كثيرة هي الهياكل الثقافية التي أنجزت مؤخرا وفي مناطق عديدة من القطر، وسمحت باستحداث حركية إبداعية متنوعة على مدار السنة وإن احتاجت إلى التنظيم والنوعية. غير أنه إذا كان هذا التذكير من باب أن لا نبخس الناس أشياءهم خاصة القائمين على شؤون القطاع، إلاّ أنه من باب لفت الانتباه القول بأن بعض الهياكل الهامة أيضا انتهت أشغال بنائها أو تجديدها لكنها بقيت موصدة في وجه الجمهور ولم يتمّ فتحها لأسباب مختلفة. لعلّ من أهم المنجزات قطعا وبالرغم من سنوات الانتظار الطويلة جدا أي منذ الثمانينيات، المعهد العالي للموسيقى في قلب العاصمة، فهذه التحفة المعمارية التي أسالت لعاب بعض الوزارات وأرادت »الاستحواذ عليها« لم ينته تجهيزها الكلي كما أنها لم تنفتح على الجمهور والمحيط في قلب مدينة كبيرة كالعاصمة، وإلى أن يقع ذلك، على الطلبة والأساتذة وبرنامج التكوين وتطوير هذه المؤسسة أن ينتظر. هناك مؤسسات أخرى لم يتم تجهيزها واستغرقت وقتا طويلا منها قاعة ابن خلدون بالعاصمة و متحف السينما بالعربي بن مهيدي ناهيك عن قاعة المتحف الملحقة بشارع خليفة بوخالفة إضافة إلى قاعة الأطلس بباب الوادي التي لا تنشط تماما وكأنها هيكل ميت.. إضافة إلى هذه المؤسسات والمراكز الثقافية نذكر مؤسسات لم يعيّن من يشرف عليها حتى تقوم بدورها التنويري كاملا، مثل المكتبة الوطنية بالحامة التي صارت أروقتها باردة بلا تفاعل وكتب دون ترتيب ونظام على الرفوف، ومؤسسة قيل عنها الكثير ولا تزال وأعني المركز الوطني للكتاب وهي تنتظر.. هناك مشاريع لم تكتمل لمسارح جهوية وقاعات عرض ومتاحف، ثم ماذا عن البرامج الكبرى خاصة مدينة الإنتاج السينمائي والإعلامي ومركز الإنتاج السينمائي والدرامي؟ يقينا، ففي غياب انفتاح ثقافي ذكي على الجمهور والمدينة يبقى التفاعل ضعيفا أو ناقصا مع كافة أشكال التعبير والبيان من أداب وفنون. تبذل الجهود لتطوير أداء القطاع الثقافي لتصير الثقافة والفنون أداة لتعلّم الحضارة وترقية الإنسان ضمن جهود التنمية الوطنية، لكن أن تبقى هياكل هامة تنتظر الآتي ولا يأتي فهذا يثير أكثر من سؤال. »الداء الذي حيّرنا وما وجدنا له حلاّ بعد في هذا البلد هو البيروقراطية« عبد العزيز بوتفليقة