توفي المجاهد لخذاري زيرق صبيحة يوم الثلاثاء 16 أوت 2016 بالمستشفي العسكري بقسنطينة وشيعت جنازته في موكب مهيب حضرته جماهير غفيرة من الولاية المنتدبة أولاد جلال والعديد من الزوار القادمين من ولايات مختلفة، بسكرةباتنة، الجلفة، المسيلة، تقرت، تيزي وزو، وادي سوف، الجزائر، ورقلة ، تبسة والأغواط. وقد حضر الجنازة العديد من إخوانه في الجهاد مثل المداني بجاوي مسؤول منظمة المجاهدين في ولاية بسكرة والملازم الثاني في ثورة التحرير علي مهيري وعثمان بوركبة المسؤول السياسي في جيش التحرير، بالإضافة إلى بعض الإطارات مثل بوجملين مصطفى المعروف بالعطيري نائب بالمجلس الشعبي الوطني ورشيد بوفاتح رئيس المجلس الشعبي البلدي لأولاد جلال وبلقاسم ديديش رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية بسكرة سابقا. أما الوالي المنتدب جلولي بوشنتوف الذي كان في إجازة فقد بعث ممثلا عنه للتعزية. وقد توافد المعزون على بيت المرحوم ، والتقت جموع غفيرة في البيت وخارجه وفي الشارع وخصص لها ساحة كبيرة، لتمتلئ بالحاضرين الذين راح بعضهم يذكر خصال المرحوم في الثورة، وراح الآخرون يخوضون في تاريخ الثورة المجيدة ومحطاتها، ومنهم من التقوا بعد فراق طويل، مما جعلهم يذكرون رفاق الكفاح من الشهداء والمجاهدين، ويتذكرون تلك العمليات العسكرية والاشتباكات التي كانت لهم مع العدو ، والكثير من اللقاءات كانت مع الملازم الثاني في الثورة علي مهيري، الذي ظهر مشتاقا لمجاهدي المنطقة ، فقد كان لقاؤهم حميميا مليئا بذكريات الجهاد، مما دل دلالة واضحة على المحبة الصادقة وعلى التعاون القوي بين الجيش والشعب أثناء ثورة التحرير، وبعبارة أخرى يؤكد احتضان الشعب لثورته وتقدير الجيش لهذا الاحتضان . والتفاف الجميع حول جبهة واحدة وموحدة، بمبادئ تنبع من ثقافة المجتمع وتهدف إلى بناء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية . ولعل ذلك هو سر نجاح هذه الثورة . وقد ألقيت كلمات تأبينية مؤثرة من تنشيط المجاهد عثمان بوركبة ، الذي ألقى هو بنفسه كلمة تطرق فيها إلى علاقته بالمرحوم، مذكرا ببعض مآثره في الثورة وإلى حياته بعد الاستقلال ثم عرج إلى التذكير ببعض مآثر الثورة وإنجازاتها، وفي الأخير وجه الدعوة للشباب للإقتداء بمآثرها والتقرب من المجاهدين لأخذ تاريخ الثورة عنهم. ثم أحال الكلمة إلى الحاج روان البشير رئيس بلدية عين الريش سابقا، والذي ذكر في كلمته بخصال المرحوم وقدم مواعظ وإرشادات مؤثرة، بعد ذلك قدم منشط الجلسة عثمان بوركبة شابا من جيل الاستقلال كان من بين الوفود المعزية ليلقي كلمة جاء من ولاية المسيلة الذي ذكر فيها بمآثر رجال الثورة وفضلهم، ودعا بني جيله إلى ضرورة الاستفادة من المجاهدين وربط العلاقة بين الجيلين. وقد ظهرت الساحة وكأنها في ملتقى تاريخي حول الثورة ورجالاتها. ويشير هذا الحضور المكثف للجماهير مكانة المرحوم في نفوس من عرفوه أو سمعوا عنه، كما يجسد مكانة الثورة ورجالاتها لدى المجتمع الجزائري وذلك رغم تزايد حملات التغليط والتشويه لغرس ثقافة الحقد بين الجزائريين عموما وعلى الثورة ورجالاتها خصوصا. والمعلوم أن غرس ثقافة الحقد هذه، من المهام القذرة التي مارسها الاستدمار منذ أن وطئت أقدامه هذه الأرض الطيبة لضرب وحدة المجتمع وتماسكه، وكان من وسائل هذه الثقافة هو إثارة النعرات والخلافات واستهداف مناطق وقبائل وشخصيات وطنية وثورية بالدعاية والتشويه بهدف إحداث الفتنة والبلبلة في أوساط المجتمع الجزائري وإضعافه. وللأسف الشديد لازال لحد