اعتصم أمس العشرات من الشباب الجامعيين أصحاب عقود ما قبل التشغيل وكذا البطالون المنتسبون إلى الشبكة الاجتماعية في ساحة البريد المركزي بالعاصمة بعد أن فشلوا في الوصول إلى قصر الحكومة من أجل المطالبة بتسوية وضعيتهم عن طريق إدماجهم في مناصب عمل دائمة، مثلما دعوا رئيس الجمهورية إلى التدخل »لرفع التهميش والإقصاء« عنهم. لم تلق الدعوة التي وجهتها اللجنة الوطنية لعمال عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية إلى تنظيم الوقفة الاحتجاجية أمام قصر الحكومة، استجابة واسعة من طرف المنتمين إلى هذه الفئة، ولكن العشرات الذين قدموا إلى العاصمة من مختلف الولايات نجحوا في إيصال رسالتهم إلى السلطات الوصية وفي مقدّمتها وزارة العمل والتشغيل، وظهر ذلك من خلال التنظيم المحكم والشعارات التي رفعها المعتصمون منذ الساعات الأولى لصبيحة أمس. وجاء هذا الاعتصام بعد أيام قليلة من حركة مماثلة نظمها هؤلاء الشباب أمام مقرات الولايات، وحسب ما أوضحته مليكة فليل، المنسقة الوطنية للجنة التي تنضوي تحت لواء النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، فإن »هؤلاء الشباب سئموا من الوضعية الاجتماعية الكارثية التي يعيشونها منذ سنوات وهم يبحثون عن الكرامة«، وأضافت في تصريح ل »صوت الأحرار« أنه »من غير المقبول أن نصمت أكثر على التهميش والإقصاء الذي أصبحنا نعامل به من طرف الإدارة«. وعلى هذا الأساس ورد في البيان الذي سلّمته اللجنة الوطنية لعمال عقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية سبعة مطالب في مقدّمتها »إدماج كافة العمال من هذه الفئة الحاملين للشهادات في مناصب عمل دائمة دون قيد أو شرط«، مع »إعادة إدماج المفصولين إلى مناصب عملهم فورا«، وكذا تجميد مسابقات الوظيف العمومي إلى غاية تسوية وضعية هذه الفئة، بالإضافة إلى المطالبة بفتح باب الحوار والحق في التقاعد وإلغاء سياسة العمل الهش، مع مطلب آخر يقضي بتخصيص منحة للشباب العاطلين عن العمل الحاملين للشهادات إلى غاية حصولهم على مناصب عمل دائمة. وقد تواصل الاعتصام حتى حدود الساعة الثانية زوالا بعد أن أحكمت مصالح الأمن سيطرتها على الوضع وحاصرت المعتصمين في ساحة البريد المركزي من كل مكان مانعة إياهم من التحرّك نحو مبنى الوزارة الأولى مثلما كان مبرمجا، ولم تشهد هذه الحركة الاحتجاجية أية تجاوزات تذكر. واللافت فيها هو تجاوب الكثير من الفضوليين مع الشعارات التي رفعها الشباب إلى درجة أبدوا فيها تضامنهم معهم مثلما كان الحال لشيخ متقدّم في السن مرّ من عين المكان مخاطبا المعتصمين: »رانا معاكم.. عندكم الحق.. حنا رانا كبرنا الصح فيكم«. وخصّ المعتصمون وزارة العمل بالكثير من الانتقادات كما صبوا جام غضبهم على الإدارة ما دفعهم إلى الاستنجاد برئيس الجمهورية من خلال ترديدهم مطوّلا عبارة: »يا رئيس يا رئيس.. الإدارة رجعت تبزنيس«، وكذا شعار »من الحكومة للوزارة حق الشباب راح خسارة«، مؤكدين أنهم لن يتنازلوا عن حقهم بهتافهم »لا خضوع لا رجوع.. الإدماج حق مشروع«، إلى جانب ترديدهم »من الوزير للعسّاس الشباب هو الأساس«. وموازاة مع تأكيد أصحاب عقود ما قبل التشغيل على مواصلة الاحتجاج حتى انتزاع حقوقهم في الإدماج، برزت الكثير من الشعارات الأخرى من قبيل »يا شباب يا ضحية قم وشارك في القضية« في دعوة صريحة لحوالي 600 ألف منتسب لهذه الفئة للانخراط في هذا الحراك، كما أعلنوا أنهم لن يشاركوا في الانتخابات التشريعية إذا لم يحصلوا على مرادهم بقولهم: »لا انتخاب لا انتخاب حتى يتحقق الإدماج«.