كشفت مديرة مركز" دارنا" بالمحمدية نورة لعريبي عن صعوبة توفير الحليب و الحفاضات للرضع في ظل شح المساعدات مؤكدة أن الميزانية المحدودة تكفي لشراء الحليب و الخبز للكبار و ضمان الوجبات الأساسية للنزيلات و أطفالهن و اعترفت بقلقها المسبق بشأن ميزانية رمضان و التي إن استمر الحال على وضعه قد تضطر نزيلات" دارنا" الصوم طول النهار . نفساء في محطة الخروبة وأشارت أن النزيلات المتواجدات" بدارنا" و البالغ عددهن 20 امرأة رفقة عشرة أطفال اغلبهن ضحايا شكل من أشكال العنف الأسري إما الجسدي أو الجنسي أو الاثنين معا، هربت معظمهن من بطش أب أو زوج أو أخ طالبة الحماية و بحثا عن الآمان خلف أسوار" دارنا" ولعل أقسى أنواع المعاناة الاجتماعية التي يمكن ان تعيشها المرأة ببلادنا و المتواجدة حاليا بالمركز قصة إحدى النزيلات التي جاء بها احد أولاد" الحومة" وجدها رفقة رضيعا لا يتجاوز 15 يوما بمحطة المسافرين بالخروبة و هي تتألم من آثار عملية قيصرية و المؤلم في القصة أن هذه المرأة التي جاءت من قسنطينة هي ضحية الزواج بالفاتحة و الذي لم يتم ترسيمه مدنيا بسبب وفاة الزوج في حادث مرور ورفض زوجة أب هذا الأخير التكفل بها .المستشفى التي ولدت به هذه الحالة رضيعها استطردت مديرة" دارنا" قائلة ، سارع للتخلص منها في اليوم الموالي بالرغم من أنها خضعت لعملية قيصرية فتوجهت إلى احد مراكز الإيواء بقسنطينة خّيرها القائمون عليه بين التخلي عن مولودها في مركز للطفولة المسعفة أو ترك المركز إلى وجهة مجهولة وهي في حال النفاس...فلم تجد هذه المرأة من حلا سوى التوجه إلى العاصمة ولحسن حظها أن احد أبناء الحومة و الذي كان قد سمع عن مركز "دارنا" الذي يعنى بإسعاف المرأة من دون مأوى لتجد أخيرا محطة تمنحها الراحة التي تحتاجها أي امرأة بعد ولادتها و الآمان الذي افتقدته وسط الأهل و الأحباب لكن إمكانيات" دارنا "المحدودة عجزت عن توفير الحليب للرضيع و اعترفت المسؤولة الأولى عن المركز أنها تشحذ هذا النوع من المساعدات من عند المحسنين الذين يطرقون أبواب" دارنا" للاستفسار عن نوع المساعدات التي يمكن تقديمها فتوجههم نورة لعريبي لهذه الحالة الاجتماعية الصعبة والتي إضافة إلى مشكل الحليب اتضح أن مولودها يعاني من مشكل على مستوى الرقبة يستدعي إخضاعه لحصص التأهيل في إحدى العيادات الخاصة لكن قلة المصادر المالية حالت دون معالجة حالة هذا الرضيع. سمعة" دارنا" فوق أي اعتبار و اعترفت ذات المسؤولة بان تواجد" دارنا" بحي شعبي بحجم حي الكثبان المعروفة بالديار الخمسة جعل من مهمة التكفل بهذا النوع من النساء جد صعبة إذ أن خصوصية هذا المركز الذي يستقبل الأمهات العازبات بكثرة و المطلقات و النساء ضحايا كل أشكال الاعتداءات حتمت علينا التعامل بكثير من الصرامة مع النزيلات في مواعيد دخول و خروجهن حفاظا على سمعتهن و سمعة" دارنا" قبل كل شيء لان النزيلات قالت مديرة "دارنا" مهما بقين في هذا المركز فإنهن تغادرنه لا محالة في يوم من الأيام لكن المركز يظل باق منذ تاريخ افتتاحه في سنة 2001 و مفتوحا لكل من تحتاج إلى سقف ياويها إلى تكفل نفسي تعيد من خلاله المختصة النفسانية إعادة بناء شخصية مهتزة و مضطربة فقدت كل المراجع و اهتزت ثقتها في كل أفراد المجتمع. لذلك تبقى الزيارات ممنوعة على النزيلات باستثناء الآباء و الأزواج في حال عدم صدور حكم الطلاق هذه اللقاءات تتم في صالة من صالات الإدارة بينما شددت شخصيا أضافت المسؤولة الأولى على المركز قائلة على مواعيد عودة النزيلات مساء إلى" دارنا" و التي يجب أن لا تتجاوز السادسة مساء بالنسبة للعاملات و اللائي تسارع بعضهن إلى الاتصال بنا في حال تسجيل تأخير محتمل بسبب الازدحام و في هذا الحال لا نحتمل أكثر من ربع ساعة تأخير و اعترف لكم دون خجل أنني أسارع إلى التخلص من النساء اللائي لا تحترمن النظام الداخلي للمركز و اللائي ترغبن في البقاء خارج "دارنا" إلى ساعة متأخرة تحاول اقتحام الباب بالقوة الأمر الذي لا احتمله ولا أتسامح معه إطلاقا لان سمعة" دارنا" من سمعتي أنا شخصيا. ورفضت مديرة دارنا تصنيف هذا المركز في خانة المؤسسات التي يقال أنها تشجع الانحراف لا لشيء سوى لأنها تفتح أبوابها لأمهات عازبات تطرقن أبواب المركز و هن في حالة وضع أو مباشرة بعد الولادة إذ لا يمكن اعترفت ذات المتحدثة أن نغلق أبوابنا في وجوه فتيات يائسات أدركن من خلال تخلي الأسرة والشريك عنهن أنهن ارتكبن غلطة العمر التي لا تغتفر، فلا يحق لنا بأي حال من الأحوال أن نصد أبوابنا في وجوههن معاقبة لهن على ما فعلناه لان الشارع لن يرحمهن و سيتلقفهن بصدر رحب ليفتح لهن أبواب الانحراف و الضياع على مصراعيه من خلال استغلالهن في شبكات للدعارة أو بيع رضعهن في مزاد غير علني. عاملات و ربات بيوت في ضيافة المركز التكفل النفسي في مثل هذه الحالات قالت ذات المتحدثة جد مهم في غياب الدعم الأسري الكلي و انقطاع كل الروابط العائلية مع" الجانية" فبمعدل ثلاث حصص في الأسبوع نحاول إعادة تحضيرهن لمواجهة المجتمع بنفس جديد و بنظرة مغايرة و بمسؤوليات جديدة إذ تفضل الأمهات العازبات اللائي طرقن أبواب" دارنا" على الأقل منذ سنة تاريخ تواجدي على رأس" دارنا" الاحتفاظ بأطفالهن و إعطائهم أسمائهن مبررة تصرفهن بان" لا ذنب لهذا البريء ..و إذا كانت أسرتي قد تخلت عني فلن أتخلى بدوري على فلذة كبدي". لكن يخطئ من يعتقد أن كل الحالات التي احتمت بدارنا هي حالات لأمهات عازبات فخلف أسوار مركز المبنى السابق لبلدية المحمدية نساء عاملات في سلك التعليم أو ربات بيوت سقط عليهن" سوط "الطلاق أو ينتظرن ابغض الحلال عند الله دون أن تحصلن على حقوقهن القانونية أهمها المسكن علما أن حق الحضانة أعطيت لهن أو رفضن مقايضتها. نبيلة هي واحدة من النزيلات اللائي تنتظر ورقة الطلاق التي طالت بسبب غياب زوجها عن الجلسات..."لو كنت اعرف أن مصيري سيكون بهذا الشكل لما تزوجت أبدا لكن من يدري ما يخبئه القدر و المكتوب" قالت نبيلة متحسرة على ما مضى اعترفت لنا أنها تزوجت بعد قصة حب جمعتها بزوجها والذي تقدم لخطبتها من عائلتها التي تحفظت بشأنه إذ حذرني أشقائي من هذه الزيجة لكن خشنت راسي وقلت هو أو لا احد ، استطردت قائلة. ست سنوات ...ثلاث أطفال أكبرهم في كفالة أبي وأصغرهم لا تتعدى 11 شهرا و سنوات في احد الشاليهات بالرغاية دون وثائق لأعود بعد ست سنوات إلى بيت أهلي بعد أن عجز زوجي عن توفير السكن لأسرته و القوت لنا إذ يعمل يوما و يتوقف عشرة أيام..تعرفون مشاكل البنت عندما تعود مع زوجات الأشقاء اضطررت لحمل أولاد و الاستقرار عند إحدى النساء ببئر خادم استغلتني أبشع استغلال لم يكن عندي الحق في استراحة لأرضع ابنتي فانتفضت و دلني أولاد الحلال على" دارنا".. أنا هنا منذ ثمانية أشهر في انتظار إجراءات الطلاق التي تعطلت بسبب عجزي عن توفير أتعاب المحامية مؤكدة.." بعد الطلاق ربي يعمل تاويل " استغلال غير إنساني و أكدت مديرة" دارنا" أن بالرغم من أن النظام الداخلي للمركز لا تسمح بتواجد النزيلات أزيد من ستة أشهر إلا أن هذا القانون كثيرا ما نخترقه و نجيز تمديد فترة تواجد النزيلة معنا إلى السنة حتى يكمل أولادها سنتهم الدراسية مثلما حصل مع المعلمة التي أبقيناها حتى ينهي أبناؤها امتحاناتهم النهائية علما أن معظم النزيلات يتذمرن من بقائهن بعد 4 أو 5 أشهر من التواجد و تؤكد لنا أن" دارنا" ساعدتهن على إعادة بناء ما تكسر فيهن لكن عليهن النهوض من جديد و الاعتماد على أنفسهن من خلال إما البحث عن شقة للكراء تتقاسمن أعباءها أو الاستقرار عند إحدى العائلات التي تطرق باب دارنا بحثا عن الونيس و الرفيقة لكن نصطدم في كثير من الأحيان بسوء معاملتهن و استغلالهن أبشع استغلال مثلما حصل مع إحدى العائلات من البرج جاءت للبحث في "دارنا " عن من تخفف وحدتها من خلال رفيقة فحولت هذه الأخيرة إلى خادمة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مقابل 2000 دج. الأطفال المتواجدين خلف أسوار" دارنا" يحتاجون هم أيضا لتكفل نفسي، قالت مديرة هذه الأخيرة فقد كانوا شهود عيان لعنف أبائهم و ضعف أمهاتهم يتحدثون بكثير من التفصيل عن معاناة أمهاتهم مع اللكمات و الركلات و يتهمون أبائهم في رميهم إلى الشارع بالرغم أن هؤلاء الأطفال لحسن حظهم لم يكونوا ضحية مباشرة للاعتداءات التي كانت تحصل على مرىء و مسمع منهم، معاناة لم تؤثر على تحصيلهم الدراسي إذ أبدى هؤلاء بشهادات معلميهم تفوق و ذكاء شديدين جعلهم يستفسرون أمهاتهم عن سر طول تواجدهم في" دارنا" ليست دارنا الحقيقية و عن سر بقائهم مع نساء لا تمت إليهم بصلة قرابة...