انتقد المشاركون في الورشات الثمانية التي فتحتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لمناقشة السياسية الصحية في الجزائر، عديد الممارسات التي أدخلت القطاع الصحي بالجزائر في دوامة وخلفت مظاهر كثيرة لسوء التسيير والمحسوبية والعجز في ترشيد النفقات والاستفادة من الأموال الضخمة التي يحظى بها القطاع، مشكل القطاعين العام والخاص، العلاقة الوظيفية بين الهياكل الصحية وغيرها من القضايا كانت في قلب النقاش. تواصلت أمس وفي يومها الثاني أشغال الندوة الوطنية الأولى حول سياسية الصحة وإصلاح المستشفيات الجارية بقصر الأمم بنادي الصنوبر، حيث شرع المشاركون في هذه الندوة من أطباء ومختصين في الصحة وشبه طبيين وغيرهم من الجهات المعنية في مناقشة وضعية هذه السياسة الصحية، ويفترض ان تتوج هذه النقاشات بتوصيات سيتم إدراجها في تعديل قانون الصحة بما يتماشى ومستجدات القطاع خاصة وان هذا القانون الذي لمي يعدل منذ سنة 1985. وفي هذا السياق أكد المشاركون في ورشة التنظيم الصحي وإصلاح المستشفيات عدم وجود تطابق بين عرض العلاج والحاجيات الحقيقية للسكان، والتي يضاف إليها صعبة الاستفادة من العلاج، ناهيك عن متطلبات القطاع الجديدة بالنظر إلى التطور الذي تعرفه الجزائر، ومن هذا المنطلق طرح المشاركون إشكالية الأجهزة الوسيطة المكلفة بالضبط والتنسيق بين مختلف النشاطات وضمان العلاج. وبدوره الإشكال المروح بين القطاعين العام والخاص كان حاضرا، حيث أكد أحد المتدخلين أنه لا يمكن للقطاع الخاص أن يعمل وينجح إلا إذا كان يرتكز على قطاع عمومي صلب وقوي، فيما طالب احد الخواص بتوفير الموارد البشرية لدعم القطاع الخاص لأن تعيين المتخرجين في الطب يكون بتلقائية في المؤسسات الصحية العمومية وهذا ما يجعل اليد العاملة نادرة عند الخواص، كما دعا إلى ضرورة تمكين هؤلاء الأطباء أو الشبه طبيين من التعاون مع القطاع الخاص. المقاربة ذاتها كانت مرفوضة في ورشة سياسات ونظم صحية، حيث أكد متدخل في هذا السياق على ضرورة سن قانون يمنع الأطباء من مزاولة نشاط إضافي عند الخواص لما ذلك من ضرر على صحة المريض وتقصير في أداء المهنة. وقد دعا المشاركون إلى ضرورة استحداث هياكل تنسيق تكون لها سلطة ضبط لمعالجة أي خلل وظيفي بين الهياكل الصحية، وحتى يتمكن كل مركز منن استغلال كل قدراته وفق احتياجات المرضى ولن نضطر إلى تحويل المرضى لإجراء الأشعة إلى مستشفى أخر بدل إصلاح جهاز الأشعة المعطل. ورشة السياسة الصيدلانية تطرقت هي الأخرى إلى المشاكل التي يعرفها القطاع من حيث الفوضى التي يعيشها سوق الدواء والشروط المفروضة على المستوردين كما تم التطرق إلى العوامل الثلاث التي بإمكانها أن ترقى بهذه السياسة الصيدلانية وهي الوفرة، إمكانية الحصول على الدواء وكذا النوعية، فيما يبقى مشكل توزيع الدواء عائقا بالنظر إلى المعطيات الراهنة، هوامش الربح والأدوية المنتهية الصلاحية وغيرها من القضايا كانت مطروحة بقوة. ورشات أخرى كانت مفتوحة أمام المشاركين على غرار ورشة الوقاية العامة للصحة، مستخدمي القطاع الصحي، التخطيط الصحي ، الصحة بالجنوب وكذلك أخلاقيات المهنة، وقد رافع عديد المتدخلين عن ضرورة ترقية الصحة في الجنوب بما يضمن استقرار المنطقة على حد قول وزير الصحة نفسه والذي اعتبر الصحة عاملا من عوامل الاستقرار السياسي في البلاد، فيما تم اقتراح مراعاة العنصر البشري في كل المخططات التي يتم بلورتها وضمان استعمال عقلاني للهياكل الصحية والأجهزة الطبية وفق احتياجات المواطنين. وكانت الدعوة إلى ترشيد النفقات وضمان تمويل عقلاني للقطاع مع تسيير فعال في قلب النقاشات التي ركزت على العنصر البشري وضرورة الاهتمام بالتكوين. ويشار إلى أن النقاشات التي فتحت على مستوى الورشات الثمانية تتواصل اليوم، في انتظار صياغة جملة من التوصيات، وعقد الوزير لندوة صحفية في ختام الندوة، فيما سيبقى المجال مفتوحا أمام كل الشركاء لإثراء هذه التوصيات باعتبار أنها ستساهم في صياغة تعديل قانون الصحة وكذلك تقديم رؤية جديدة للسياسة الصحية بالجزائر.