أكد رئيس الجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان أن عودة أنور هدام إلى ارض الوطن لا تطرح أي مشكل، إذا لم يكن للقيادي السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة أي مشكل مع القضاء، وأضاف مصطفى فاروق قسنطيني بأن ملف »الفيس« مغلق، وإن لم يستبعد عودة هذا الحزب تحت تسمية أخرى من خلال تقديم ملف لتشكيل حزب جديد. أوضح مصطفى فاروق قسنطيني أن ملف الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة انتهى ولا مجال للعودة إلى الوراء على اعتبار أن حل هذا الحزب كان عبر قرار قضائي نهائي، ولم يستبعد رئيس الجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في تصريح خص به »صوت الأحرار« احتمال عودة هذا الحزب تحت اسم مغاير، أي بعد تقديم ملف أخر لاعتماد حزب سياسي جديد، حسب الطريقة المحددة قانونا، وإن طرح قسنطيني في هذا الباب بعض التحفظ على اعتبار أن أغلب قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة ممنوعة من ممارسة أي نشاط سياسي، علما أن قسنطيني كان قد صرح للموقع الاليكتروني »كل شيء عن الجزائر«، قائلا: »لا أعتقد أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة هو ضد عودة القيادات السابقة للحزب المحل إلى النشاط السياسي«، وهو ما يوحي بأن هناك أطراف أخرى داخل السلطة تعارض عودة جبهة الإنقاذ المحلة إلى الساحة. وتتزامن هذه التصريحات مع عودة الجدل إلى الفضاء السياسي والإعلامي حول المستقبل السياسي للقيادات السابقة للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، وكانت مصادر إعلامية قد كشفت بان مسألة عودة الحزب المحل إلى النشاط في إطار الشرعية كانت موضوعا للنقاش محموم خلال أشغال مجلس الوزراء الأخير الذي انكب على المصادقة على عدد من مشاريع القوانين المتعلقة بالإصلاحات السياسية في البلاد، وجرى الحديث في بعض المنابر الإعلامية عن انقسامات واضحة داخل المجلس بين المؤيدين والمعارضين لعودة »الفيس« إلى النشاط السياسي، كما كشفت نفس المصادر بان الحسم كان في الأخير لصالح منع جبهة الإنقاذ المحلة من العودة مجددا إلى الساحة السياسية وهو ما أثار حفيظة عدد من القيادات السابقة لهذا الحزب المحظور من بينها الشيخ علي بلحاج، والشيخ الهاشمي سحنوني الذي نصح السلطات بفسح المجال أمام قيادات ومناضلي الحزب المحل للنشاط السياسي على ضوء التغيير الذي تعرفه البلاد وعلى ضوء التوجه المعلن نحو نظام أكثر ديمقراطية واحتراما للحريات، مشيرا صراحة إلى الاحتجاجات التي عاشتها وتعيشها العديد من الأقطار العربية على خلفية عمليات الإقصاء السياسي والتهميش التي كانت سببا مباشرا في إثارة المعارضة وإخراج الشعوب إلى الشارع. وكان أنور هدام، القيادي ومسؤول البعثة الخارجية للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة قد صرح من واشنطن، في اتصال مع »كل شيء عن الجزائر«، أنه يحضر للعودة إلى الجزائر، وأضاف: »لقد قررت العودة إلى أرض الوطن، رغم رفض السلطات الجواب على طلبي للاستفادة من قانون ميثاق السلم و المصالحة، و الذي قدمته في الوقت المحدد قانونيا، وكان ذلك تحديدا في يوم 25 أوت 2006 «، وأوضح هدام اللاجئ بالولايات المتحدةالأمريكية منذ نحو 20 سنة، انه سوف يعلن عن تاريخ عودته إلى الجزائر، من دون تحديد هذا التاريخ بالضبط، وأشار القيادي السابق في »الفيس« المحظور إلى انه استوفي واستنفد كل الطرق القانونية للدخول إلى الجزائر، في إطار ميثاق السلم والمصالحة الذي انخرط فيه، وعن خلفية قراره العودة في هذا الوقت بالذات ومن دون انتظار تلقي الضوء الأخضر من السلطات، قال أنور هدام: »أنه من حق كل جزائري العودة إلى بلاده«، كما تحدث هدام عما أسماه »توحيد الصفوف رواد التغيير«، مضيفا في السياق ذاته »لقد مضت 20 سنة ولم يحدث تغيير، لابد من التغيير بصفة توافقية وسلمية«، رافضا تقديم تفاصيل أكثر عن قراره في العودة إلى غاية الإعلان عن ذلك بصفة رسمية. وسبق لأنور هدام أن أعلن عن قرب عودته إلى أرض الوطن قبل أن يتراجع عن هذا القرار، وكشف حينها عن اتصالات أجراها مع أطراف فاعلة في السلطة في إطار تعزيز المسار السلمي في الجزائر وطي صفحة المأساة الوطنية وكان ذلك خصوصا في سنة 2006، أي مباشرة بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ويبدو أن هدام قد تلقى بشكل غير معلن ضمانات بأنه لن يكون محل متابعة قضائية، خاصة وانه جرى الحديث بإسهاب في وقت سابق عن احتمال أن توجه له تهم بالمشاركة في أول تفجير انتحاري عاشته البلاد منذ اندلاع مسلسل الإرهاب والذي استهدف مقر أمن العاصمة بشارع عميروش، خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها مباشرة بعد هذا الاعتداء والتي اعتبرت بمثابة تبني له. للإشارة يتزامن إعلان أنور هدام عن نيته في العودة إلى الجزائر مع النقاش المتواصل حول عملية الإصلاح السياسي والدستوري الذي شرع فيه منذ فترة، بعد حوار شمل أغلب الفاعلين السياسيين والجمعويين، والشخصيات الوطنية، ويبدو أن القيادي السابق في الحزب المحل قد لمس وجود إرادة بين صناع القرار في الجزائر لفتح الباب أمام القيادات السابقة للحزب المحل للمشاركة بأي شكل من الأشكال في تنشيط الساحة السياسية مستقبلا، وتفويت الفرصة على الذين يحاولون الزج بالبلاد في متاهات العنف على طريقة ما يسمى ب »بالثورات العربية«.