وزير المجاهدين يشرف على إجتماع لمتابعة تحسين وتحديث آليات الإتصال الإداري    تعزيز التعاون الجزائري التونسي في قطاع التضامن    استحداث 5 ثانويات جهوية للرياضيات    باريس تغرق في شبر من ماضيها الأسود    "بريد الجزائر" يلتزم بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة    مديريات لتسيير الصادرات ومرافقة المتعاملين    ملتزمون بدعم آليات التضامن والتكفّل بذوي الهمم    شؤون دينية: تحديد قيمة زكاة الفطر لهذا العام ب150دج    الكيان الصهيوني يمنع وصول الإمدادات إلى غزّة    "التاس" تصدر قرارها النهائي غير القابل للطعن    الملالي: أحلم بالتتويج بلقب مع المنتخب الوطني    توتنهام الانجليزي يدخل سباق ضم ريان آيت نوري    أهمية إرساء قيم الاخلاق التجارية الاسلامية    ذوو الهمم قدوة في مواجهة الصعاب    مساع لإنصاف فئة ذوي الهمم    أرشيف لأول مرة على التلفزيون الجزائري    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    الجوية الجزائرية تذكّر بالزامية اختيار رحلة الحج    وقفة إجلال أمام عزيمة ذوي الاحتياجات الخاصة    بينهم 3 صحافيين..استشهاد 9 فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمالي غزة    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد : الفنان مبارك دخلة يطرب الجمهور بباقة من اغاني المالوف    لمواكبة التحولات الرقمية.. دعوة إلى عصرنة المركز الوطني للسجل التجاري    طاقات متجددة : المشاريع المشتركة محور لقاء بين السيد ياسع وسفير ألمانيا بالجزائر    ديباجة العدد 99 من مجلته الدورية : مجلس الأمة يجدد التزامه بدعم مشروع بناء "الجزائر المنتصرة"    هنأ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.. رئيس الجمهورية يهنئ السيدة حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها    حج 2025:اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48543 شهيدا و111981 جريحا    وزير التربية الوطنية يشرف على الاحتفال باليوم الدولي للرياضيات    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا" : إعادة انتخاب براف يؤكد حوكمته في التسيير لخدمة الرياضة في افريقيا    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا": التركيبة الجديدة للمكتب التنفيذي    المخزن يُكرّس القمع وتكميم الأفواه    شرفة يترأس اجتماعاً    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى تظافر الجهود لمواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة    سوق أهراس.. احتراق 7 حافلات بحظيرة مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري    بلوزداد يواصل رحلة الكأس    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا" : اعادة انتخاب الجزائري مصطفى براف بالتزكية على رأس الهيئة الرياضية القارية    المسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    بلمهدي يُرافِع لتكوين مُقرئين ومؤذّنين ببصمة جزائرية    حفاوة جزائرية بالثقافة الفلسطينية    دراجات: الجزائر تحتضن البطولة العربية 2025 للدراجات على الطريق والدراجات الجبلية    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    تكريم الفائزات في مسابقة المقاولات الناجحات    فرنسا بدأت استخدام الكيمياوي بالجزائر سنة 1830    حج 2025: اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    رمضان : آيت منقلات يحيي حفلا بأوبرا الجزائر    الجزائر العاصمة: توقيف امرأة تمتهن الطب بدون شهادة أو رخصة    مجمع سونلغاز يكرم عماله من ذوي الاحتياجات الخاصة    رمضان: "إفطار جماعي ضخم" بالجزائر العاصمة    الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة الأزمات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    حفظ الجوارح في الصوم    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغمضوا أعينكم يا سادة !!
نشر في صوت الأحرار يوم 22 - 04 - 2011

قارب المائة من العمر وما زال يقوم بنفسه على شؤونه الضرورية الخاصة.. يكابد عناء الشيخوخة مع أولاده وأحفاده بعد أن سبقته زوجته إلى الدار الآخرة قبل عدة سنوات.. صابرٌ وشاكرٌ دائما، وعندما أسأله عن حاله يحمد الله على ما فيه من خير ثم يعلّق على مظاهر التعب البادية عليه بقوله: على الذي أكل سهمه أن يغمض عينه عمّا في أيدي غيره.
إنه شيخ مجرّب عاش أيام الاستعمار والمجاعات والأوبئة وساهم في الثورة بماله ويده، وصار بعد الاستقلال أحد وجهاء منطقته المعروفين عبر خدمة الصالح العام والإصلاح بين الناس.. إنه باختصار كتاب كبير الحجم من التجارب والحكم والقصص والوقائع مع أنه أميّ لا يعرف من القراءة والكتابة إلاّ الشيء اليسير.. الشيخ يستحضر قصة السهم من حياة الأسفار في الماضي حيث كان الرفاق يستريحون في طريقهم لأجل الغداء أو لطهي صيد اقتنصوه أو غنيمة أصابوها، وفي مجلسهم يقسمون ما بين أيديهم ليأخذ كل واحد سهمه، فإذا أكل قسمته ونصيبه المفروض له تمنعه الرجولة والمروءة وسموّ النفس من النظر إلى ما في أيدي غيره، وإذا تحركت شهوة النفس لجمها بقوة.
لنترك الشيخ وشأنه مع شيخوخته الهادئة بين أولاده وأحفاده، وحتى أحفاد أولاده.. يشعر بالراحة والقناعة التامة والطمأنينة لأنه لا ينظر إلى سهم غيره كما يحلو له أن يردد دائما.. نتركه لنتحول إلى ذلك الجدل الكبير والأحاديث الطويلة حول التعديلات الدستورية والإصلاحات السياسية التي ستشرع فيها بلادنا بعد أن أعطى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إشارة الانطلاق خلال خطابه الأخير.
