بعد النجاح الملفت الذي صنعته ولاية الوادي في جلب السواح، وتحولها في فترة وجيزة إلى وجهة سياحية داخلية مميزة خاصة، خلال احتفالات نهاية السنة، قامت وكالة " أكاديس ترافل" بتوجيه دعوة لبعض الوسائل لإعلامية لجلسة حوارية لمناقشة أهم المحاور التي تعمل على تطوير السياحية الصحراوية، حيث تحدث موسى دامو صاحب الوكالة حول المجهودات الجبارة التي تقوم بها " أكاديس ترافل" للتسويق لواد سوف سياحيا، والكشف عن معالمها التاريخية التي لم تلق الترويج الذي يتناسب مع قيمتها التاريخية والحضارية، كما تم تطرق المتحدث إلى أهم الصعاب التي تعرق نشاط الوكالات السياحية في وادي سوف، مبرزا الأهداف المسطرة لتحويل هذه الولاية إلى وجهة سياحية عالمية مشابهة ب "بسفاري دبي"، و أكد دامو خلال اللقاء الذي جمعه بالصحفيين أن:"النشاط السياحي شهد مع مطلع العام 2021 تعافياً واضحاً، حيث تم تسجيل استضافة أكثر من 600 سائح لدى الوكالة في ظرف شهر فقط جانفي ، ذلك ما يمثل ضعف ما كان يسجل خلال السنوات الفارطة". بعد التميز الذي صنعته الوادي كوجهة سياحية في مطلع السنة الجارية، حبذا لو تحدثنا عن أصل فكرة التأسيس لوكالة سياحية بالولاية ؟ فكرة التأسيس لوكالة خاصة بالسياحة تعود إلى الجد، حيث كان يستضيف بعض الأصدقاء هنا في الولاية ومنها تم توارث هذه العادة أبا عن جد، ومنها جاءت الفكرة كنتيجة لاستضافة بعض الأصدقاء والمعارف، وتطور النشاط مع تزايد عدد الوفود إلى أن تحول إلى تسطير برامج تجوال وتفسح للأصدقاء وعائلاتهم القادمين من مناطق الشمال وبلدان أجنبية إلى أعماق الصحراء، نبرز لهم فيها أهم الأطباق والعادات الصحراوية، حياة البدو والرحل في المنطقة، وتطورت شيئاً فشيئاً لنصل في الوقت الراهن إلى إنشاء وكالة "أكاديس ترافل" للأسفار والسياحة، وهي فرع تابع لمجمع "كادي غلوبال" الناشط في قطاع الاستيراد والتصدير. تميزت "أكاديس ترافل" بتنظيم رحلات "سفاري" للسياح إلى أعماق الصحاري، كيف تمكنتم من تجسيد البرنامج على أرض الواقع ونحن نعلم أن الفكرة جديدة في الصحاري الجزائرية ؟ تجسيد فكرة "سفاري" لم يكون بالسهل ولم يأتي بمحض الصدفة وإنما جاء بعد الاحتكاك المتواصل بشيوخ وأعيان المنطقة، الذين لهم علم كبير بالمنطقة، حيث وقدّموا لنا كافة المعطيات عن الأماكن السياحية والتاريخية والثقافية، منها فندق "ترانزيت" الذي تمت زيارته، منطقة "أم الصحاوين"، "الغوط"، وغيرها من المعالم السياحية والتاريخية العريقة، والتي عملنا على جعلها قبلة للسياح قبلة للسواح من خلال تسطير برامج سياحية لزيارة والتعرف على هذه الأماكن السياحية وكذا بمرافقة مرشد سياحي الذي يقدم كافة المعلومات التاريخية التي تزخر بها الولاية. ويبقى المشكل الذي نواجهه حاليا يكمن في التوقيت، وفي إمكانية تجسيد كافة البرامج المسطرة، لاسيما في حال مواجهتنا مشاكل وعراقيل غير متوقعة. وأما بالنسبة إلى تجسيد فكرة "سفاري" على صحاري وادي سوف لم يكن بأمر الهين كما أنه لم يكون مستحيل حيث تزخر الولاية بشاسعة صحاريها وجمال رمالها التي تخطف الأنظار من أول نظرة، من هنا كانت البداية، فالموارد الطبيعية موجودة، الموارد البشرية متوفرة، إذ تم الاعتماد في تجسيد الفكرة على هذين العاملين اللذان يعتبران أساس كل مشروع ناجح، فالنجاح جاء بوضع الثقة