الساعة من يواصل هذه الثقافة بغرس بذور الفتنة والتفرقة وضرب عناصر الوحدة الوطنية لطمس هوية المجتمع الجزائري والهدف الذي عجز الاستدمار عن تحقيقه وأخرج من هذا البلد مذموما مدحورا بفضل مساندة المجتمع لثورته واحتضانه لجيش التحرير الوطني، اليد الحديدية الموجعة في ضرب العدو وأذنابه وكل من تسول له نفسه المساس بجهاد المجتمع الجزائري لتحقيق الاستقلال وبناء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية، وبهذا الإتحاد والتعاون بين الجيش والشعب انتصرت الثورة وحققت الاستقلال بعون الله. التحق المرحوم لخذاري زيرق بالثورة في سنواتها الأولى كمسبل ثم كجندي عام 1958 وبعد استرجاع السيادة الوطنية التحق بالحياة المدنية كموظف في القطاع العام ثم تقلد منصب رئيس قسمة المجاهدين في بلدية أولاد رابح و أولاد رحمة ثم رئيس اتحادية المجاهدين لأولاد جلال وقد عرف بوطنيته وطيبة أخلاقه وحسن معاملته وكان من المجاهدين المدافعين على مبادئ و أهداف ثورة أول نوفمبر 1954 بكل شجاعة و صراحة مما جعل خصومها يحسبون لهم حسابهم. وكما قال عنه الأستاذ علاء الدين دوباخ في درس الجمعة أن المرحوم لخذاري زيرق كان من مرتادي المساجد ومن النشطاء في مجالس الصلح وإصلاح ذات البين، ومن المساهمين ماديا ومعنويا في أعمال الخير. وهذه شهادات بعض إخوانه في الجهاد الذين عرفوه عن قرب وحضروا جنازته وهم : أولا : علي طيباوي المعروف ب : علي مهيري أحد قادة ثورة التحرير الذي كان برتبة ملازم ثاني وقائد للناحية الثالثة بالمنطقة الرابعة بالولاية التاريخية السادسة والذي يقول عن المرحوم ما يلي : عرفت المرحوم عام 1957 في جبل ثامر وجبال النسينيسة وكان آنذاك مسبلا ليجند عام 1958 وكان من أحسن الجنود في الطاعة والبطولة بحيث لا يعرف الرجوع إلى الخلف، وكان من أنشط الجنود وأحسنهم أخلاقا. وأذكر أنه شارك معي في العديد من العمليات العسكرية ضد العدو منها : 1 كمين نصبناه لجيش الخائن بلونيس عام 1957 في المكان المسمى عطف الضبع بجبل ثامر وقد قتل 8 أفراد منهم، وغنمنا بندقية من نوع خماسي أمريكية واستشهد لنا مجاهدان هما: لغويني حساني من شرفة الهامل والسد ثامر من الحوامد ببوسعادة، وممن شارك في هذه العملية الجهادية: خليلي بلقاسم، محمد الطاهر خليفة ، محمد سهايلية ومشيشي مكيش . 2 معركة مع الجيش الفرنسي في منطقة بوديرين وبالضبط في المكان المسمى النسافة في أوائل 1959. دامت يوما كاملا وجرح لنا فيها مسؤول الناحية وهو محمد شنوفي أما العدو فلا أعرف حجم خسائره ، وممن شارك في العملية الجهادية : محمد بن بوالعيد، عمر صخري، الهاشمي جديدي ،عياش بن سهلة ، عمر دوباخ وأحمد حفناوي. 3 معركة جبل بوزكرة بامدوكال أوت 1959، وقد استعمل العدو في هذه المعركة قنابل النبالم وهو السلاح الجهنمي المحرم دوليا، وأذكر من شهدائنا في هذه المعركة سي محمد الشريف من برج بن عزوز، علي عكوني من الأوراس، صالح غراب من الشلف، وجرح فيها عمر صخري وعلي بن بوزيد وحرق لنا فيها بالنبالم أحمد حفناوي بن سعيد، موسي عمار من أم الطيور، خليلي سايح من عين الملح ومسعود بن حميدي من الرمانة وقد أصيب هؤلاء بتشوهات عميقة من جراء قنابل النبالم. وممن شارك في هذه المعركة: عمر صخري، الهاشمي جديدي، مخلوف بن غضاب، على بن بوزيد ورابح عصمان. 