حطّت، ليلة أمس، الطائرة التي ضمنت الرحلة الأولى AH 9003 لعودة الحجاج الميامين من جدّة إلى مطار وهران، تلتها الرّحلة AH 9005 التي حطّت بعد سويعات بمطار هواري بومدين الدولي، وعلى متن كلّ منهما 370 حاج أدّوا المناسك رفقة الدّيوان الوطني للحجّ والعمرة وضمن مليوني حاج قدموا إلى البقاع المقدّسة من كلّ فجّ عميق، بعد أن أدّوا شعائر الحج العظيمة، بينها مشعر منى لقضاء يوم التروية، وتوجّههم أفوجا إلى مسجد بيت الله الحرام لأداء طواف الإفاضة مهلّلين مكبرين تملأ قلوبهم الفرحة والسرور بعد أن منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات وقد أدوا الركن الأعظم من أركان الحج ثم قضائهم الليل في المشعر الحرام. في ذات السياق رمى الحجّاج الجمرات الثلاث على صعيد منى بدءا من الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى بسبع حصيات لكل جمرة في أيّام التّشريق اتباعا لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم تذكيرا بعداوة الشيطان الذي اعترض لنبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل في هذه الأماكن، فيعرفون بذلك عداوته ويحذّرون منه، فيما استعد المتعجلون بعد قضائهم يومين فقط بمنى للانصراف إلى مكة لأداء طواف الوداع حول البيت العتيق. مغادرة منى إلى مكّة للوداع كان آخر عهد حجّاجنا الميامين بالبيت امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم الذي قال "لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت"، بينما استقبلت المدينة المنوّرة وفود ضيوف الرحمن المتعجلين الذين منّ الله تعالى عليهم بأداء فريضة الحج لهذا العام لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه والتشرف بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، رضوان الله عليهما. أدّينا مناسك حجّ خلا ممّا يعكّر صفونا" "صوت الأحرار" استطلعت اراء بعض حجّاجنا الميامين حول ادائهم الفريضة، فأجمع أغلبية من تحدّثنا إليهم على نجاح "حجّ الكرام" من جهة الخدمات المقدّمة لهم من قبل الدّيوان الوطني للحج والعمرة والوكالات المرافقة لهم آو من طرف البلد المضيف، مؤكّدين ما جاء على لسان سلطاته بخصوص " خلوّ حجّ هذا الموسم من أي حالات تعكّر صفو حج هذا العام أو تؤثر على الحجاج في تأدية مناسكهم"، مشيدين بالتنظيم المحكم لعمليات التصعيد إلى عرفات وما تابعها من النفرة إلى مزدلفة ودخول الحجاج إلى منى وقيامهم برمي جمرة العقبة بكل يسر وسهولة وطمأنينة. في ذات السياق، أشادت حاجّة بالمناهج الجديدة التي اعتمدتها وزارة الحجّ والعمرة السعودية في موسم الحج لهذا الموسم، في إشارة إلى التنظيم المحكم لعملية تفويج الحجّاج من مخيماتهم في منى إلى مكان رمي الجمرات " وسط تنظيم محكم غادرنا مخيّماتنا بمنى إلى مكان رمي الجمرات، ممّا سهّل علينا تأدية الشعير" بينما أشاد حاجّ آخر باعتماد نظام الرقابة الإلكترونية والكاميرات لرصد حركة الحشود. حاجّ آخر نوّه بتكثيف جهود السلطات السعودية وكذا أعضاء البعثة الجزائرية جهودهم لتنظيم تفويج الحجّاج أثناء تأدية