حزمة إصلاحات مزمعة في قانون الأحزاب والانتخابات والإعلام والجمعيات والولاية وغيرها.. والمأمول طبعا أن تؤدي إلى تهدئة الأوضاع المرشحة للغليان عبر سكب بلسم الطمأنينة على النفوس الثائرة الغاضبة التي فاضت كؤوسها بعد أن امتلأت بأخبار الفساد والمفسدين وإهدار المال العام.. يحدث ذلك، وهو ما زاد الطين بلّة، وسط عجز (رعاية) المجالس المنتخبة الوطنية والمحلية ووقوفها مكتوفة الأيدي إلا من مبادرات إنشاء الهيئات واللّجان الخاصة بمكافحة الفساد.. لجنة تلد من رحم لجنة، بينما يتزاوج الفساد ويتكاثر.
لجنة مراجعة الدستور سترى النور في وقت قريب، حسب بعض المصادر، وهو مؤشر على أن العناصر الوطنية النظيفة عازمة على المضي في طريق الإصلاح والتغيير.. اللجنة ستتشكل من الأحزاب السياسية المعتمدة ومنظمات المجتمع المدني والخبراء الدستوريين والمنظمات الجماهيرية الفاعلة.. والخلاصة أن في الآفاق القريبة إصلاحا حقيقيا، لكن النتائج الأولية ستظهر في الاستحقاقات الانتخابية القادمة سواء المحلية أو البرلمانية، حيث يأمل المتفائلون، ونتمنى أن يزداد عددهم، أن تقصي التغييرات الجديدة جميع العناصر التي انتهت صلاحيتها منذ فترة طويلة ولم تعد نافعة لنفسها فضلا عن غيرها، والبديل هو تلك العناصر النظيفة التي تملأ البرلمان والمجالس المحلية نشاطا حقيقيا وسعيا دؤوبا لخدمة الوطن والمواطن أولا وأخيرا.
ولأن النتائج تحكمها المقدمات، فإن لجنة مراجعة الدستور، وأي لجنة للإصلاحات، لا بد أن تضم وجوها جديدة في أفكارها وأعمارها ومواقعها ومواقفها السياسية والتغييرية، وإلا فإننا لن نفعل الشيء الكثير، وتظل دار لقمان على حالها في الجوهر عدا بعض الرايات والزينة والديكور والألوان التي لا تغيّر من حقيقة الأمر إلا اليسير.
جدل يدور حول النظام الذي ينبغي أن تُصوّب حوله اللجنةُ أهدافَها، وهل يظل رئاسيا أم يتحول إلى شبه رئاسي أو يقفز مباشرة إلى النظام البرلماني.. ومع كامل الاحترام لأصحاب جميع الآراء والمساندين لهم؛ فإن الخلاف يظل شكليا إذا صوّبنا جميعا على الجوهر وهو الوصول إلى دولة الحريات الكاملة وسيادة القانون والقضاء المستقل القوي الذي يقف أمامه الجميع سواسية، دون أيّ حصانة لأحد كائنا من كان. وعودة إلى ذلك الشيخ وكلامه وقناعته ندرك أن الإصلاح المنشود هو الذي يضع معايير واضحة وجريئة تفرز قوى وعناصر جديدة وتوصل الشباب إلى مواقع التأثير والحكم فتضع سكّة البلاد على طريق التغيير الفعلي، وهكذا نجد أنفسنا على أبواب مرحلة جديدة يختفي فيها أولئك الذين أكلوا كثيرا ولم يشعروا بالشبع بسبب الجشع والأنانية، وحتى أولئك الذين تربّعوا على كراسي المسؤولية وخدموا وحافظوا على نظافة أيديهم، فقد آن لهم أن يغادروا لنفسح المجال للأجيال الجديدة حتى تظفر بشرف المساهمة في بناء الوطن، فحبّه والتفاني في خدمته حق مكفول للجميع. إن الظروف الداخلية والخارجية تدعونا إلى إصلاحات تفضي إلى غرس ثقافة الاكتفاء بالسهم الواحد وإغماض العين عن أسهم الآخرين قناعة وخلقا وشهامة.. إصلاحات تؤسس لضوابط وقوانين صارمة تلجم الشهوات الحيوانية الأنانية التي تتحرك بوحشية للاستيلاء على أسهم الآخرين في الحكم والمال العام والحريات وغيرها.
يتحدث بعض المتشائمين عن أطراف مشبوهة تحاول ركوب موجة الإصلاحات دون قناعة ورغبة وتهدف من وراء ذلك إلى تأجيل التغيير الحقيقي.. والأمل معقود أن تكون تلك الأطراف في طريقها إلى (التوبة) التامة من أدران الماضي، لأن الزمن تغيّر ولم نعد في حاجة كبيرة إلى الغوص في موسوعات التاريخ؛ فما تمطرنا به وسائل الإعلام على المباشر صار تجسيدا حيّا لأحداث الماضي عبر شخوص الحاضر، وفيه دروس وعبر عظيمة لكل من به بقية عقل، فكيف بالعقلاء وحتى أنصاف العقلاء من هؤلاء وأولئك.
إن الطبيعة لا تعرف الفراغ أبدا، وقد امتلأت الأجواء في العقود الماضية بثقافة التبرير والتصفيق للزعيم، وتلك الثقافة الجوفاء في طريقها إلى الزوال التام من عالمنا العربي، والبديل هو مصطلحات وتطبيقات المساءلة والمحاسبة والمشاركة والتداول الحقيقي على الحكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.