وبالاعتماد أساساً على موارد ومهارات جزائرية. من جانب أخر لاحظنا أن السائح يحتاج إلى أماكن للراحة والاسترخاء والاستجمام داخل الصحاري، ومنها قمنا بنصب 05 خيم عملاقة تفي بهذا الغرض، مطعم مجهز ومتكامل يوفر الوجبات التقليدية للمنطقة، بطاقم طباخين ومساعدين محترفين، بالإضافة إلى الفضاءات المرتبطة بها كالمغسل والحمام ومكان خاص للعب وتسلية الأطفال، وذلك حتى يتسنى للسياح أخذ كامل راحتهم خلال المغامرة. بالإضافة إلى ذلك، تم توفير سيارات رباعية الدفع (4*4) للتنقل والتجوال في أعماق الصحاري، الدراجات الهوائية "الكوادر" ليستمع السياح بالتجوال وشق الكثبان الرملية، والإبل لهواة ركوب الجمال، بالإضافة إلى برنامج ثقافي وفني وترفيهي ثري، يتماشى مع احتياجات السياح التوّاقين إلى الترفيه والاستمتاع بالموروث السياحي الصحراوي. هذا، ويسهر 08 عمّال على عمليات التسيير والتنظيم داخل المخيم، بعدد إجمالي للمستخدمين يتجاوز 15 مستخدم، وذلك من أجل ضمان وتلبية كافة متطلبات واحتياجات الزبائن في أقصر مدة ممكنة. وبالنسبة لمن يعتبرون أن "سفاري دبي" لا يمكن تجسيدها إلاّ هناك، أقول لهم أن "دبي" تجاوزتنا فقط بالفكرة، وبإيمانهم بنجاح مثل هكذا مشاريع سياحية، وبيئتها ليست أفضل من بيئتنا الصحراوية ورمالنا الذهبية الفريدة من نوعها، وسنتمكن في غضون 05 إلى 06 سنوات من تحقيق ما حققته دبي، لكن يبقى على الدولة فقط دعمنا ومساعدتنا في توفير الأمن والمرافقة خلال تلك الخرجات. الملاحظ أن هناك مجهودات كبيرة من طرفكم من أجل تحويل الوادي إلى وجهة سياحية أولى بالوطن، هل التمستم نتائج هذا المجهود؟ النقطة مهمّة جدا، في المستهل كان نشاطنا يقتصر على تنظيم خرجات وجولات سياحية لصالح عائلات الأصدقاء والأحبة، ولكن بحلول العام 2017، باستقبالنا عائلة جزائرية مقيمة بالخارج، والتي التمسنا فيها أعجباهم الكبير بالضيافة والبرنامج السياحي المسطّر لها في صحاري واد سوف (المشاوي، خبز اللّمة، الأطباق التقليدية، الشاي..)، قامت بإرسال مجموعة سياح من 20 سائح محلي أجنبي، ومن هنا بدأت الفكرة، لنصل إلى استقبال مجموعة سياح كل أربعة إلى خمسة أيام. وصراحة، واجهنا عراقيل كثيرة في البداية خلال مراحل إنشاء الوكالة السياحية، لاسيما بيروقراطية الإدارة، لكن تشجيعنا من بعض الرجال ومساندتهم لنا، بالإضافة إلى حبنا وشغفنا الكبير بهذه المهنة، جعلنا نتخطى تلك العقبات ونؤسس هذا المشروع بنجاح. هذا النجاح بدا جليا في تزايد عدد السياح لدى الوكالة، إذ قمنا باستقبال 170 سائح سنة 2018، لينتقل العدد إلى 300 سائح في 2019، ليقفز العدد خلال 2020، وهي فترة تفشي وباء "كورونا" وتداعياته السلبية على كافة النشاطات الاقتصادية والتجارية والخدماتية، إلى أكثر من 300 سائح، في حين قفز العدد الإجمالي للسياح لدى "أكاديس ترافل" إلى أكثر من 600 سائح في ظرف شهر فقط من مطلع العام 2020. وتوحي هذه الأرقام إلى مدى الإقبال المكثف للسياح على وكالتنا، بفعل برامجها الثرية والمغرية، وكذا تسهيلاتها المتاحة أمام العائلات، وهذا نابع أساساً عن رضا وثقة الزبون بخدمات الوكالة، وبالتزاماتها التعاقدية التي تبرز فعلياً وتروّج لصورة وسمعة المؤسسة. ما هي الصعوبات التي تعترضكم حالياً في سبيل الدفع وترقية السياحة الصحراوية ؟ قد لا يخفى عليكم أن المشكل الأساسي الذي لازلت تواجهه السياحية الداخلية باستمرار يكمن في غياب ثقافة السياحة لدى سكان المنطقة خاصة المناطق التي لا تستقبل وفود سياحية كبيرة ما يشكل عائق أمام كسب السائح، ومنه أعتقد أنه علينا الترويج لفكرة تقبل السياح المحليين والأجانب والتعايش معهم، وتوفير كل المستلزمات والسلع والبضائع التي يحتاجونها ستعمل دون شك على تعزيز هذا النشاط والدفع به أكثر ليصبح المصدر الأول لمداخيل كثير من العائلات. لهذا، فإن غياب الثقافة السياحية في عديد مناطق الوادي خاصة في المناطق الحدودية والمعزولة أثر سلبا على هذا النشاط، في وقت أضحت فيه حوالي 06 إلى 07 فنادق كبرى ممتلئة على الآخر من السياح، إضافة إلى عشرات الإقامات السياحية المقامة خصيصاً لاستيعاب زوّار المنطقة، ما يعني أن الفكرة السياحة جديدة عليهم، وتتطلب وقتاً لتقبلها والتعايش معها وفق منطق "رابح-رابح". وماذا عن العراقيل التي تعرقل نشاط الوكالات السياحية بشكل عام؟ سوف أركز على أكبر مشكل يؤرّق غالبية الوكالات السياحية، وهو يكمن في ضعف تواجد المرشدين السياحيين المؤهلين والمعتمدين من طرف الوزارة الوصية، لاسيما الذين يتقنون اللغات الأجنبية من أجل التواصل والشرح الجيد للمعالم السياحية والثقافية والأثرية في منطقة واد سوف للسائح الأجنبي. وهذا الشيء يجعلنا نطلب من الوزارة بضرورة فتح تكوينات لصالح المرشدين السياحيين الناشطين حاليا مع الوكالات بغرض ترقية مستوياتهم والرفع من مهاراتهم. تم تناقل أخبار عن حدوث مناوشات كلامية ومبيت سواح في سيارتهم خلال الاحتفالات برأس السنة ..كيف تعلّقون على ذلك، في ظل التشويه الذي طال نشاطكم ؟ اعتقد أن الاحتفالات برأس السنة الميلادية هذه السنة بواد سوف جاءت في وقت "خاص واستثنائي"، حيث تتزامن مع حجر صحي قارب السنة كاملة، دون وجود أي أماكن للترفيه والتسلية، وهذا ما جعل الأمور تخرج قليلاً عن نطاقها، لكن رغم ذلك، الحدث شهد نجاحاً كبيراً، وجل العائلات وزوّار المنطقة أبدوا رضاهم عن برنامجنا، أملين في العودة إلى المنطقة في مناسبات أخرى قادمة. هذا واستقبلت الولاية أكثر 2000 سائح عن أربعة وكالات فقط، بلغ حصة وكالة "أكاديس ترافل" 300 سائح، وهذه الأرقام كانت حصيلة نشاط لفترة سنة كاملة خلال السنوات الفارطة. يعتبر الترويج من أهم الركائز التي يجب الاعتماد عليها للتشهير لبرامجكم، ما هو جديد الوكالة لكسب السائح الجزائري والأجنبي ؟ أؤكد لكم أن البرامج السياحية لوكالة "أكاديس ترافل" تتغير وتتطوّر باستمرار، وفي كل خرجة ندرج برامج جديدة لتلبية احتياجات ومتطلبات السائح. فمثلاً، خلال رحلة "سفاري" الأسبوع الماضي، تمت إضافة خدمة "القفز والتحليق بالمضلات" من أعالي الكثبان الرملية، وهذا حتى يتسنى للسائح رؤية سحر المكان عن كثب. أما فيما تعلق بالإستراتيجية المسطرة لجذب وإغراء السياح، فقد تم منح ميزة "مجانية السفر" للأطفال لأقل من 06 سنوات، كتحفيز للعائلات على التنقل والتجوال خلال العطل، بالإضافة إلى تقليص تكاليف الخدمة للأطفال من بين 06 سنوات إلى 12 سنة، يضاف إليها حالياً التفكير في تنظيم"طومبولا" خاصة بالسياح لتمكينهم من الفوز بهدايا رائعة. أما بالنسبة للأسعار المتاحة للسائح، فهي مدروسة إلى أبعد الحدود، وتم الأخذ بالاعتبار الإقامة الجيدة والتنقل والإطعام، بالإضافة إلى رحلات "سفاري" إلى أعماق الصحراء، وهذه التسعيرة لن تجدوها في وكالات أخرى منافسة. بعد نجاح برنامج احتفالات نهاية السنة والعطلة الشتوية، هل هناك برنامج السياحي الخاص بالعطلة الربيعية؟ فعلاً، هنالك برنامج سياحي وثقافي ثري في انتظار العائلات، وسيمتد طيلة أسبوعٍ كامل، إذ سيتم مشاركة ثمانية (08) وكالات سياحية بالتنسيق والتعاون مع "أكاديس ترافل" في واد سوف، منها وكالة من عنابة، أم البواقي، سطيف، قسنطينة، بجاية، ثلاثة وكالات من العاصمة، وكالة أخرى من وهران. وسيشهد هذا البرنامج السياحي الثري حضور معتبر للسياح، يتخللها عروض واحتفالات حتى يتسنى للزوّار الاستمتاع جيدا بسحر وعراقة الصحراء الجزائرية، وبزخم موروثها الثقافي. بالحديث عن تداعيات تفشي وباء "كورونا" وتأثيراته على النشاط السياحي، كيف تجدون الموسم الحالي ؟ استقبلنا خلال شهر فقط من العام 2021 ضعف ما كنّا نستقبله سنويًا، وهذا مؤشر واضح عن بدء تعافي النشاط السياحي المتأثر كثيرا بتداعيات تفشي وباء "كورونا" خلال العام 2019. وباحتساب المتوسط، كنا كل يوم نقوم بجولة لعائلة أو لعائلتين من 08 أشخاص إلى الصحاري، وهذا يعطي انطباعا إلى بدء تحسن الأوضاع، وعودة النشاط إلى سابق عهده تدريجياً. وحتى التجار استحسنوا نشاط وكالاتنا السياحية، وأكدوا لي مراراً أن تلك البرامج والخرجات أسهمت بإيجابية في إنعاش تجارتهم بعد سنة من الركود بفعل "كورونا". وقد تطرقنا في اجتماعنا مع مدير السياحة لولاية الوادي إلى هذه النقطة، وأشرنا إلى أن إقبال السياح تستفيد منه سلسلة من المهن والنشاطات الاقتصادية والتجارية، على غرار الفنادق، المطاعم، الحرفيين والناقلين والتجار.. ما تعيّن تذليل كافة العقبات لتسهيل دخول السياح لإقليم الولاية. وفي هذا الإطار، أشير لكم أننا نتعامل وننسق حالياً مع أكثر من 18 وكالة في الجزائر، ووكالتين في تونس وجربة وسوسة، ترسل لنا باستمرار سياح إلى ولاية الوادي. بالنسبة للسلطة المحلية المتمثلة في مديرية السياحة بالولاية، هل هناك مرافقة في سبيل الترويج للسياحة المحلية، وخاصة وأن هذا يدخل ضمن مهام المديرية؟ كلمة حق الحق تقال، لم يتوانوا عن تقديم الدعم والمساعدة للوكالات السياحية من أجل النشاط والترويج للسياحة المحلية، وقد تم استقبال مستشار عن وزارة السياحة بعد احتفالات رأس السنة الميلادية، واطلع على عدد السياح وقدرات استيعاب فنادق المنطقة، بما فيها فندق "تيجاني" بنحو 250 سرير، منتجع "الغزال الذهبي" الذي تم إبلاغه بضرورة افتتاح القاعة البيضاوية (La Coupole) لاستقبال أكثر من 400 سائح، بعد امتلاء الفنادق عن آخرها. كما أن فندق "لوس" يستوعب 300 مقيم، وفندق "سوف" 300 مقيم، فندق "العلمي" 150 شخص، بالإضافة إلى وجود 12 إقامة سياحية استقبلت مئات المقيمين بالمناسبة، ومن هذا المنبر أوجه بالشكر للسيد مدير السياحة ومستشاره. كلمة أخيرة ؟ ندعو من خلالكم السلطات الأمنية لتسهيل الإجراءات خلال تنقلات القوافل السياحية، وذلك بعدم تعطيلهم لساعات وساعات على مستوى الطرقات، في حين أن هذه الأخيرة تحوز على كامل الوثائق والتراخيص في النشاط والتنقل، ذلك ما يعمل على الإخلال بالبرامج المسطرة للسائح، ما من شأنه إحداث مشاكل فيما بين السائح وصاحب الوكالة.