المناسك، بينها تفويجهم إلى المسجد الحرام وساحاته وتنظيم دخولهم بانتظام إليه، ضمن خطّة خلصت إلى تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن وتكثيف برامج التوجيه والإرشاد وأعمال النظافة وسقيا زمزم والتي مكنت من أداء المصلين صلاتهم بكل يسر وسهولة، وأشار أيضا إلى تطبيق مشروع "السّوار الإلكتروني" على الحجاج لأول مرة بهدف سرعة التعرّف عليهم وقراءة بياناتهم إلكترونيا، تفاديا للوقوع في مشاكل كالتي عرفتها المواسم السّابقة واضطرّت إلى أخذ عيّنة من "أدي آن" ذويهم للتعرّف عليهم. لا غلوّ ولا تطرّف في الحجّ في ذات السياق، أكّد الحجاج الميامين الذين تواصلنا معهم بجدّة، تأديتهم حجّا خلا من الخلافات المذهبية، والتي "حاول بعض الحجّاج ممّن يحسبون على التيّار السلفي الوهابي، خلال المواسم السابقة، فرض بعض فتاويهم على عموم الحجّاج، ولعبوا دور المرشد والمفتي العام"، وهي المحاولات التي باءت، بحسب الحجّاج، بالفشل خلال هذا الموسم لتظافر جهود السلطات السعودية ووزارة الشؤون الدّينية والأوقاف لصدّ مثل هذه المحاولات. فمن جهة البلد المضيف، أكّد خادم الحرمين الشريفين أنّ "الغلو والتطرف توجه مذموم شرعا وعقلا وهو حين يدب في جسد الأمة الإسلامية يفسد تلاحمها ومستقبلها وصورتها أمام العالم، ولا سبيل إلى الخلاص من هذا البلاء إلا باستئصاله دون هوادة وبوحدة المسلمين للقضاء على هذا الوباء"، مضيفا أنّ "الإسلام هو دين السلام والعدل والإخاء والمحبة والإحسان" ومشيرا إلى أن "ما يشهده العالم الإسلامي اليوم في بعض أجزائه من نزاعات ومآس وفرقة وتناحر يدعونا جميعا إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف، والعمل سويا لحل تلك النزاعات وإنهاء الصراعات". "اللجنة الدينية انتشرت بشكل جيد هذه السن" وفيما أكّد خادم الحرمين حرص المملكة الدائم على لم شمل المسلمين ومد يد العون لهم، والعمل على دعم كل الجهود الخيرة والساعية لما فيه خير البلدان الإسلامية، وقال خادم الحرمين إن المملكة تعتز وتشرف بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وهو شرف خصها الله به، وأنّها سخرت المملكة العربية السعودية كل إمكاناتها لخدمة ضيوف الرحمن والسهر على راحتهم وتوفير كل السبل لتسهيل أدائهم لمناسكهم بكل يسر وطمأنينة، اتّخذت وزراة الشؤون الدّينية والأوقاف خطّة محكمة للوقوف في وجه محاولات "التطرّف والغلوّ" في الحجّ. من جهته، ترأّس محمد عيسى، وزير الشؤون الدّينية والأوقاف، اجتماعا للإطارات العلمية للبعثة قصد الاتفاق على نوع واحد من الخطب بعرفات، وأكد أن "العمل تمّ من قبل وهذا منحني الفرصة للتعليق على الاقتراحات وطلب إعادة الاقتراحات حسب المعطيات الجديد"، مشيدا ب "اللجنة الدينية التي انتشرت بشكل جيد هذه السن"، مضيفا أنّ " كل ملحق بالضاحية مزود بملحق للفتوى الجزائري". وأوضح السيد عيسى قائلا "لقد نجحنا في إقناع الحجاج الجزائريين بعدم التوجه نحو الأكشاك التي تقدم توجيهات مختلفة عن مرجعيتنا الدينية الوطنية وتمكين دكاترة الدولة المشكلين للجنة الفتوى من الخروج إلى الميدان و