4 معركة ضد جيش الخائن بلونيس وقعت بين منطقة الحمرة والحميرة ببلدية الشعيبة في ربيع 1960 وقد جرح فيها معمر كاكي من الأوراس واستشهد لنا محمد رميق من أورلال، أما خسائر العدو فلا علم لي بها. وأذكر ممن شارك في هذه المعركة الضابط عمر صخري، بشير زاغز، أحمد مخالطي، محمد مزردي وبلقاسم مزياني . ويواصل السيد علي مهيري كلامه قائلا هناك اشتباك لم أحضره ولكن كلمني عنه المرحوم حيث أخبرني أنه كان يرأس فوجا من المجاهدين واشتبكوا مع جيش الحلف الأطلسي في جبل ثامر ناحية بوسعادة . ثانيا :المجاهد عثمان ركبة المعروف ب: عثمان بوركبة الذي التحق بالثورة عام 1955 ناحية مشونش بمنطقة الأوراس، ويذكر من مسؤوليه: صادق جغروري، محمد شريف عبد السلام، قادة أحمد وحسين برحايل، ويقول بوركبة: عرفت المرحوم لخذاري زيرق عندما تحولت إلى الولاية السادسة وبالضبط القسمة 77 بالناحية الثالثة بالمنطقة الرابعة عام1960 عرفته مجاهدا بطلا وشجاعا وملتزما بقوانين الثورة ومنضبطا في سلوكه. وبعد الاستقلال انخرط في الحياة المدنية للمساهمة في ثورة البناء والتشييد وأصبح مسؤولا عن قسمة المجاهدين ببلدية أولاد رابح وأولاد رحمة ثم مسؤولا عن الناحية بأولاد جلال، وقد عرفته ملتزما بالأفكار الثورية والسياسية التي استمدها من ثورة التحرير، كما أعرف عنه بوطنيته الخالصة ودفاعه عن الثورة وإنجازاتها ولم تهزه التيارات المختلفة، بل بقي ثابتا على مبادئ الثورة والدفاع عن الوطن و ثوابته حتى وافاه الأجل المحتوم . ثالثا : بيده المختار بن أحمد التحق بالثورة عام 1956 بقسمة 77 الناحية الثالثة المنطقة الرابعة الولاية السادسة ويقول عن المرحوم ما يلي : التقيت المرحوم لخذاري زيرق في 8 جوان 1957 بجبال النسينيسة وذلك بعد يوم من معركة جبل النسينيسة التى وقعت ضد الجيش الفرنسي يوم 7 جوان 1957 وقد كان آنذاك مسبلا وجاءنا بعد نهاية المعركة مع خاله النوي بن عمر لمعرفة أخبار نتائج هذه المعركة، وأذكر بعض من شاركوا في هذه المعركة : شريف خير الدين ، موسى دحامنية المعروف بموسى بالغريب، عبد الرزاق التومي و عبد الله التومي وبعد ذلك التقينا عدة مرات وعرفته مجاهدا منضبط السلوك حسن الأخلاق، وكان يردد دائما عبارة : خرجنا للجهاد في سبيل الله ، بهدف تحقيق الاستقلال أو نيل الشهادة في سبيل الله. وبعد الاستقلال تقلد منصب رئيس قسمة المجاهدين ببلدية أولاد رحمة وأولاد رابح لمدة معينة وبعدها بسنوات أصبح مسؤولا عن ناحية المجاهدين بأولاد جلال، وفي العشرية السوداء كان من المدافعين على بقاء الدولة الجزائرية واقفة، وكان يردد دائما عبارة : دافعنا عن الجزائر ضد الاستعمار وسندافع عنها اليوم ولا نتركها تسقط بأيدي أبنائها كما يريد لها الاستعمار. رابعا : المجاهد عبد المجيد بورمل قسمة 77 الناحية 3 المنطقة 4 الولاية 6 . يقول عن المرحوم عرفته عام 1959 بعد أن خرجنا من معركة بوزكرة بناحية امدوكال وهي المعركة التي استشهد لنا فيها العديد من الشهداء وأصيب فيها لنا العديد من المجاهدين بحروق عميقة بسبب إستعمال قنابل النابالم من المستعمر، كما جرح البعض و منهم عمر سخري وعلاوة حركات. ويواصل كلامه قائلا لقد عرفت المرحوم لخذاري زيرق شابا وجنديا قويا وكان برتبة عريف أول عسكري وشاركت معه في الكثير من الاشتباكات والمعارك خاصة ضد جيش الخائن بلونيس وفي العديد من المناطق مثل النسينيسة، قرون الكبش، البيض وجبل كحيلة. وكان يتميز بالبطولة وبالأخلاق الحسنة والعلاقات الطيبة مع كل المجاهدين مهما كانت رتبهم. انتهت شهادات بعض رفقاء السلاح للمرحوم، والتي أجمعت على أنه من المجاهدين الأبطال الذين شاركوا مشاركة فعالة في الثورة المباركة ، وبالكثير من مساهماته في العديد من المعارك والاشتباكات والكمائن ضد العدو.