اعتبر قادة من الحزب الاشتراكي الفرنسي -أكبر تنظيمات المعارضة المحلية- أن اعتقال مدير صندوق النقد الدولي والوجه البارز في الحزب دومينيك ستراوس كان على خلفية اتهامه باغتصاب خادمة في أحد فنادق نيويورك، لن يضعف حظوظ الحزب في الفوز بالانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في البلاد خلال السنة المقبلة. وأوضح هؤلاء القادة في تصريحات متفرقة -على هامش الدورة الاستثنائية للحزب التي عقدت أول أمس الثلاثاء في باريس- أن غياب ستراوس كان الذي كانت تقدمه استطلاعات الرأي على أنه المنافس المحتمل الأكثر قدرة على هزيمة الرئيس المحافظ نيكولا ساركوزي في الاقتراع الرئاسي المقبل، لن يلغي ما أسموه »الفشل الظاهر« لليمين الحاكم في البلاد. غير أن محللين فرنسيين رأوا أن اختفاء ستراوس كان المفاجئ من المشهد السياسي المحلي قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات الداخلية في صفوف الاشتراكيين وزيادة عدد المتنافسين في الانتخابات التمهيدية التي سينظمها الحزب في أكتوبر المقبل لاختيار مرشحه لرئاسيات 2012. وقال الأمين العام السابق للحزب هنري إيمانويلي إن إقصاء مدير صندوق النقد الدولي من حلبة المنافسة السياسية في فرنسا »لن يضعف بأي حال من الأحوال حظوظ الحزب الاشتراكي خاصة والمعارضة اليسارية عامة في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة«. وأضاف القيادي الاشتراكي -الذي ترأس مجلس النواب الفرنسي خلال تسعينيات القرن الماضي- أن »الفشل الظاهر لليمين الحاكم في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية يقوي جاذبية البديل الذي نمثله«. وأشار إلى أن آخر استطلاعات الرأي المحلية تفيد بأن هناك »قائديْن اشتراكيين آخرين قادرين على هزيمة ساركوزي«، في إشارة إلى عضو مجلس النواب فرانسوا هولاند والأمينة العامة الحالية للحزب مارتين أوبري. ومن جانبه، توقع عمدة باريس برتراند دولانوي -الذي يعد أحد أبرز قادة الحزب- أن تدفع »المأساة« التي حلت بستراوس كان الاشتراكيين الفرنسيين إلى »تغليب المصلحة الجماعية للحزب والوطن على الخلافات الفردية«. وأشاد بدور أوبري في حفظ وحدة الحزب ووصفها بأنها »رمز تكتلنا والمتحدثة باسمنا«. أما عضو المجلس الوطني للحزب أرنو دومونبورغ فقال إن »وحدة الاشتراكيين الفرنسيين في هذا الظرف العصيب حقيقية وقوية«، مؤكدا أن التنافس في الانتخابات التمهيدية »لن يصيبها بضرر بالغ«. غير أن مدير تحرير موقع »ميديا بارت« فرنسوا بونيه لم يخف معارضته للنبرة التفاؤلية لدى قادة الحزب، مشيرا إلى أن فصول محاكمة ستراوس كان التي ستبدأ -حسب توقعاته- في نهاية السنة الجارية أو في بداية 2012، ستكون »موازية للحملة الرئاسية« مما قد يؤثر سلبا على أي مرشح اشتراكي. وأضاف الصحفي أن الاتفاق الضمني السابق بين أجنحة وازنة في الحزب على دعم ترشيح ستراوس كان قد يختفي، مما يفسح المجال لبروز مرشحين جدد ولظهور اعتراضات على »البرنامج السياسي التوافقي« الذي روعيت فيه التوجهات الليبرالية لمدير صندوق النقد الدولي »التي تثير حفيظة الجناح اليساري في الحزب«. وبالمقابل، لا يستبعد الصحفي دانيال شنيدرمان أن يكون إقصاء ستراوس كان المبكر »أمرا مفيدا في النهاية للاشتراكيين الفرنسيين«، إذ يرى أن اليمين الحاكم كانت ستكون لديه القدرة على نسف ترشح ستراوس كان أثناء الحملة الرئاسية، من خلال تسريب معلومات أو صور تتعلق بحياته الشخصية التي تميزت بالبذخ والولع المفرط بالنساء.