التعريف جيدا بالثقافة الجزائرية عن كثب بفضل الاتصال المباشر والاحتكاك بالحجاج"، وقد سمح العمل الميداني للأئمة أيضا من الخروج من وضعيتهم للقيام بعمل جواري والمرافقة و التوجيه والمساعدة في حالة ضياع الحجاج و في حالة مرض هؤلاء". ومن جهة أخرى أوضح الوزير ذاته أنه لاحظ أن محاولات الاجتياح الاديولوجي "تم تأطيرها كلي" حتى وإن كانت تأتي تحت غطاء الأعمال الخيرية لتوزيع الكتب والمنشورات و الأقراص المضغوطة، وأضاف وزير الشؤون الدينية قائلا "إننا لا نوزّع إلا ما أنتج في الجزائر..لدينا كتبنا والدلائل والمنشورات"، مشيرا إلى انه "يجب أن يحس الجزائريون أن لديهم تاريخ وانتماء ولكن ليس هناك إرادة من قبل الحجاج للامتناع عن قبول هذه الهدايا لأنهم يعلمون جيدا أننا نعيش في مرحلة اجتياح طائفي واديولوجي وديني". وفي ذات السياق، وعند انتهاء المرحلة الأولى في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم بنجاح باهر، وبعد تسفير كل الحجاج الجزائريين إلى مكةالمكرمة، وقبل أن يلتحقوا لتدعيم زملائهم بمكةالمكرمة، وخدمة الحجاج في الأيام العظيمة، اغتنم أعضاء البعثة الجزائرية الوقت المتوفر لينالوا حظهم من الإرشادات الدينية المتعلقة بأحكام الحج وطرح أسئلتهم الفقهية على المشايخ وأعضاء لجنة الفتوى. "أخطاء تمّ تداركها آنيا" الحجّاج الذين تحدّثوا إلينا أشادوا بالزيارات التفقدية لوزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى برفقة مدير الديوان الوطني للحج والعمرة يوسف عزوزة لهم بفنادقهم، حيث وقفا على ظروف إسكان ومعيشة الحجاج وكانت لهم نظرة عن قرب لمدى تكفل البعثة الجزائرية بالحجاج تطبيقا لشعار "حج الكرامة""، وبالمقابل عدّدوا بعض النقائص والتي قالوا إنّه "تم تداركها في حينها" تعلّقت بظروف إقامة بعضهم وإطعامهم بمكةالمكرمة، وذلك مباشرة بعد إيداعها على مستوى لجنة المتابعة المنصبة بهذا الصدد. ذات الشكاوي تعلّقت بطلبات للتدخل وكذا ملاحظات متعلقة بظروف اقامتهم" تقدّم بعض الحجّاج بشكاوي إلى لجنة المتابعة المنصّبة من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تخصّ نوعية الطّعام واحتلال بعضهم اقامات غيرهم رغم تسجيلهم الكترونيا، ولكنّنا وقفنا على الفور بإيجاد حلول لها وتعويضهم بإقامات أخرى مع تحسين الخدمات خاصّة في المرحلة الثانية من الحجّ". حجّاج بصفة "سوّاح" في ذات السياق، أكّد الحجّاج تحسّن التكفّل الصحّي المباشر بالحجّاج المرضى، وتطوّر طرق البحث عن الضّائعين منهم، كما تحدّثوا عن "تقاعس" بعض الوكالات مقارنة بأخرى في تقديم بعض الخدمات، كتلك غير المعتمدة التي تخلّت عن 47 حاجّا بمجرّد وصولهم مطار "نايف" بالسعودية قبل أن تتكفّل ذات السلطات بهم على الفور وتأكيد الدّيوان الوطني للحج والعمرة اقصاءها وفرض عقوبات عليها، بينما أكّد آخرون أنّ من الحجّاج من ذهب في "سياح" وليس للحجّ فطالب بخدمات اضافية و" منهم من أعاب حتى على نوعية الخبز المقدّم"، وذلك بانتظار ما سيضيفه حجّاجنا الميامين العائدون ليلة أمس إلى الجزائر إلى ما أكّده ضيوف الرحمان بجدّة.