دعا ممثل الحق العام لدى محكمة بومرداس إلى تسليط عقوبة عشر سنوات سجنا نافذا وتعويض قدره مليون سنتيم لما لحق من ضرر بمصداقية الوظيفة العمومية وهذا في حق كل من المراقب المالي لولاية بومرداس، ومديري النشاط الاجتماعي الحالي والسابق إلى جانب المندوب الولائي للحرس البلدي المتورطين في قضية الرشوة التي نظرت فيها هيئة المحكمة. ل.إلياس القضية التي تناولتها المحكمة الابتدائية ببومرداس والمتعلقة بتورط أربعة مدراء ولائيين في التعامل بالرشوة، اعتبرت أول قضية تباشرها العدالة في إطار محاربة الفساد، حيث شهدت قاعة جلسات المحكمة حضور محامين معروفين أمثال الأساتذة فاروق قسنطيني، خالد بورايو، وميلود إبراهيمي، كما حضرها العديد من المسؤولين في الجهاز التنفيذي للولاية باعتبار المتهمين الأربعة هم مدراء بالولاية من بينهم مدير سابق. وبعد الاستماع لأقوال الشهود، جاءت مرافعة النائب العام الذي أسهب في تعريفه لمصطلح "المزية" التي اعتبرها من أخطر الجرائم في قضايا الفساد، كما ركز على الأركان المستمدة من العرض والطلب، مؤكدا أن هذه الأخيرة ثابتة في قضية الحال خاصة وأن المتهم "المراقب المالي" ضبط متلبسا بتسلم المبلغ المالي كرشوة، وقد التمس ممثل الحق العام عقوبة تسليط أقصى عقوبة في قانون مكافحة الفساد وهي عشر سنوات سجنا نافذا مع دفع تعويض مالي قدره مليون دينار، كما دعا أيضا إلى تسليط ذات العقوبة على الطرف الثاني في القضية وهو المقاول بصفته الشاهد الضحية الذي تحول إلى متهم بنفس التهمة، وطالب ممثل الحق العام أيضا مصادرة الأموال المترتبة عن الجريمة الموجودة لدى المتهمين. هيئة الدفاع التي انصبت في مجملها حول الجانب التقني في القضية معتمدة في ذلك على غياب الطرف المدني في القضية بعد تحول صاحب الشكوى إلى متهم، وهنا يتعلق الأمر بالمقاول الذي رفع الدعوى ضد المراقب المالي والمتهمون الآخرون، وقد رأى الأستاذ ميلود إبراهيمي، الذي رافع لصالح البراءة لموكله، أنه لا ضرر ولا ضرار باعتبار أن الجريمة غير ثابتة وأن "المزية" ليست جرم وهو ما خالف العادة إذ أن "المزية" ليست مخالفة للعادة وإنما هي ضرورة في مجتمع يحتاج إلى التعاون. من جهته، رأى الأستاذ خالد بورايو أن الرشوة غير ثابتة ما دام المبلغ المالي الذي عثر عليه لدى المتهم بمثابة قرض، وأضاف أنه إذا كان القرض في نظر المشرع جريمة "إذن فليوقفوا القروض البنكية" على حد قوله، وذهب الأستاذ فاروق قسنطيني إلى اعتبار الجريمة مفبركة على اعتبار غياب الأطرف المدني فيها، كما أنها انبثقت عن قضية أخرى جوهرية متعلقة بالفساد. وينتظر أن تنطق هيئة المحكمة بالأحكام في حق المتهمين الخمسة في قضية الرشوة المتعلقة بملف الفساد الأسبوع المقبل، بعد جلستين كانت قد أجلت الأولى بسبب غياب الشهود، واستمعت في جلسة أول أمس إلى الشهود الذين لهم علاقات مع المتهمين، وقد اعتمدت المحكمة على أقوال المقاول صاحب الشكوى حيث كان قد أدلى بتصريحاته لقاضي التحقيق فيما يتعلق بمطالبة المراقب المالي رشوة منه قدرها ب 20 ألف دج حيث قبض على هذا الأخير متلبسا بتعاطي الرشوة. وقد أشار المقاول الذي استمعت إليه المحكمة إلى العلاقة التي كانت تربطه بالمراقب المالي، كما كانت تربطه علاقات مع كل من المتهمين الآخرين وهما المندوب الولائي للحرس البلدي ومدير النشاط الاجتماعي الحالي والأسبق، حيث كان له معهم عدة صفقات حيث كان يحصل عليها بامتياز كما كان حسب قوله ينجز لهم أشغال في سكنات لهم وله عندهم ديون كبيرة، قدرت حسب رئيسة الجلسة ب 120 مليون سنتيم، إضافة إلى ذلك قال المقاول إنه لم يجد حلا آخر لاسترجاع أمواله سوى الإيقاع بالمراقب المالي بواسطة الرشوة. كما اعترف لهيئة المحكمة أن المراقب المالي الذي قبل الرشوة كان يتوسط له عند مدراء آخرين من اجل الحصول على صفقات، وكانت الرشوة هي الحل من أجل إقناع هؤلاء على حد زعمه، وبناء على ذلك قامت المحكمة باستدعاء العديد من الشهود منهم مدراء ولائيون وآخرون سابقون لهم علاقة بالقضية من قريب أو من بعيد منهم مديرا الثقافة السابقان وكذا مدير النشاط الاجتماعي الأسبق، وقد لقيت القضية اهتماما إعلاميا باعتبارها قضية خطيرة جاءت لتكون الأولى بالولاية بعد إعلان الدولة محاربة الفساد والرشوة، ويشار أيضا إلى أن المحكمة أخذت وقتا كبيرا خصصته للاستماع للشهود في هذه القضية، مما آخر مرافعة ممثل الحق العام.