أوقفت السلطات السعودية 11 أميرا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين مساء السبت، في حملة تطهير غير مسبوقة في تاريخ المملكة وجرت الحملة بعد ساعات على تشكيل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما صدرت أوامر ملكية بإعفاء وزير الحرس الوطني ووزير الاقتصاد والتخطيط من مناصبهم وإحالة قائد القوات البحرية إلى التقاعد، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس". بعد ساعات من إصدار الملك سلمان بن عبد العزيز أمرا ملكيا بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نقلت قناة "العربية" عن مصادر لم تسمها أن السلطات السعودية أوقفت 11 أميرا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين للتحقيق معهم بتهم فساد. ولم تسم القناة التي تمولها رساميل سعودية في الأنباء العاجلة التي أوردتها أسماء أي من الأمراء الذين أوقفوا، واكتفت بإعلان خبر "اعتقال 11 أميراً وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين في السعودية"، ولم يؤكد أي مصدر رسمي سعودي هذه المعلومات على الفور. وأفادت صحيفة "النيويورك تايمز" أن بين الموقوفين الملياردير الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز. وكذلك أفادت مواقع إلكترونية سعودية أن من الموقوفين الأمير الوليد بن طلال. وقال مصدر في مطار جدة إن قوات الأمن منعت طائرات خاصة من الإقلاع بهدف منع مغادرة شخصيات للأراضي السعودية. ورأى كريستيان أولريتشسن من معهد جيمس بيكر بجامعة رايس أن "نطاق ومدى هذه الاعتقالات لم يسبق لهما مثيل في التاريخ الحديث للمملكة العربية السعودية"، مضيفا أنه "إذا تأكّد اعتقال الأمير الوليد بن طلال، فسيشكل ذلك موجة صدمة على الصعيد الداخلي وفي عالم الأعمال الدولية". ولكن اعتقال هؤلاء المسؤولين الكبار يأتي بعيد إصدار العاهل السعودي أمرا ملكيا قضى "بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة"، وأضاف الأمر الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس" أن تشكيل اللجنة حصل بسبب وجود "استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة". وعزا أعمال الفساد إلى "تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية وحالوا دون قيامها بمهامها على الوجه الأكمل لكشف هؤلاء مما حال دون اطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة". وحصر مسؤوليات الهيئة ب"المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام" ومنحها سلطات "التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال". كما كلّفها ب"اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققاً للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها". كما صدرت أوامر ملكية أخرى أقال الملك سلمان بموجبها وزيري الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز والاقتصاد والتخطيط عادل فقيه وأحال قائد القوات البحرية الفريق الركن عبد الله بن سلطان بن محمد السلطان الى التقاعد. وأوردت "واس" أن الملك سلمان عين الأمير خالد بن عبد العزيز بن محمد بن عياف المقرن مكان الأمير متعب، وعين محمد التويجري محل فقيه، ورقى اللواء البحري الركن فهد بن عبد الله الغفيلي إلى رتبة فريق ركن وعينه قائدا للقوات البحرية. من جهة أخرى أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس أوامر ملكية شملت إعفاء الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وزير الحرس الوطني من منصبه، وتعيين الأمير خالد بن عبدالعزيز بن محمد. ونقلت الوكالة عن هيئة كبار العلماء في السعودية أن مكافحة الفساد لا تقل أهمية عن مكافحة الإرهاب. وأفادت في تغريدة على "تويتر" أن "محاربة الفساد تأمر به الشريعة الإسلامية، وتقضي به المصلحة الوطنية، ومحاربته لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب". وأفاد وزير الثقافة والإعلام عواد بن صالح العواد أن "هذا الأمر يشكل خطوة مهمة في تنفيذ سياسة المملكة الرامية للمحافظة على المال العام ومحاسبة المفسدين وكل من عمل على استغلال منصبه للإثراء والتكسب، معلناً انطلاق مرحلة جديدة تؤسس لأسلوب إدارة الدولة القائم على أسس النزاهة والأمانة والإخلاص". وأضاف أن رسالة ولي العهد "واضحة وحازمة بأنه لن يفلت أحد من المحاسبة والمعاقبة متى ثبت تورطه في قضايا الفساد"، وتحدث عن "إعادة الأموال المنهوبة من دون وجه حق للاستفادة منها في مشاريع التنمية وإعادة عشرات الملايين من أمتار الأراضي المستولى عليها بغير وجه حق للاستفادة منها في حل مشاكل الإسكان". ونقلت "واس" عن رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" الدكتور خالد بن عبد المحسن المحيسن أن "الأمر الملكي يؤكد عزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين على اجتثاث الفساد، وتعقب ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد، وغلّب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، واعتدى على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية"، وأكد أن اللجنة ستعمل على "محاسبة ومعاقبة كائن من كان ممّن تثبت عليه جريمة الفساد".