيد، الأفلان كسب رهان الرئاسيات بعد فوز عبد العزيز بوتفليقة في رئاسيات أفريل 2009، كما تمكن من الوصول إلى نقطة توازن بعد لم شمل المناضلين وتجاوز كل العراقيل من خلال التحضير للمؤتمر التاسع المزمع عقده في الثلاثي الأول من العام الجديد 2010. لا يزال الأفلان باعتباره القوة السياسية الأولى في البلاد يشكل حلقة أساسية في اللعبة السياسة بالجزائر وبالرغم من عدد الأحزاب الكبير، إلا أن خصوصية هذا الحزب أبت إلا أن تجعل منه قوة سياسية في الطليعة، ولعل التجذر الشعبي للحزب والقوة الكامنة التي يزخر بها مكنته من تجاوز كل المعتركات السياسية، فبعد أن توهم الكثيرون أن الأفلان انتهى مع إقرار التعددية الحزبية بمقتضى دستور 1989، برهن الحزب أنه قادر على مواصلة الدرب والانتقال من نظام الأحادية الذي قاده بمحاسنه ومساوئه إلى نظام تعددي، عديدة هي العقبات التي اعترضت طريق الحزب لكنها لم تثن عزم أبنائه المخلصين الذي أمنوا برسالة نوفمبر من أجل التواصل والمضي قدما. في سنة 2005 استطاع الأفلان مرة أخرى ومن خلال المؤتمر الثامن الجامع أن يجمع شمل مناضليه وينطلق بنفس جديد بعد أزمة كادت تعصف بالحزب نهائيا، وبالفعل عمدت قيادة الحزب خلال تلك الفترة التي تلت المؤتمر الثامن إلى جبر الكسور التي خلفتها المراحل السابقة لا سيما بعد أن أصبح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للحزب ودعته إلى التعجيل بتعديل الدستور والترشح فيما بعد إلى عهدة رئاسية ثالثة، بوتفليقة الذي أعلن عن التعديل الجزئي للدستور نهاية 2008 استجاب لرغبة الأفلان في الترشح ولكنه فضل أن يكون مرشح الإجماع. ومن هذا المنطلق خاض الحزب العتيد قيادة وقواعد حملة انتخابية قوية ومميزة مع نهاية شهر مارس من العام الجاري، وبالفعل فاز بوتفليقة بالأغلبية الساحقة التي كان يطمح لها والتي قال إنه لن يرضى عنها بديلا، هذا الانتصار وجه ضربة موجعة إلى كل من أعابوا على الأفلان مساندة بوتفليقة وحاولوا استهداف الحزب بشتى الوسائل. الأفلان كسب الجولة لكن المعارك السياسية تبقى طويلة، فمباشرة بعد الرئاسيات بدأ التحضير للمؤتمر التاسع الذي يفترض أن يعقد بداية العام الجديد، هذا المؤتمر أرادت له قيادة الحزب أن يكون مميزا لأنه يحمل آفاقا واستشرافات واسعة تعبر عن التصور المستقبلي للأفلان، حيث أشارت قيادة الحزب في عديد المناسبات إلى ضرورة التميز في هوية الحزب الذي ينفرد بشهادة ميلاده وهي بيان أول نوفمبر، وبالرغم من أن عديد الأحزاب تنسب نفسها إلى بيان نوفمبر إلا أن الهوية النوفمبرية تبقى خاصية لا يقبل الأفلان أن يتنازل عنها. وفي هذا السياق تم تنصيب لجنة وطنية للتحضير لهذا المؤتمر تكفلت بإبراز المنطلقات الفكرية والمرجعية الخاصة بحزب جبهة التحرير الوطني، كما تميز بتاريخه وتراكم تجاربه ومساره الغني بالتجارب والأجيال والمتأصل بجهد وأفكار المناضلين والمجاهدين الذين خدموا الدولة الجزائرية بكل ما أوتوا من قوة، وبذلك فإن قيادة الأفلان أرادت أن يكون المؤتمر التاسع بمثابة انطلاقة جديدة على أرضية صلبة يمكن لجميع الأجيال أن ترتكز عليها، بما يضمن الديمومة والتواصل لحزب متجذر في الأوساط الشعبية واستطاع أن يحقق انجازات كبيرة. موازاة مع التحضيرات التي شهدها المؤتمر التاسع لم تغفل قيادة الحزب عن تجنيد مختلف القواعد من منتخبين محليين من أجل إنجاح الانتخابات الجزئية لمجلس الأمة التي خاضها الأفلان بكل قوة واستطاع من خلالها أن يحافظ على الأغلبية من المقاعد من خلال الفوز ب 23 مقعدا في مجلس الأمة، الطريق كان طويلا لكن العبرة بالنهاية، فقد تمكن الحزب من رص صفوف مناضليه ، ويبقى أن هناك بعض الممارسات الشخصية التي استغلتها بعض الأطراف من اجل التشكيك في مصداقية الحزب، لكنها في الأخير لا تعكس إلا أصحابها. بالفعل كانت سنة 2009 مميزة بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني بالنظر إلى كل هذه الإنجازات التي تم تحقيقها والتي هي في الأصل مجهود سنوات من العمل، ولعل خير دليل على التوافق الذي وصل إليه الحزب خلال هذه السنة هو ما قاله الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم حول الظروف التي يعيشها الأفلان في الفترة الراهنة والتي تتميز بالهدوء والاستقرار بما يمكن هذه التشكيلة السياسية أن تبقى رغم كل التحالفات الموجهة ضدها ورغم كل الخطابات والدسائس التي تستهدفها، القوة الأولى والأقوى في البلاد باعتبار أنها استطاعت وبشهادة الخصوم أن تتكيف مع كل المعطيات والتغيرات المجتمعية التي عرفتها الجزائر، في وقت يعلم فيه الجميع أن خير حليف للحزب العتيد هو الشعب الجزائري.