ذلك أن الفاتح من الشهر الحالي عيد للطفولة، والرابع منه، موعد لمناهضة العنف ضد الطفولة، والحادي عشر منه اليوم العالمي المعارض لاستغلال الأطفال في الشغل، والسادس عشر يوم لمأساة الطفل الافريقي، كان الحديث شيقا وجادا حول مستقبل الأجيال، والطفل فيه المحور ونقطة البدء، وذاتها نقطة الوصول• إحداهن من لها أن تعلّم النساء كيف يكون جمال الأصالة والثبات على موروث الحضارة والتمسك بالمكتسبات والإشادة بالمآثر والمناقب الخالدة المحققة في حقبات كثيرة وأزمنة عديدة يسجل خلالها المجتمع الجزائري وقفات مشرفة في مراحل ومناسبات ومحافل ظلت خالدة يرنو غيرنا لمثيلاتها• قالت : الطفل ثمرة الحياة وامتدادها، حقل السعادة وآريح أزهارها، إنه الأفق المنظور والمستقبل الواعد للأمة، إنه القلعة التي يجب ألا تخدش• إن الأمة التي تحترم نفسها يجب أن يسهر أفرادها الليالي من أجل أطفالها، وأن يكدحوا الأيام خدمة لهم وارضاء، يجب أن نرعى صحتهم أن نحترم مداركهم، أن نعظم فيهم مواهبهم، وأن نكبر استعدادهم الفطري مع العناية في التوجيه، والدعاية في الإعداد والتحضير لتحمل مسؤوليات مستقبل لناظرهم قريب• قلت لها : إن التقرير الأممي يشير إلى أن ما يتراوح بين 80 و98% من الأطفال في العالم يعانون العقوبة البدنية، فضلا عن الترهيب الشفاهي الذي يسلط عليهم باستمرار من طرف البالغين المحيطين بهم، جلهم من عالمنا، ألم تسمعي بما يقع على الأطفال من اختطاف ومتاجرة بأعضائهم، ألم تعلمي ما يقع على الأطفال من اغتصاب وتحرش جنسي بطرق قسرية جبرية، ألم تشاهدي استخدام الاطفال في ساحة الحرب، ألم تذرفي يوما دموعا حرى على الأطفال ضحايا الهتك والفتك والقتل والحرمان والتجويع في فلسطين، في العراق، في الصومال•• فأين أنت من هذا العالم المتوحش ضد الطفولة البريئة الهاضم لحقها الإنساني عنوة، الفاقد للمروءة والانسانية في الشأن العام للطفل وأنت على ما يبدو تتناولين الموضوع من حيث أن النموذج المعد سلفا لاعداد الأجيال الطيبة الأعراق، اهتز صدرها بعد انتفاخ وبلوعة المتحسر أرسلت تنهيدة ضاقت جراءها مساحة ما بين أضلعها، وخانتها دمعتان شقتا طريقهما عبر خدين توردا خجلا من حال الطفل العربي الذي لم يعش ربيع طفولته ولم يذق ربيع طعم صباه اللاهي الحلو، الجميل، سواء كان بين أحضان الأسرة أو بين جدران قاعات الدراسة أو بين أفراد المجتمع• رمقتني بنظرة حادة، وقالت : إنك تؤرقني، تعذبني، بمقدار أرق، عذاب وتعذيب كل أطفال الأمة العربية بل كل أطفال الأمة الافريقية ضحايا، الإرهاب، الجسدي، والنفسي، ضحايا الفقر والبؤس، ضحايا المحتشدات (القصديرية) والحشر في البيوت المختنقة، وأدران الأحياء السكنية، ومفرغات الطرقات العمومية والذهنيات المستلبة والأفكار التغريبية والانسلاخ كلية عن الطبع واللهث وراء سراب التطبع، فوقع الفأس في الرأس - الرأس العربية التي اشترت الضلالة بالهدى، فما ربحت تجارتها وما اهتدت، وما تلك الفأس سوى وسائل الإعلام الثقيلة الطاغية والتي باتت تحمل أهم دعامات الثورة التكنولوجية الحديثة المحرضة على الإنحراف•••!؟