تحاملت الولاياتالمتحدةالأمريكية، بشكل مفضوح، على الجزائر عندما شكّكت في التزام بلادنا بقرارات مجلس الأمن حيال الأوضاع في ليبيا، حيث أعلنت عن شكوك لديها بأن سفينة حربية تحمل العلم الليبي رست في ميناء «جن جن» وادعت أنها محمّلة بالسلاح «على أن يُنقل برّا إلى لييبا» لدعم كتائب العقيد «معمّر القذافي»، وهي الاتهامات التي ردّت عليها وزارة الخارجية بحزم. طالبت الولاياتالمتحدةالأمريكية من الجزائر بتقديم استفسارات عن تسريبات تزعم خلالها بأنه «تمّ السماح لسفينة حربية ليبية كانت محمّلة بالسلاح» من أجل نقلها في مرحلة لاحقة عبر الحدود، وهو ما اعتبرته خرقا لقرارات الأممالمتحدة. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مسؤول في الخارجية الأمريكية «صحة هذه الشكوك» وفقا لتقارير وصلت إدارة البيت الأبيض. وعلى إثر ذلك أكدت الولاياتالمتحدة، على لسان ذات المسؤول، أنه «إذا كانت الجزائر على علم بهذه الشحنة فعليها منعها من الوصول لقوات القذافي»، وقدّ أسست واشنطن هذه الشكوك عادة على تقارير للمعارضة الليبية بهذا الخصوص وهي تقارير تعتمد في الغالب على معلومات يمدّها به تنظيم «رشاد» المعارض المتمركز في بريطانيا، وهو التنظيم ذاته الذي كان وراء أولى اتهامات وجهت إلى بلادنا بدعم نظام «القذافي». وبحسب ادعاءات المعارضة الليبية، أو ما يعرف ب«المجلس الوطني الانتقالي»، فإن السفينة المزعومة «كانت تبحر تحت علم ليبي حاملة أسلحة ووصلت في 20 جويلية إلى ميناء جن جن في الجزائر حيث يجري نقل الشحنة عبر الحدود إلى ليبيا». وفي سياق ذلك صرّح مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية قائلا: «سمعنا تقارير تقول إنه سمح في الآونة الأخيرة لسفينة تحمل أسلحة إلى نظام القذافي بالرسو في الجزائر وإن تلك الأسلحة يجري نقلها حاليا برا إلى ليبيا المجاورة». ورغم أن الجزائر التزمت بوضوح على لسان الوزير الأول «أحمد أويحيى» وكذا وزير الشؤون الخارجية، في أكثر من مناسبة، باحترام القرار الأممي الصادر ضد ليبيا شهر مارس الماضي، فإن المسؤول الأمريكي تابع تصريحه الذي يميل إلى الاستفزاز بقوله: «الحكومة الأمريكية تعمل على التأكد من صحة هذه الادعاءات التي ظهرت للضوء للتو وإذا كانت صحيحة فإن ذلك سيمثل على الأرجح خرقا لقراري مجلس الأمن الدولي 1970 و1973». واستدرك مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية في سياق تعليقه على موقف بلادنا من الحظر المفروض على ليبيا، بأن «الحكومة الجزائرية أبلغتنا في عدة مناسبات وقالت علانية أنها ملتزمة بشكل دقيق بكل قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع الليبي»، ثم أضاف «ندعو الحكومة الجزائرية إلى مواصلة تطبيق تلك القرارات بشكل صارم وأنها إذا كانت على علم بشحنة الأسلحة تلك بوجه خاص أن تضمن عدم وصولها إلى قوات العقيد القذافي». إلى ذلك نفت بعثة البرتغال في الأممالمتحدة، وهي التي ترأس لجنة عقوبات ليبيا، صحة ما يجري تسريبه، وقالت إنها لم تتلق أي إخطار بهذا الخرق المزعوم، فيما أشارت بعض التقارير الإعلامية في الجزائر إلى أن الأمر يتعلق بسفينة وقود منعها الجانب الجزائر رسوها. وجدير التذكير أنه ليست هذه المرة الأولى التي تتعرّض فيها الجزائر إلى مثل هذه الهجمة، فقد اتهمت في وقت سابق بتسليح الجيش الليبي، وهي تُهمة تمّ نفيها من قبل كبار مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين غربيين، ويبدو أن تحريك الملف من جديد يهدف لممارسة مزيد من الضغط على الجانب الجزائري لإغلاق الحدود مع ليبيا نهائيا، ووقف دورها في جهود لتسوية سياسية غير تلك التي يفرضها الغرب عبر إقصاء الحكومة الشرعية الليبية من أية تسوية.