جيهان وسوزان وليلى الطرابلسي وغيرهن كثيرات والأضرار التي ألحقنها بالأمة العربية لا يعلمها سوى الله. ما من إنسان على امتداد الرقعة العربية إلا واكتوى بنيراهن، في دنيا السياسة والفكر والتجارة وغيرها من الأنشطة الأخرى. هن في حقيقة الأمر تاجرات شنطة من الدرجة الدنيا. أزواجهن من نفس الطراز والجبلة، قتلوا الناس وقتلوا في الوقت نفسه آمال الأجيال الصاعدة المتطلعة إلى الحياة الكريمة. وكل واحد منا يعلم مآلهن فسبحان مبدل الأحوال. وجدتني أعقد المقارنة بينهن، وبين زوجة الرئيس الراحل عبد الناصر، تلك التي لزمت بيتها ولم تتجاوز حدودها، فقلت: وأين يكمن سبب هذا الفارق؟ ولم استطع الإجابة على نفسي. غير أنني وجهت النظر إلى القارة الأسيوية، تلك التي حكتها بعض النساء، وقلت أيضا: سبحان الله العظيم! باندرانيكه، وإنديرا غاندي، وأكيونو، والشهيدة بنظير بهوتو، كلهن رفعن هاماتهن وهامات الإنسان الأسيوي في الداخل وفي الخارج. فكيف نصاب بالعقم كلما صوبنا أنظارنا نحو الأمكنة التي يفترض فيها أن تمثل القمم النسوية في المجتمع السياسي العربي؟ وأقرأ على أغلفة بعض الكتب: السيدة فلانة ترعى الحفل الفلتاني. السيدة الفلانية الأخرى تضع مقدمة أو مقدمات لكتب هي أجهل ما تكون بمضامينها. والمقدمون الشياتون يتفننون في تزويق الأساليب وتنميقها وهم بذلك عبيد سخرة يستحقون أن يضربوا ضرب غرائب الإبل في الوسط الثقافي العربي. ألا إنما أشبههن بزوجة الرئيس تشاوسيسكو، تلك التي كانت محدودة المعرفة، لكنها تحمل من الألقاب والشهادات العلمية وشهادات الدكتوراه الفخرية من جامعات بلدها ما يثقل كاهلها الضعيف. كذلك الأخر بالنسبة لجيهان وسوزان وليلى الطرابلسي ومن لف لفهن من أزواج أشباه الرؤساء العرب الذين وجدوا أنفسهم في طرفة عين إما في حالة من الفرار أو في السجون أو تحت أطباق الثرى أو متسولين عند أبواب السفارات الأجنبية. من واجبنا ألا نسكت مثل هذا الهوان وهذه النذلة. ومن واجب كل مثقف عربي أن يرفع عقيرته بالشكوى وأن يسلخ جلدة أولئك الذين يبيعون أنفسهم في أسواق النخاسة خدمة لهذه المتنطعة أو تلك. لم يبق لا سوزان ولا جيهان ولا ليلى الطرابلسي ولا غيرهن من أولئك اللواتي راقهن مشهد الإذلال الذي تعيشه الأمة العربية فزدنه إذلالا على إذلال. ولكنك بالمرصاد، والحمد لله.