عرفت وسائل النقل الحضري وشبه الحضري التابعة للقطاع الخاص بالعاصمة نقصا واضحا خلال شهر رمضان، ما أثر سلبا على الحياة اليومية لعدد كبير من المواطنين الذين يعتمدون اعتمادا شبه كلي على هذه الوسائل. ويظهر هذا النقص جليا في أولى ساعات الصباح وفي الساعات الأخيرة من النهار بحيث يختار الناقلون الأوقات التي تدر عليهم الربح فيما يركنون حافلاتهم خلال الأوقات التي يكون فيها عدد الزبائن ضئيلا، مغفلين بذلك الظروف التي تحيط بهؤلاء القلائل. ووسط هذه الظروف يجد جزء من مستعملي وسائل النقل أنفسهم مجبرين على التنقل عن طريق سيارات الأجرة غير الشرعية التي ترفع الأسعار، خصوصا قبيل آذان المغرب لا سيما بالمناطق شبه الحضرية. وتعد محطات تافورة وساحة أول ماي وساحة الشهداء وبن عكنون من المحطات التي تستعملها أعداد هائلة من المواطنين يوميا إلا أنها تصبح شبه خالية بعد العصر حسب ما أكده بعض المواطنين، ومنهم محمد )46 سنة( عامل بالجزائر الوسطى الذي يستعمل يوميا الخط الرابط بين الشراقة وتافورة والذي عبر عن استيائه من تدهور الخدمة التي تقدمها وسائل النقل الخاصة منذ بداية رمضان بحيث ينتظر مدة طويلة داخل الحافلة قبل إقلاعها بسبب قلة الزبائن في الفترة الصباحية و»جشع الناقلين« الذين يأبون التحرك من المحطة قبل أن تمتلئ الحافلة عن آخرها. وأكدت سيدة أخرى بمحطة بن عكنون أنها تشهد يوميا مناوشات بين المستعملين والناقلين الخواص بسبب هذه التصرفات. أما فضيل فيقول أنه يجد صعوبة في العودة إلى المنزل مساء بسبب قلة وسائل النقل بنوعيها ويضطر في الكثير من الأحيان إلى التنقل عن طريق »طاكسي« غير شرعي. وفوق هذا وذاك يستغل أصحاب سيارات الأجرة غير الشرعية الفراغ الذي يسببه الناقلون الخواص ويستولون على الفضاءات المخصصة للحافلات داخل المحطات، مثلما يحدث في محطة بن عكنون. من جهة أخرى يجد الأشخاص الذين يفضلون استعمال سيارات الأجرة مشكلا عويصا في التنقل إلى وجهاتهم خلال فترة النهار لنقص هذه الوسائل بحيث فضل الكثير من سائقي سيارات الأجرة التوقف عن الخدمة في هذه الفترة وهذا ما بدا جليا على مستوى ساحة أول ماي خصوصا بالنسبة للخط المؤدي إلى الأبيار. وفي رده على تساؤلات »وأج« حول الطريقة التي يعمل بها قطاع النقل الخاص في هذه الفترة على وجه التحديد طالب رئيس الاتحادية الوطنية للناقلين الخواص كمال بوهناف بإعادة النظر في القوانين التي تنظم المهنة، مشيرا إلى أن هذه »الفوضى سببها غياب التنظيم والتشاور بين الأطراف المعنية«. كما دعا إلى ضرورة العودة إلى نظام المناوبة بين صفوف الناقلين لضمان خدمة عادية في شهر رمضان، مؤكدا أن ترك الحال على ما هو عليه يؤدي إلى تصرف الناقلين بكل حرية و العمل في الأوقات التي تحلو لهم دون رقيب". و دعا أيضا إلى إعادة النظر في تسيير محطات الحافلات مؤكدا أن المؤسسات الخاصة ليست أهلا لذلك لأنها أثبتت عجزها. من جهته اعترف رئيس الاتحادية الوطنية لسائقي سيارات الأجرة حسين آيت براهم بأن القطاع يحتاج إلى إعادة التنظيم مطالبا بإعادة النظر في مجمل القوانين التي تحكمه ووضع دفتر شروط جديد. وأضاف المتحدث أن سبب امتناع سائقي الأجرة عن خدمة المواطنين في بعض الأحيان مرده عدم وضوح القوانين التي تحكم المهنة. وأكد في هذا السياق على ضرورة وضع مخطط جديد للنقل بالعاصمة لأنها تغيرت كثيرا وتوسعت في السنوات الأخيرة ووصلت إلى حدود الولايات المجاورة فيما أصبحت التسعيرة القديمة التي تم تحديدها في 2003 لا تفي بالغرض وهو ما يدفع الناقلين كما يقول إلى رفع التسعيرة. أما رئيس مصلحة النقل البري بمديرية النقل لولاية الجزائر علي محمدي فأكد من ناحيته أن المديرية قامت - كما جرت العادة - بضبط برنامج خاص للنقل بأنواعه في رمضان تلتزم به مؤسسة النقل الحضري للجزائر العاصمة التي جنّدت حافلات تعمل في الفترة المسائية. وأضاف أن المديرية أجرت لقاءات مع النقابات الخاصة بالنقل الحضري وأبلغتهم بضرورة العمل إلى غاية الدقائق الأخيرة من اليوم وبضرورة إتباع نظام المناوبة في الفترة الليلية إلى غاية الساعة الحادية عشر. واعترف محمدي أن الناقلين الخواص يرتكبون أخطاء ولذلك تجتمع لجنة عقوبات إدارية كل أسبوع على مستوى المديرية لدراسة الشكاوي المتعلقة بهؤلاء الناقلين التي تأتي من مصالح الأمن ويعاقبون بوضع مركباتهم في حظائر الحجز. إلا أنه تأسف لعزوف المواطنين عن تقديم شكاوي للمديرية عندما يلاحظون تجاوزات. أما فيما يخص سائقي الأجرة فأكد ذات المسؤول أن أكثر الشكاوي تتلقاها المديرية بسبب رفض الخدمة وهو ما لا يقبله القانون. ولتعزيز حظيرة سيارات الأجرة بالجزائر العاصمة أشار علي محمدي إلى أن المديرية شرعت ابتداء من نوفمبر 2009 في استقبال ملفات الراغبين في ممارسة مهنة سائق الأجرة بعد أن تم رفع التجميد عن هذا النشاط. وقد تلقت المديرية 7700 ملفا جديدا لطلب الحصول على دفتر المقاعد وتم على إثر ذلك تكوين 3670 مترشح عن بعد وشرع 1200 منهم في ممارسة المهنة.