سارعت الولاياتالمتحدة لتجديد موقفها المطالب بانتقال سلمي للسلطة في مصر، نافية أن تكون تصريحات مبعوثها إلى القاهرة حول ضرورة بقاء الرئيس حسني مبارك موقفا رسميا، وهو الأمر الذي أثار علامات استفهام كثيرة حول حقيقة الموقف الأمريكي. فقد أكد الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي أول أمس السبت أن ما قاله الدبلوماسي الأمريكي فرانك ويزنر -الذي أرسله الرئيس باراك أوباما إلى القاهرة مبعوثا شخصيا له- لا يعبر عن موقف الإدارة الأمريكية، وأن الدبلوماسي المتقاعد لم ينسق تصريحاته مع الحكومة. وكان ويزنر قد تحدث إلى مؤتمر للأمن في ميونيخ عبر الهاتف قائلا إنه من الواجب أن يبقى الرئيس مبارك في منصبه حتى يتم تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بشرط أن يسبق ذلك إجماع وطني حول الشروط اللازمة لتنفيذ الخطوة المقبلة. ومن جهتها شددت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في مؤتمر ميونيخ للأمن على ضرورة إجراء الإصلاحات المطلوبة التي تتيح إجراء انتخابات ديمقراطية في مصر. وطالبت كلينتون بضرورة منح الحوار المقترح بين الحكومة والمعارضة مزيدا من الوقت، مجددة دعم بلاده للعملية الانتقالية التي قالت إن عمر سليمان نائب الرئيس المصري يقودها حاليا. بيد أن مسؤولين أمريكيين نفوا أن يكون هذا الكلام مؤشرا على رغبة واشنطن في أن يكون لعمر سليمان -مدير المخابرات العامة- دور مستقبلي في العملية السياسية. وفي نفس السياق، أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما السبت الماضي عددا من الاتصالات الهاتفية بمجموعة من زعماء العالم لبحث الوضع الراهن في مصر، من بينهم ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وأوضح بيان صدر عن البيت الأبيض أن الرئيس أوباما شدد على أهمية القيام بعملية انتقال سلمي ومنظم تبدأ الآن من خلال تشكيل حكومة تستجيب لتطلعات الشعب المصري، بما في ذلك إجراء مفاوضات شاملة ذات مصداقية بين الحكومة والمعارضة. كما أجرى نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصالا هاتفيا بعمر سليمان نائب الرئيس المصري وبحث معه تطورات المرحلة الجارية، وأكد له -بحسب بيان صادر عن مكتب بايدن- الحاجة الماسة لوجود خطة واضحة وملموسة، وجدول زمني يثبت للشعب والمعارضة أن الحكومة المصرية ملتزمة بالإصلاح. وكانت تصريحات ويزنر قد قوبلت بانتقادات عنيفة من جهات مصرية، حيث اعتبر رئيس الجمعية الوطنية للتغيير (المعارضة) محمد البرادعي أن قيام واشنطن بدعم الرئيس مبارك أو حتى نائبه سليمان لقيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية سيكون »نكسة كبيرة«. وأشار البرادعي إلى أن واشنطن لا تمتلك -على ما يبدو- سياسة واضحة حيال مصر، متهما الإدارة الأمريكية بمحاولة صياغة موقفها تبعا لموازين القوة على الأرض، وليس استنادا إلى موقف مبدئي واضح. ومن جهة أخرى قال مسؤولون أمريكيون السبت الماضي إنه لم يتخذ حتى الآن أي موقف واضح بخصوص قطع المساعدات العسكرية عن مصر، باعتبار أن الجيش المصري يقوم بعمل جيد وحيادية واضحة في الأزمة الداخلية. بيد أن مسؤولا أمريكيا -رفض الكشف عن اسمه- أعرب عن خشيته من احتمال أن يؤدي تغيير النظام إلى تغييرات في النخبة العسكرية. وعلى المستوى العسكري، قال مسؤولون أمريكيون إن وزارة الدفاع (البنتاغون) بدأت تحريك سفن حربية استعدادا لإجلاء رعايا أمريكيين من مصر. ونقلت صحيفة لوس أنجلس تايمز عن المسؤولين أن سفينة كيرسارج الهجومية البرمائية وعلى متنها من 700 إلى 800 عنصر من وحدة الاستطلاع السادسة والعشرين في مشاة البحرية (المارينز) وسفينة بونس، وصلتا إلى البحر الأحمر وهما راسيتان قبالة السواحل المصرية. وشدد مسؤولون في البنتاغون على أن احتمال التدخل العسكري في مصر مستبعد تماماً، وأن تحريك القطع البحرية تم فقط لأغراض الطوارئ، في حال استدعت التطورات الحاصلة ذلك.