دافع رشيد حراوبية وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن التدابير التي أقرّتها مصالحه من أجل تعميم استعمال اللغة العربية في المؤسسات الجامعية وإداراتها، بخلاف الاتهامات التي وجّهت لها، معتبرا أن بعض المتطلبات التكنولوجية الحالية تفرض على الجامعة الجزائرية إبقاء تدريس بعض التخصّصات التقنية باللغات الأجنبية خاصة منها الرياضيات والفيزياء والكيمياء وحتى الإعلام الآلي وعلوم المهندس بعيدا عن الاعتبارات السياسية. برّر حراوبية الذي كان يتحدث في جلسة الأسئلة الشفوية بالمجلس الشعبي الوطني، أول أمس، الإبقاء على تدريس بعض التخصّصات التقنية في الجامعة الجزائرية اللغات الأجنبية دون العربية بسلم الأولويات، مشيرا إلى أن هذا الإشكال لا يواجه الجزائر فحسب وإنما ينطبق على كافة الدول العربية، مؤكدا أن دائرته الوزارية حريصة على تعميم استعمال اللغة العربية ونشرها على أوسع نطاق خاصة لدى حديثه عن بعض الإجراءات التي اتخذت في هذا الاتجاه من قبيل تعريب غالبية الفروع منذ سنة 1973 بما في ذلك بعض التخصّصات في العلوم الدقيقة. ولم يتوقف ردّ الوزير على هذا الأمر لأنه تابع وأوضح بالتفصيل بأنه »لا ينبغي التسرّع والمغامرة عندما يتعلق الأمر بتخصصات تحتاج إلى تأطير ومخزون وثائقي«، قبل أن يضيف بأن التعريب في مثل هذه الحالات يبقى غير متاح بما يسمح كذلك باتخاذ قرار في هذا الاتجاه في تخصّصات مثل علوم المهندس والعلوم التقنية التي يتطلب الالتحاق بها مستوى علميا كافيا دون فرض شروط متعلقة بضرورة توفر قدرات استثنائية في اللغات الأجنبية، حيث يتم الاقتصار هنا على أولوية التحكم في المصطلحات المستعملة في التخصصات المعنية دون شرط اللغة. أما بخصوص الاتهامات التي أطلقها النائب مولود حشمان بوجود ملحق السفارة الفرنسية بإحدى المدارس التحضيرية بالعاصمة، فقد نفى حراوبية ذلك جملة وتفصيلا، وأشار إلى أن ما تحدّث عنه النائب لا يعدو سوى أن يكون مكتبا لخبراء من أساتذة أجانب قدموا إلى مدرسة العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير في إطار لا علاقة له أساسا بهذه السفارة، والأصحّ حسب كلام الوزير أن هؤلاء جاؤوا ضمن اتفاقيات التعاون بين المؤسسات الجامعية الجزائرية ونظيراتها الأوروبية. وفي الموضوع ذاته شرح رشيد حراوبية أن معلومات النائب غير صحيحة البتة بدليل، كما أورد، أن هؤلاء الخبراء جاؤوا في مهمة بيداغوجية بحتة دامت أسبوعين بغرض استكمال البرامج الإعدادية للمدارس العليا التي تستعد بعد عامين لاستقبال خريجي الأقسام التحضيرية التي تم استحداثها خلال الدخول الجامعي الأخير، حيث أشار إلى أن هذه الأقسام لقيت نجاحا كبيرا باعتبار ترشح 58 ألف حامل لشهادة البكالوريا دورة جوان 2009 للظفر ب 2200 منصب تكوين ممنوح. وفي المقابل كشف وزير التعليم العالي أن لغة التدريس على مستوى هذه الأقسام التحضيرية تحدّد بحسب البرنامج التعليمي لها وهو ينقسم إلى ثلاثة أنماط، يتضمن الأول الوحدة التعليمية الأساسية في العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير باللغة العربية دون سواها، فيما تدرّس مواد النمط الثاني من الرياضيات والإحصاء والإعلام الآلي باللغات الأجنبية، إلى جانب نمط ثالث يتعلق باللغات الأجنبية التي علّق عليه حراوبية ساخرا بالقول: »وهل تريدوننا أيضا أن ندرّس اللغات الأجنبية بالعربية..«. كما أشار الوزير، وهو يتحدّث بإسهاب عن المدارس التحضيرية، إلى أن الطلبة الذين يلتحقون بها يتم اختيارهم على أساس قدراتهم، بما يعني أنه زيادة على تحكمهم في تخصّصهم وإتقانهم اللغة العربية التي هي لغة وطنية فإنه »يجب أن يكونوا متحكمين في لغتين أجنبيتين على الأقل من أجل امتلاك القدرة على التواصل والتحكم في التقنيات الجديدة في مجال الاختصاص«.