يشهد قطاع التربية الوطنية منذ مطلع السنة الجارية تصاعدا في الصراع الموجود بين نقابات القطاع حول فئة الأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين، وهو ما يتضح من خلال إقرار ثلاثة إضرابات في ظرف لا يتعدى 15 يوما وكل إضراب تقف وراءه نقابة وتُعارضه التنظيمات الأخرى، وهو ما حدث في الحركة الاحتجاجية التي شُنت يومي 3 و4 جانفي وتلك التي نُظمت يوم التاسع من ذات الشهر والأخرى المرتقب شنها لمدة خمسة أيام بداية الأحد المقبل. تبنى الحركة الاحتجاجية الأولى الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين عبر تنشيط لجنة الأسلاك المُشتركة التابعة له، ووقفت وراء الحركة الاحتجاجية الثانية النقابة الوطنية لعمال التربية والتكوين »أس أن تي أو« بينما دعا للإضراب الثالث المرتقب شنه ابتداء من 15 جانفي الجاري وعلى مدى خمسة أيام، النقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين، والفرق بين هذه النقابات أن الأولى والثانية معتمدة، أي تنشط بصفة رسمية، فيما لم يتم لغاية الآن اعتماد النقابة الثالثة التي أودعت الملف منذ سنة 2007، والشيء المُلاحظ، حسب ما أورده لنا بعض العمال الذين تحدثوا إلينا، أن النقابة غير المعتمدة هي الأكثر مصداقية كونها غير تابعة لأي تنظيم نقابي ناهيك عن كون النقابيين الذين ينشطون بها لم »يذوقوا لغاية الآن عسل السلطة مثلما جرى مع الآخرين«. ويبقى العمال الضحية الأولى باعتبارهم لم يحصلوا لغاية الآن على أدنى المطالب المرفوعة سيما وأن أكثر من 70 بالمئة منهم لا تتجاوز رواتبهم حدود الأجر الوطني الأدنى المضمون، وتتكون هذه الفئة من عمال الأسلاك المُشتركة بعدد يُعادل 26 ألف عامل تتراوح أجورهم بين 17 ألف و26 ألف دج قبل تطبيق قرار رفع الأجور إلى 18 ألف دج الذي يدخل حيز التنفيذ جانفي الجاري، أما العمال المهنيون الذين يتجاوز عددهم 100 ألف عمال فينقسمون إلى ثلاثة أصناف، يسهرون على حراسة المؤسسات والنظافة وكذا إصلاح الكهرباء ومستلزمات التعليم مثل الكراسي والطاولات والسهر على البستنة والعمل في المخازن وغيرها وهم منتشرون عبر الاكماليات والثانويات ومديريات التربية وبعض المعاهد التابعة لوزارة التربية، ويتقاضى جل هؤلاء أجورا تتراوح بين 13 و15 ألف دج والقليل منهم الذين لهم الحظ في بلوغ 17 ألف دج. وتعتبر هذه الفئة الأقل أجرا داخل قطاع التربية الوطنية، وهو ما جعلها وجهة لمختلف التنظيمات النقابية للاستثمار فيها واستغلالها في تدعيم صفوفها، ويتضح الصراع بين هذه النقابات في التصريحات والتصريحات المُضادة عشية كل حركة احتجاجية وتأكيد كل واحدة على أن الأخرى لا تُمثل تماما هذه الفئة، وفي هذا السياق، لجأت مؤخرا النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين إلى وصف النقابات الأخرى بأنها »تُريد تنصيب نفسها كممثلة لهذه الفئة لتحقيق مصالحها الشخصية«، وأنها صاحبة »المبادرة الشرعية والممثلة الحقيقية لهؤلاء العمال«. ورغم كون فئة الأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين تنشط بقطاع التربية إلى أنها غير تابعة لهذا السلك، ما جعل جل المطالب التي رفعتها مختلف النقابات تتمحور أساسا حول إدماجها ضمن السلك التربوي وإعادة سُلم التصنيف والإعلان الرسمي عن إلغاء القرار 19 و 22 من قانون الوظيفة العمومية الخاص بالخوصصة، ناهيك عن مطالب أخرى تشمل تعميم الاستفادة من منحة الجنوب كمنحة السكن ومنحة الكهرباء ورفع منحة المردودية.