يجري نشر فتوى للشيخ فركوس، وهو أحد رموز التيار السلفي في الجزائر، تحرم الخروج على الحاكم، ويبدو أن وزارة الشؤون الدينية، والسلطات السياسية في البلاد تشعر بالغبطة وهي لا ترى أي مانع في نشر هذه الفتوى على أوسع نطاق لأن الأمر يتعلق بمصالح عليا من قبيل الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي بل أكثر من هذا فالشيخ فركوس يفتي يعدم جواز الاعتصام والإضراب وممارسة أعمال الشغب. هذا الشيخ له مواقف أنكرها عليه كثير من الناس، فهو الذي أفتى بتحريم الزلابية وجواز تقديم الملتحي لرشوة من أجل استخراج جواز السفر إذا رفضت الإدارة استخراج الجواز بصورة يكون صاحبها ملتحيا، كما قال بجواز نزع اللحية من الصورة بجهاز سكانير تجنبا للوقوع في محظور حلق اللحية، ومعلوم أن هذه الفتاوى تثير غضب وزارة الشؤون الدينية التي وجدت نفسها أمام أئمة متمردين رفض بعضهم حتى الوقوف للنشيد الوطني في دار الإمام وبحضور الوزير غلام الله، غير أن كل هذا يمكن أن يهون أمام فتوى ثقيلة بحجم تحريم الخروج على الحاكم أو التظاهر ضد سياساته. خلال السنوات الأخيرة بدأت الجهات الرسمية تسعى إلى استعادة السيطرة على المساجد التي وقعت تحت سلطة السلفيين بمساعدة من السلطة ذاتها، ومع مرور الوقت تبين أن الأمر يتجاوز بكثير الجانب التنظيمي والأمني ليتحول إلى مشكلة مذهبية تهدد انسجام المجتمع ووحدته، ومن هنا جاء التركيز على ضرورة احترام المرجعية الدينية للجزائريين ممثلة في المذهب المالكي، غير أن هذه القاعدة بالذات يجري خرقها الآن لأغراض سياسية ومن أجل إقناع الناس بأن الحاكم هو خليفة الله في الأرض وطاعته من طاعة الله، وترويج فتاوى وتبنيها سيؤدي حتما إلى الاعتراف بمصداقية الجهة التي صدرت عنها والإقرار لها بصفة المرجعية، وهذا انتحار صريح لبلد لم يحصن نفسه بعد من مخاطر الانقسام المذهبي والطائفي.