حذّر عبد المالك سايح من خطورة تحوّل الجزائر من منطقة عبور إلى بلد مستهلك للمخدرات إن لم يتم الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة لذلك، ولم يتوان في دقّ ناقوس الخطر باعتبار أن شبكات الترويج تعمل على استغلال الوضع الاجتماعي للشباب من أجل ضمان وصول سمومها إلى أكبر عدد ممكن، كما ربط هذه الخطورة أيضا بكون الجزائر بلدا مجاورا لواحد من أكبر البلدان المنتجة للقنب الهندي في العالم. التلقائية التي ردّ بها المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها على الأسئلة التي طرحت عليه في ندوة "صوت الأحرار" جعلت من إجاباته لا تبتعد إطلاقا عن الجرأة وهو الذي قال إنه يرفض تقديم أرقام جزافية أو صب الزيت على النار، على حد تعبيره، عند الحديث عن الإدمان مفضّلا طيلة ساعتين الحديث بواقعية وصراحة عن انتشار ظاهرة المخدرات في المجتمع وكذلك الآليات التي تم وضعها وتلك التي ينبغي وضعها من أجل تفادي أي خطر محتمل على البلاد. وإن كان عبد المالك سايح قالها بصراحة "لا أسمح لنفسي أن أتحدث عن أرقام أو أمور وأنا لست متأكدا منها"، إلا أن هذا الاعتراف لم يمنعه بتاتا من دق ناقوس الخطر والحرص على إبلاغ السلطات العمومية بالوضعية غير المريحة التي تتواجد عليها الجزائر بسبب سموم المخدرات، فقد توقّع أن تتحوّّل بلادنا إلى بلد مستهلك لكل أنواع هذه المخدرات وفي مقدمتها القنب الهندي المغربي إن لم يتم وضع اليد على الجرح قبل فوات الأوان خاصة وأن الأمر يتعلق، حسبه، بخطر يستهدف بالأساس عمق المجتمع وهي فئة الشباب. وبحسب الأرقام التي أفاد بها مدير عام الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها فإن شبكات الترويج لهذه السموم بما في ذلك الكوكايين والهيرويين، ولو بدرجة أقل، أخذت تجد ضالتها باستغلال الظروف الاجتماعية للشباب على وجه التحديد بفعل انتشار ظاهرة البطالة التي تزيد من تهيئة هؤلاء نفسيا لتعاطي المخدرات، بالإضافة إلى ما أسماه محاولة الاستثمار في التحوّل الحاصل في النظام الاقتصادي من اقتصاد موجّه إلى اقتصاد السوق الذي انجرت عنه عديد المظاهر السلبية غذتها البطالة التي ولّدت الجريمة وبالتالي بات استهلاك المخدرات وفق هذه المعطيات في المتناول، إلى جانب حديثه عن انتشار البيوت القصديرية التي أوضح بأنها تعتبر أرضية خصبة لنشاط شبكات الترويج. وقد حصر سايح نبرة التفاؤل التي أبداها خلال نزوله ضيفا على "صوت الأحرار" بشأن إمكانية دحر هذه الجماعات التي لا تأبه سوى بجني الأرباح بكل ما أوتيت من وسائل وإمكانات، في العديد من المؤشرات التي قال إنه لا يمكن التشبث بها فقط لضمان الحيلولة دون تحوّل بلادنا إلى بلد مستهلك لكل أنواع المخدرات، ومن هذه المؤشرات أورد المتحدث أن "الجزائر، ولله الحمد، ليست بلدا مستهلكا بنفس درجة بعض الدول مثلما هو حاصل في أوروبا، كما لا يمكن أن نقول بأننا بلد مزارع لهذه السموم باستثناء بعض الحالات وصلت إلى حوالي 40 هكتار في حين أن في كولومبيا أو أفغانستان التي تصل بها المساحة المزروعة إلى 500 ألف هكتار..". كما أشار المدير العام لديوان مكافحة المخدرات إلى أن ما يمكن أن يدفع إلى عدم الإفراط في التخوّف هو أن استهلاك المخدرات ذات التأثير القوي على شاكلة الكوكايين والهيرويين لا تعرف رواجا كبيرا بالنظر إلى ارتفاع سعرها الذي يصل إلى ما لا يقل عن 20 ألف دينار للغرام الواحد، ومع ذلك فقد اعتبر أن هذا الموضوع جدّي لا ينبغي التهاون في التعاطي معه مهما كانت الأسباب والمبرّرات. وتكمن الخطورة التي أراد عبد المالك سايح إبرازها في أن الجزائر بلد مجاور للمملكة المغربية التي تعتبر واحدة من أكبر البلدان المنتجة للقنب الهندي ولم تجد أي بوابة لتمرير هذه السموم سوى الجزائر بعد سدّت أمامها كل الأبواب بعد الإجراءات التي قامت بها بلدان أوروبا التي أدركت هذا الخطر، مشيرا إلى أن الطلب الآن في البلدان المستهلكة للمخدرات يزداد على الكوكايين والهيرويين وهو ما يدفع شبكات التهريب إلى ترويج القنب الهندي المغربي في الجزائر بعدما تراجع الطلب عليه وكذلك تزايد إجراءات المراقبة.