حذّر عبد المالك سايح المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، من خطر إمكانية تحوُّل الجزائر إلى بلد مستهلك للمخدرات خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب التوجه العالمي نحو استهلاك مادة الكوكايين ما يعني، حسبه، رواج القنب الهندي القادم من المغرب، وهو ما دفعه إلى وصف الوضع ب »الكارثة الكبرى«، متمها رجال أعمال ومستوردين ومقاولين بالضلوع وراء شبكات التهريب عبر مختلف المناطق الحدودية. أشار مدير ديوان مكافحة المخدرات وإدمانها إلى أن هناك صعوبات في مواجهة شبكات تهريب المخدرات والقنب الهندي القادم من المغرب، وقد أرجع الأمر إلى استباحة المهرّبين استعمال كل الوسائل من أجل تمرير أكبر كمية ممكنة وتحويلها إلى أوروبا ودول الخليج وكذا الشرق الأوسط، وتفيد الأرقام التي قدّمها في حصة »ضيف التحرير« للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية أنه تم اغتيال دركيين اثنين فيما أصيب ثلاثة آخرون بينهم جمركي بجروح نتيجة الاشتباكات التي وقعت في السنوات الأخيرة، وأقرّ أن ما يساعد أكثر على مرور كميات المخدرات هو تواطؤ الجماعات الإرهابية وزعماء القبائل مع المهربين من خلال حصولهم على فديات مقابل تسهيل المهمة. وتزيد متاعب مصالح الأمن وحرس الحدود إلى جانب عناصر الدرك الوطني في وضع حد لنشاط المهرّبين بسبب كون بارونات المخدرات أناس غير معروفين وهم ينشطون في الخفاء ولا يظهرون إلى الواجهة وإنما يكتفون فقط بإعطاء الأوامر، والأخطر من ذلك وفق سايح أنه حتى الأشخاص الذين يُستعملون في عمليات التهريب لا يعرفون الجهة المباشرة التي يعملون لصالحها، قبل أن يؤكد وجود مستوردين ومقاولين وحتى رجال أعمال على رأس هذه الشبكات بالنظر إلى المداخيل القياسية التي يحصلون عليها من هذه التجارة، وبرأيه فإنه لا بد على الجهات القضائية أن تتحرّك لتحديد هويات هؤلاء قبل فوات الأوان. وأكثر من ذلك فإن تحذيرات مدير الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها من خطر إمكانية تحوُّل الجزائر إلى بلد مستهلك للقنب الهندي المغربي، جاءت قياسا بما أسماه »التنافس« الحاصل بين المغرب باعتباره أول منتج في العالم للقنب الهندي من خلال تغطيته حوالي 60 بالمائة من الطلب العالمي مع عدد من دول غرب إفريقيا وهو أمر يضاعف من الكميات التي تمرّ عبر الحدود الجزائرية التي لا تزال حتى الآن بلد عبور، زيادة عن التوجه العالمي الذي أصبح أكثر نحو استهلاك الكوكايين، وبالتالي فإن المتحدث يتوقع أن يدفع تراجع استهلاك القنب الهندي بالمنتجين المغاربة اللجوء إلى تسويقه نحو بلادنا. وبناء على هذه المعطيات التي أوردها عبد المالك سايح فإن الجزائر أمام خطر كارثة كبرى بكل المقاييس على المدى المتوسط، وهو يعتقد أن الوضع يبعث على التخوف إن لم تتحرّك السلطات العمومية بشكل أكبر لمواجهة »الخطر القادم« خلال سنوات، معترفا أنه من الصعوبة تحديد الكميات التي تُسوّف في الجزائر لأن الأمر يتطلب التواطؤ مع البارونات للحصول على معلومات دقيقة، ولكن ذلك لم يمنعه من الإشارة إلى أن الرقم قد يصل إلى حوالي 3 أطنان وذلك بناء على المقاييس التي حدّدتها منظمة الأممالمتحدة التي تتراوح في حدود 23 بالمائة، مثلما كشف أن 5 أطنان تقريبا توجه نحو بلجيكا وما يفوت 22 طنا تُمرّر نحو باقي بلدان أوروبا. وبالموازاة مع ذلك فقد بلغت الكمية الإجمالية من المخدرات التي تم حجزها في الجزائر خلال العام الماضي حوالي 74 طنا وذلك دون احتساب الكميات التي تمكن المهربون من تمريرها، فيما وصلت هذه الكمية خلال الثلاثي الأول من العام الحالي أكثر 13 طنا، وتمثل هذه الأرقام زيادة تٌقدر ب 95 بالمائة مقارنة مع ما كانت عليه في العام 2008.