انطلقت أمس أشغال الدورة الخامسة العادية للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني في أجواء خيّمت عليها الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وكان خطاب الأمين العام واضحا بهذا الشأن عندما ركّز في مضمونه على أكثر الملفات حساسية في هذه المرحلة، ويتعلق الأمر بكيفية التعامل مع الحملات التي تستهدف الحزب من جهة، إلى جانب ضرورة تجنيد المناضلين والإطارات لكسب الرهانات المقبلة والحفاظ على الريادة. جرت أشغال الدورة العادية للجنة المركزية للأفلان، وهي أعلى هيئة بين مؤتمرين، في ظروف عادية بعكس ما راهنت عليه بعض الأوساط، وكان هذا اللقاء الحزبي مناسبة من أجل إثراء النقاش حول عديد القضايا التي تستوجب الاهتمام، وإلى جانب الحضور القوي واللافت لغالبية الأعضاء باستثناء البعض منهم الذين اضطرتهم ظروفهم الخاصة إلى تقديم الوكالات، فإن خطاب الأمين العام اتسم بالصراحة أحيانا، والجرأة في كثير من الأحيان، من خلال تناوله أهم الملفات التي تهمّ الحزب بشكل عام. وبالنظر إلى الظروف العامة التي تنعقد فيها اللجنة المركزية للأفلان، وقياسا بالهجمات المتواصلة التي يُحرّكها خصومه وحتى شركاؤه في التحالف الرئاسي مع مقربة المواعيد الانتخابية، فإن عبد العزيز بلخادم أظهر الكثير من الحرص خلال كلمة الافتتاح من أجل تمرير رسائل سياسية قوية تهدف بالدرجة الأولى إلى التأكيد على »حساسية الظرف« وتبليغ المناضلين بأن اللحمة والوحدة أصبحت مطلوبة، أكثر من أيّ وقت مضى، من خلال »تجاوز كل الخلافات الشخصية والحسابات الضيقة«. وكان خطاب الأمين العام الذي استمرّ لساعة وعشر دقائق من الزمن، بمثابة »خارطة طريق« لحزب جبهة التحرير الوطني في المرحلة المقبلة، ليس فقط للصراحة التي فرضها الواقع ولكن أيضا إدراكا منه بأن الرهانات والتحدّيات القادمة تستوجب مخاطبة العقل والضمير على السواء، ولذلك لم يكن غريبا أن يعترف بلخادم بأن هناك مشاكل في الحزب لكنها من منظوره ليست مشاكل في مستوى التأثير على مصيره في الاستحقاقات المقبلة، ولكنها في النهاية تبقى بحاجة إلى تجاوزها بما يخدم مصلحة حزب هو القوة السياسية الأولى في البلاد. ومن بين أهم الاستنتاجات التي يُمكن الخروج بها عقب عرض تقارير اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية لتحضير الانتخابات التشريعية المقبلة، أن قيادة الأفلان وإطاراته ومناضليه على درجة كبيرة من الوعي والإدراك بأن أهم رهان ينبغي كسبه في هذا الاستحقاق الانتخابي هو البقاء في موقع الريادة لأن ذلك، إن تحقّق، يعني أن هناك مكسبا سياسيا بالدرجة الأولى، فضلا عن اعتباره صفعة قوية ضد كل من يشكّك في تجذّر هذا الحزب العتيد جماهيريا. ومن هذا المنطلق تبرز الأهمية البالغة لدورة اللجنة المركزية التي ستكون بلا شك، المرتكز الرئيسي لتحقيق التوافق على المبادئ الأساسية لدخول الانتخابات القادمة من خلال اعتماد خطاب تعبوي بعيدا عن الشعبوية والوعود الظرفية، إلى جانب الاعتماد على مرشحين تتوفر فيهم معايير الكفاءة، بالإضافة إلى المصداقية خصوصا وأن الإفرازات الأخيرة التي عرفتها المنطقة لا تقبل ترشيح وجوه غير قادرة على أداء دورها بالشكل المطلوب. وإجمالا فإن انعقاد أشغال الدورة الخامسة العادية للحزب العتيد يعني التطلّع نحو تبني »إستراتيجية شاملة« بما يُوفر للأفلان كل عناصر القوة التي تجعل منه المنتصر الأكبر في ما هو قام من استحقاقات، ولذلك فقد حرص عبد العزيز بلخادم على تقديم توجيهات في هذا الإطار إدراكا منه بأن الحزب بحاجة ماسة إلى كافة أبنائه من المناضلين الصادقين الذين يؤمنون بانتصار الأفلان من خلال كونه شريكا أساسيا وفعليا في كل ما يخدم مصالح الشعب ويعزّز أمن البلاد.