سمحت الجزائر لطائرات بعبور أجوائها بداية من الثاني من مارس القادم، لنقل المساعدات نحو النازحين في موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو بفعل الحرب الدائرة في مالي بين القوات النظامية وعناصر حركة الأزواد، وتأتي هذه الموافقة في وقت تقود فيه الجزائر عملية وساطة بين نظام باماكو والمتمردين التوارق. كشف رئيس الهلال الأحمر الجزائري حاج حمو بن زقير أن الجزائر أعطت موافقتها بالسماح لطائرات بنقل، ابتداء من 2 مارس المقبل، مساعدات إنسانية نحو موريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر التي استقبلت على أراضيها الفارين من النزاع المسلح بشمال مالي. وقال بن زقير، في تصريح خص به وسائل الإعلام بمخيم اللاجئين بالسمارة: »لقد تحصلنا على ترخيص لطائرات بنقل يومي 2 و 3 مارس المقبل مساعدات إنسانية إلى موريتانيا وبوركينافاسو والنيجر من أجل مساعدة السكان الماليين الذين فروا من النزاع المسلح بشمال مالي«. ويتزامن ذلك مع التدهور المستمر للوضع الإنساني بشمال مالي، وهذا على خلفية المواجهات الدامية المستمرة بين الجيش المالي وعناصر الحركة من أجل تحرير إقليم أزواد الترقية، وتشهد الدول المجاورة موجات نزوح غير مسبوقة للفارين من الحرب، وفضلا عن موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو، استقبلت الجزائر في الفترة الأخيرة موجات من النازحين من شمال مالي، الذين فروا من الحرب الدائرة هناك. وكشف وزير الداخلية دحو ولد قابلية بأن الجزائر قررت، ولأسباب إنسانية، تعليق إجراءات الإبعاد الخاصة بالمهاجرين غير الشرعيين القادمين من دولة مالي مع التكفل باحتياجاتهم الإنسانية، وسمحت الجزائر بالمقابل للاجئين الماليين بالدخول إلى الجزائر عبر ثلاثة معابر ببرج باجي المختار، وتيمياوين وتين زاواتين، وحددت إقامتهم بمخيمات اللاجئين قرب المعابر والتي يشرف عليها الهلال الأحمر الجزائري، وسجلت منطقة تنزروفت نزوح أكثر من 500 عائلة، منهم 120 فرد من الشيوخ والأطفال والمرضى والنساء الحوامل، حيث أكد رئيس اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري لأدرار دليمي في وقت سابق أن هيئته شرعت في تجنيد إمكانياتها والاستعداد لاستقبال مزيد من متطلبات اللاجئين الذين فاق عددهم 500 عائلة في تمياوين. من جهته قام أفراد الجيش الوطني الشعبي بنصب خيام للاجئين فيما تقدم لهم الأدوية والإسعافات الطبية الأولية من قبل الهلال الأحمر الذي بعث شاحنتين محملتين بالأفرشة والأغطية والمواد الغذائية وبعض الخيام، إلى جانب 70 متطوعا في صفوفه منذ بداية النزوح، علما أن حركة النزوح لم تقتصر فقط على المدنيين، حيث فر عدد من الضباط والجنود الماليين من جبهة القتال والتحقوا بالراضي الجزائرية. وحذرت الجزائر من جهة أخرى السلطات المالية من مواصلة استهداف المدنيين في حربها ضد الحركة من أجل تحرير أزواد، فيما أبلغت على طريق شيوخ قبائل المتمردين التوارق بأنه تقع على عاتقهم حماية المنطقة من عناصر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، خصوصا بعد ورود معلومات تتحدث عن سعي الفرع المغاربي للقاعدة إلى استغلال الحرب في شمال مالي لتمرير قوافل السلاح إلى معاقله بمنطقة الساحل الصحراوي، كما فعل في وقت سابق لما اشتدت الحرب في ليبيا. وتقود الجزائر رفقة باريس ونواكشوط جهودا حثيثة للوساطة بين حركة الأزواد وباماكو، وكان وزير التعاون الفرنسي هنري دو راينكور قد صرح بأن بلاده تساند جهود الوساطة الجزائرية لإنهاء الحرب في شمال مالي، هذا فيما كشفت أوساطك مطلعة النقاب عن مقترح جدي تقدمت به الجزائر لطرفي النزاع في مالي لوقف الاقتتال، وتتضمن هذه المبادرة إنشاء مناطق محمية وأخرى منزوعة السلاح، وإنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار وتنمية صحراء أزواد بتمويل جزئي من الجزائر، في وقت يحذر فيه العديد من الخبراء من مغبة التساهل مع ما يحدث في شمال مالي، فتمرد التوارق بهذا البلد، وإصرارهم على الانفصال عن الدولة الأم، قد ينشر عدوى التمرد في جميع دول الساحل الصحراوي التي يوجد بها التوارق، خاصة في ظل حصول المتمردين على أسلحة متطورة خلال وبعد الحرب في ليبيا المجاورة.