طالب أمس النائب الفرنسي مارياني تيري المقرب من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الحكومة الفرنسية بتأجيل إجراءات التصديق على اتفاقية للشراكة الجزائرية الفرنسية الموقع عليها في الجزائر في 14 ديسمبر 2007، إلى حين اتضاح نوايا الحكومة والبرلمان الجزائريين بخصوص مشروع قانون تجريم الاستعمار الذي بادر به نواب في المجلس الشعبي الوطني مؤخرا. في أول رد فعل فرنسي على المبادرة التي أطلقها نواب في المجلس الشعبي الوطني لتقديم مقترح قانون يجرم الاستعمار الفرنسي، نقلت أمس وكالة الأنباء الفرنسية تصريحات للنائب في كتلة حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي يقوده الرئيس الفرنسي ساركوزي يطالب فيها بتأجيل التصديق على اتفاقية جزائرية فرنسية مقرر عرضها اليوم الثلاثاء على الجمعية الوطنية الفرنسية بعدما صادق عليها نواب الغرفة البرلمانية الأولى أي مجلس الأمة الفرنسي. وأكد النائب مارياني تيري الذي يعد من المقربين من الرئيس ساركوزي أنه لا يخفي غضبه وعدم تفهمه لهذه المبادرة التي يقوم بها نواب في الجزائر، وذهب إلى القول «إن ما يثير التساؤل هو أهداف هذه المبادرة أكثر من دوافعها»، ومن وجهة نظر مرشح الحزب اليميني لرئاسة المجس الجهوي لناحية الألب فإن المبادرة تحمل إساءة ليس فقط للفرنسيين الذين عاشوا إلى جانب الشعب الجزائري حتى سنة 1962وإنما هي إساءة لكل الجيش الفرنسي وللحركى تحت غطاء الرهانات الداخلية للسلطة، وتجاهل النائب الفرنسي الذي يعتبر تجريم الاستعمار إساءة للفرنسيين، حجم الصدمة التي أصابت الشعب الجزائري بسبب قانون العار الذي مجدت فيه باريس جرائم فرنسا الاستعمارية ونوهت بالدور الايجابي للجيش الفرنسي طيلة 132 سنة لم يدخر خلالها جهدا لإبادة الجزائريين. كما طالب النائب بشكل رسمي من الحكومة الفرنسية تعليق إجراءات المصادقة على الاتفاقية مؤقتا، وتأجيل النقاش البرلماني حولها، قائلا «قبل التصديق يفترض أن نعرف النوايا الحقيقية للحكومة الجزائرية وبرلمانها بشأن مقترح القانون الذي وقع عليه 120 نائبا من مختلف التيارات السياسية». وتتعلق هذه الاتفاقية التي يطالب النائب المقرب من ساركوزي بعدم التصديق عليها في الوقت الراهن بتعميق وتعزيز الشراكة الثنائية الجزائرية الفرنسية في المجالات التقنية والعلمية والثقافية والحكامة مع توسيعها للشراكة الأمنية وغير المركزية والتي وقع عليها الطرفان في 4 ديسمبر 2007 ، ومعلوم أن هذه الاتفاقية أطلقها البلدان في جوان 2000 قبل التأكيد عليها في إعلان 2 مارس 2003 . وتجدر الإشارة إلى أن الاختلاف بين باريس والجزائر حول القضايا المتعلقة بالذاكرة المشتركة أهم النقاط التي تحول دون الارتقاء بالعلاقات السياسية التي تعرف شدا وجذب مؤخرا، حيث ما يزال الغموض يكتنف مصير الزيارة التي كان سيقوم بها بوتفليقة إلى باريس منذ السنة الماضية، كما كانت قضايا الذاكرة والتاريخ المشترك بين البلدين وراء إجهاض مشروع معاهدة الصداقة التي سعى إليها الرئيس الأسبق جاك شيراك، وتتمسك الجزائر بطلبي الاعتراف والاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في الجزائر .