تتسارع في تونس التحضيرات لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي تجري في الثالث والعشرين من هذا الشهر, وسيكون للعاصمة ومحيطها ثقل كبير في هذا الاقتراع الذي ربما يكون منعرجا حاسما في عملية الانتقال الديمقراطي. ويفترض أن يصوت في هذه الانتخابات أكثر من سبعة ملايين، بينهم ما يفوق أربعة ملايين ناخب مسجل، ل1519 قائمة مترشحة بين حزبية ومستقلة وائتلافية في أكثر من سبعة آلاف مركز اقتراع. وشهدت ولاية أريانة أكبر عدد من القوائم المترشحة بلغت 95 قائمة، مقابل 26 قائمة فقط في دائرة قبلي، جنوب غرب تونس. كما سجلت دائرة جندوبة بشمال غرب البلاد أكبر تمثيل لقوائم المستقلين ب58% من القوائم المترشحة, في حين مثلت الأحزاب أكبر نسبة في الدائرة الانتخابية في باجة التي تقع أيضا في شمال تونس. وتبين الأرقام الصادرة عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الرجال يشكلون أكثر من 93 بالمائة من رؤساء القوائم، بينما لم تمثل النساء سوى 3 بالمائة في القوائم المستقلة، وضعف هذه النسبة لدى قوائم الأحزاب، و35 بالمائة لدى القوائم الائتلافية. وشهدت دائرة تونس الأولى أكبر تمثيل للمرأة بين رؤساء القوائم المترشحة. ويشكل المترشحون الذين تقل أعمارهم عن أربعين سنة نحو 56 بالمائة من جملة المترشحين في القوائم الانتخابية، ويبلغ عمر أصغر مترشح 23 عاما في ولاية بن عروس، في حين ضمت دائرة تونس الأولى أكبر مترشح )81 عاما(. وتشير الإحصائيات إلى أن تونس الكبرى )دائرتا تونس 1و2 وأريانة وبن عروس ومنوبة( تستحوذ وحدها على 357 قائمة مترشحة، مما يشير -حسب المحللين- إلى أن هذه المنطقة ستكون مرآة للمشهد الانتخابي في تونس كلها. ويقول مراقبون تونسيون إن المعركة الانتخابية الحقيقية بين الأحزاب والمستقلين ستتركز أساسا في هذه الدوائر، »وهذا الأمر ليس بغريب لأن هذه المناطق فيها تقريبا كل الإدارات، إضافة إلى الكثافة السكانية التي تميزها وخاصة في ضواحي العاصمة حيث تتركز الطبقة المتوسطة«. ولم يسجل من الأحزاب حضوره في جميع الدوائر السبع والعشرين في الداخل والست والعشرين في الخارج سوى حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية وحزب العمال الشيوعي والحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والتحالف الوطني للسلم والنماء والقوائم الائتلافية. وقد فضلت أحزاب وقوائم مستقلة عدم المشاركة إلا في الدوائر ذات الكثافة السكانية الكبيرة، خاصة في تونس الكبرى التي تضم نحو 35 بالمائة من سكان البلاد الذين يتجاوز عددهم عشرة ملايين. ومن جهته, يقول الصحفي والمحلل السياسي عبد السلام الزبيدي إن دائرة تونس الكبرى تختزل الصراع الانتخابي في البلاد كلها, وهذا هو ربما ما يفسر نزول جل الأحزاب إلى الساحة الانتخابية برموزها. فهناك أحمد نجيب الشابي عن الحزب الديمقراطي التقدمي، وراضية النصراوي عن حزب العمال الشيوعي، وأبو يعرب المرزوقي عن حزب حركة النهضة، وأحمد إبراهيم عن القطب الديمقراطي الحداثي، بالإضافة إلى القاضي مختار اليحياوي, والمحامي عبد الفتاح مورو عن قوائم مستقلة. وبينما يرى الزبيدي أن الأمر يكاد يكون محسوما بالنسبة للنهضة »إذا سجلنا الحضور الكبير الذي تشهده اجتماعاتها العامة«، فإن مراقبين آخرين يرجحون أن تشهد هذه الدائرة مفاجآت كبرى لا يمكن لأحد التكهن بها حتى الآن.