باشرت العديد من القطاعات الوزارية في عقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات خلال الأيام الأخيرة لدراسة أهم الملفات التي كُلفت بها من طرف رئيس الجمهورية في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، وتأتي كل من وزارات الدفاع والداخلية والعمل في مقدّمة هذه القطاعات إضافة إلى وزارة التجارة بالنظر إلى حساسية الملفات التي أوكلت لها، فيما شرع بعض الوزراء في زيارات ميدانية للحديث مع الشباب والاستماع إلى انشغالاتهم. شكّلت الكثير من الملفات التي تشغل الجبهة الاجتماعية محور لقاءات ترأسها الوزير الأول أحمد أويحيى منذ بداية الأسبوع، وقد تمّ تكليف أكثر من قطاع بالإسراع في إعداد التقارير والنصوص التنظيمية الخاصة بها في أقرب الآجال خصوصا مع تزامن ذلك والحراك الدائر لتنظيم مسيرة بالعاصمة رغم أن مصالح الولاية لم تُرخّص لها، إلى جانب تخوّف السلطات العمومية من عودة هاجس الاحتجاجات. ولذلك فإن ملف التشغيل ومحاربة البطالة يتصدّر أولى الانشغالات على اعتبار أن وزير القطاع عقد اجتماعيين متتالين مع الوزير الأول خلال هذا الأسبوع، يومي السبت والأحد، وبناء على النتائج التي تمّ التوصل إليها فإن الطيب لوح اجتمع قبل يومين بمسؤولي دائرته الوزارية للنظر في الآليات الكفيلة بمراجعة بعض التدابير المرتبطة بملف التشغيل الذي يبقى هاجس الشباب والحكومة على السواء. وتنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية فإن مصالح وزارة العمل استنفرت كافة أجهزتها من أجل التكفّل بهذا الملف، وهو الأمر الذي بدا واضحا من كلام المسؤول الأول على القطاع الذي أكد أن المطلوب هو أن تكون السلطات المحلية في مستوى الجهود التي تقدّمها الدولة لدعم تشغيل الشباب، كما حمّل أرباب العمل وأصحاب المؤسسات مسؤولية المساهمة الإيجابية في توفير مناصب العمل بعد التسهيلات التي حصلوا عليها من طرف الحكومة في العامين الأخيرين. ومن جانبه فإن وزير التكوين والتعليم المهنيين، الهادي خالدي، شرع منذ أيام في زيارات ميدانية للوقوف على حجم التكفل بالشباب على مستوى مختلف مراكز التكوين، وقد استغل الفرصة للحديث مع الكثير من الشباب المتربص بأهمية الإقبال على أجهزة قطاعه للاستفادة من تكوين نوعي يلبي حاجيات السوق، مركّزا على التحفيزات التي خصّتهم بها الدولة من أجل مباشرة تربص يضمن لهم منصب عمل في مؤسسات تدخل في مجال تخصّصهم. وبالنظر إلى أهمية وحساسية ملف رفع حالة الطوارئ فإن الحكومة عقدت اجتماعات مصغّرة بإشراك كل من وزارات الدفاع الوطني والداخلية والعدل، بغرض بحث الطريقة المناسبة لصياغة النصوص الخاصة بمعاجلة ملف مكافحة الإرهاب، ويُنتظر أن يتم الفصل في هذين الملفين قريبا خاصة وأن بوتفليقة شدّد على هذه القطاعات بضرورة الإسراع في التكفل بهما بما يتناسب ومقتضيات المرحلة. وعلى صعيد حماية القدرة الشرائية للمواطنين وتفادي سيناريو ارتفاع مفاجئ لأسعار المواد الأساسية، تعكف مصالح وزارة التجارة على إعداد إستراتيجية تضمن تحسين الضبط والشفافية في مجال النشاطات الاقتصادية والتجارية بما يُجنّب أية محاولة لتوظيف هذه الإجراءات ضد الصالح العام، مع التشديد على إقحام السلطات العمومية في تموين السوق المحلية بالمواد الاستهلاكية الأساسية وضبطها، تنفيذا لتوجيهات بوتفليقة التي أمر بموجبها الحكومة بالشروع، دونما تأجيل، في تنفيذ التعليمات الرئاسية المتعلقة بتثبيت وضبط سوق المواد الغذائية الأساسية. كما لا تغفل الحكومة في هذا الظرف ملف السكن لأن رئيس الجمهورية كان واضحا الخميس الماضي عندما أمر مصالح القطاع بالتعجيل في منح »الكمية الهائلة« من السكنات الاجتماعية ذات الطابع الإيجاري التي تم تسليمها محليا، وكذا تشديده على استكمال بعض ورشات السكن الترقوي التي ما تزال مُعطّلة بسبب بعض النزاعات، مؤكدا أنه »يتعين إيجاد حل للوضع القانوني لهذه الحالات وتهيئة السكنات كي لا تبقى غير مأهولة«. ومن هذا المنطلق فإن مبنى وزارة السكن يعرف اجتماعات مكثفّة فيما يُشبه حالة استنفار على خلفية توجيهات رئيس الدولة، وهذا ما يكشف أن السلطات العمومية تدرك بأن ملف السكن عامل كان وراء الاحتجاجات الأخيرة على الرغم من الجهود التي تُبذل منذ سنوات لمواجهة الطلبات المتزايد على السكن. وإذا كانت تحرّكات كل هذه الوزارات تدخل في خانة وزارة المالية التي ستتكفل بالجوانب والمخصصات المالية، فإن وزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة وترقية الاستثمار تبقى معنية بهذا الاستنفار الوزاري غير المسبوق، وحسب ما تسرّب فإن الوزير بن مرادي ترأس اجتماعات مع مسؤولي قطاعه لإيجاد صيغ كفيلة بتسهيل عمليات الاستثمار للمؤسسات التي تساهم في توفير مناصب الشغل، كما أن الهدف من هذا التجنيد هو وضع حد للغموض الذي يُلازم الإستراتيجية الصناعية في الجزائر بالرغم من التصريحات الرسمية التي تؤكد أنها ستتخذ إجراءات تخص القطاعات الإستراتجية دون تجسيدها ميدانيا. وبموجب ذلك صرّح المدير العام للذكاء الاقتصادي والدراسات الاستشرافية، محمد باشا، أن التحليل الذي قام به مختصون حول الإستراتيجية الصناعية المعتمدة منذ عدة سنوات انتهى إلى الكشف عن نقص في مدى تطبيق الأعمال المبرمجة، وأكد أن مصالحه بصدد دراسة مخطط عمل تطبيقي ملموس بهدف التوصل إلى تحقيق النتائج المرجوة على أن يتم عرضه على الحكومة قريبا. أما كتابة الدولة المكلفة بالإحصاء التي تقرّر استحداثها في آخر تعديل حكومي، فقد وضعت ضمن أولوياتها التحضير لإجراء سلسلة من الدراسات ابتداء من هذه السنة بهدف تحيين وجعل المعطيات الاجتماعية-الاقتصادية للبلاد أكثر نجاعة، وإضافة إلى الإحصاء الاقتصادي ستخص هذه الدراسات نفقات واستهلاك الأسر والإحصاء العام الفلاحي والدراسة السنوية للبطالة والشغل واحتساب مؤشر التنمية البشرية.