هل يسعى سعيد سعدي إلى الاستثمار في ما حدث في تونس، وهو يخرج اليوم في مسيرة ممنوعة، متحديا بذلك السلطة وقوات الأمن ؟ هذا السؤال يستحيل أن نجيب عنه بسرعة، إنما يتعين علينا أن ننتظر ماذا تسفر عنه مسيرة الأرسيدي التي قرر سعيد سعدي تنظيمها اليوم. ومرجع السؤال إلى كون الأرسيدي حزبا »ميت« سياسيا مثل كثير من الأحزاب الجزائرية، وقد حاول سعيد سعدي عدة مرات أن يبعث الحياة في حزبه، كتلك المحاولة المرتبطة بوقوف الحزب ضد بناء مسجد في قرية »أغريب« مسقط رأس سعيد سعدي بولاية تيزي وزو.. ووصلت المحاولة في تصعيد درامي إلى تهديم المسجد، والقضية اليوم في يد العدالة بين الجمعية الدينية للمسجد وحزب سعدي. إلا أن تلك المحاولة تكون قد أتت بنتيجة عكسية، فتهديم المسجد أتى على ما تبقى من رصيد في حزب الأرسيدي. اليوم يقوم سعدي بمحاولة جديدة، ربما تعيد له بعض الحياة من جديد، فمن خلالها يسعى إلى الإستثمار في »انتفاضة الشعب التونسي« من جهة، ويعمل على استثمار ما يسميه هو بالإحتقان الاجتماعي، وذلك من خلال المسيرة المقررة اليوم من ساحة أول ماي إلى مبنى المجلس الشعبي الوطني على مسافة تقدر بنحو 1 كلم. المسيرة غير مرخص لها من طرف السلطات المعنية، والمسيرات في الجزائر العاصمة ممنوعة منذ 14 جوان 2001، عندما قامت حركة العروش بتنظيم مسيرة في العاصمة انتهت إلى مأساة من قتل وتخريب وتدمير. واليوم من المحتمل أن يحدث اصطدام بين حزب سعدي وقوات الأمن لتستثمر فيها وسائل إعلام أجنبية وربما منظمات دولية ليظهر سعدي بعدها كبطل كبير. لكن التحدي المطروح قبل أن نصل إلى التشابك والإستثمار السياسي، هو هل يستطيع سعيد سعدي فعلا التجنيد والقيام بمسيرة شعبية حاشدة في العاصمة ؟ هذا هو السؤال. ذلك أن الملاحظ أن حزب سعدي فقد منذ مدة قواعده النضالية حتى في معاقله الأم وهي منطقة القبائل، ففي هذه المنطقة، تنازعه وتنافسه على النفوذ عدة فصائل سياسية منها الأفافاس، ومنها حركة العروش، ومنها تيارات سياسية ليس لديها أحزاب وهي اليوم جزء من السلطة بعدما كانت سابقا تنشط في الأٍرسيدي. ويتفرع عن هذا السؤال سؤال آخر، هل يستطيع سعدي وهو الحزب العلماني البربري أن يجند جماهير من كل الألوان السياسية والاجتماعية ومن كل الشرائح العمرية؟ التجارب السابقة مع سعدي بيّنت أن حزبه لا يملك المقدرة على النفوذ خارج قواعده الأصلية ومنطقته الأم. ومع ذلك يبقى السؤال مطروحا إلى حين: هل بلغ الاحتقان في الجزائر درجة يستطيع سعدي أن يستثمر فيه ؟ لنرى .. ولكن لا ينبغي التقليل من خطورة النزوع نحو مسيرات ممنوعة وتحدي السلطة وقوات الأمن، فقد تحدث الشرارة. وسواء أتعلق الأمر بسعدي أو بغيره فإن هناك حلولا أخرى في العمل السياسي غير المواجهة.