النائب الفرنسي تيري مارياني المنتمي إلى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، وهو حزب الأغلبية، والذي يوصف بالمقرب من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يقترح مشروع قانون من أجل اعتراف فرنسا رسميا بما سماه معاناة المواطنين الفرنسيين في الجزائر الذين كانوا ضحايا الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بين 19 مارس 1962 و 31 ديسمبر 1963 بسبب انتمائهم العرقي أو الديني أو السياسي. وهذا المقترح يلقى تأييد بعض النواب الفرنسيين الذين يبررون مقترحهم بكون ما تعرض له هؤلاء كان سياسة منسقة تم إقرارها على أعلى مستوى من قبل قيادة جبهة التحرير الوطني، وفي هذه الحالة فإن الهدف ليس إعادة الاعتبار لمن يقال إنهم تعرضوا للظلم بل للدفع بالمواجهة السياسية مع الجزائر إلى أبعد مدى ممكن، وهذا هو الرد الفرنسي على كل ما جرى الحديث عنه هنا من سعي لتجريم الاستعمار. مع مرور الوقت يكشف الفرنسيون عن صلابة غير متوقعة في الدفاع عن ماضيهم الاستعماري، وهو ماض غير مشرق في كثير من الأحيان باعتراف المؤرخين الفرنسيين المنصفين قبل غيرهم، فهم يدعون إلى التظاهر من أجل منع عرض فيلم الخارجون عن القانون رغم أن رد الفعل هذا يسيء كثيرا إلى صورة بلد الحريات، وهم يستعدون لاقتراح قانون جديد يجرم الأفلان الذي قاد الثورة الجزائرية، رغم أن الوقائع التاريخية تؤكد لنا بأن الفئات التي يدافع عنها هؤلاء تعرضت للاضطهاد من قبل الفرنسيين الذين اختاروا أن يضعوا من اختاروا صف فرنسا في غيتوهات، وأن يعاملوهم وكأنهم مصابون بالطاعون، ولا يزال منهم من يشتكي من التمييز إلى اليوم رغم الاعتراف بما قدموه لفرنسا بعد سنوات طويلة من ضياع الجنة الجزائرية. المقارنة تفرض نفسها، الفرنسيون سبق لهم أن أقروا قانونا يمجد الاستعمار دون أن يحدثوا كثيرا من الضجيج، وعلى العكس من ذلك ثار كثير من الجدل عن قانون تجريم الاستعمار وقد لا نجد له أثرا في يوم ما، واليوم فرنسا ترد على الجعجعة الجزائرية بمقترح عملي قد يتحول إلى قانون قريبا، وهي بذلك تؤكد أنها ماضية في دفاعها عن الاستعمار، فماذا ينتظر أولو الأمر هنا ؟.