بدأت العطلة الصيفية ومعها تبدأ حركية تتلاءم وزمن الحر، فالشواطيء تمتليء بروادها، ومنافذ الحدود تمتليء هي الأخرى بالذاهبين والآتين، حالة من الهستيريا تجتاح كل المدن والقرى والمداشر باقامة الأعراس والافراح، هذا في قاعات عامة وذلك في عقر داره وكل حسب قدرته المالية وموقعه الاجتماعي. وتزامنت مع الأعراس أفراح الأسرة الجزائرية بأبنائها الناجحين في مختلف الشهادات، من الابتدائية حتى البكالوريا وشهادة الليسانس فعمت الأفراح وتجمع الأهل والأقارب والأحباب في حفلات التهاني وهي عادات جديدة على ما هو معروف، واعتقد بأنها ثقافة تفتح الباب أمام التلاميذ ليكونوا أشد حرصا على النجاح لتقام لهم مثل هذه الأفراح التي هي إعلان كبير واعتراف عائلي لمجهودات التلميذ الذي يحقق النجاح والتفوق. في الصيف وعلى الشواطئ أين تتدافع الأجساد مستمتعة بالبحر تخفيفا للحرارة وترويحا عن النفس، وغسيلا لارهاق سنة من العمل كل في الميدان الذي يتواجد فيه تتولد أحداث في حياة كل منا، وتبرز علاقات انسانية جديدة وتتغير العديد من المصائر، وتلك هي سنة الله في خلقه. أشهر الصيف، هي عادة الأشهر التي تكثر فيها الاشاعات على اختلافها، سياسية، حزبية، اجتماعية، وذلك يأتي نتيجة للغياب الذي يلاحظ لهذا المسؤول أو ذاك لسبب استمتاعه هو أيضا بالعطلة، فهو مهما علت مسؤليته بشر يناله التعب ويصيبه الارهاق ويبقى في حاجة ماسة الى قليل من الراحة. وعند الاقتراب من العودة في نهاية العطل تبدأ حركية أخرى أكثر ديناميكية هي الاستعداد لاستئناف الموظف لعمله والمدرس لمدرسته، والجامعي لجامعته، والطالب يلتحق بموقعه الجديد في المدرسة أو الجامعة، والمغترب يعود أدراجه الى ديار الغربة وهو يحمل من الذكريات ورائحة الوطن ما يكفيه زاد السنة كاملة. وأعتقد أن الدخول الاجتماعي هذه السنة تكون له ميزة فريدة وهي الاقتراب من الاستحقاق الرئاسي ومعنى ذلك أن يكشف عن عدد من الترتيبات سواء ما تعلق فيها بتعديل الدستور أو العهدة الثالثة لرئيس الجمهورية، وعودة بعض الاسماء الى حلبة السباق الرئاسي ليكتمل المشهد الديمقراطي وتتجسد التعددية السياسية من خلال ممارسة فيها الكثير من الحرية والشفافية والتعبير الحر. لا ننسى بأن شهر رمضان سيهل علينا في الأسبوع الاول من شهر سبتمبر وهو دون شك سوف يحد قليلا من العطلة لأن الصيام يفعل فعله في الجميع حيث تتباطأ عملية الانتاج وتزداد المصاريف ويتصاعد الاستهلاك ويضرب التبذير جيوب الكثيرين حتى أن العيد ما ان يصل حتى يجد كل الجيوب قد نظفتها شهوات الصائمين. الا أن الحياة تستعيد دورتها وتنطلق الأيام تجر الأيام وكل واحد له دورته وله خصائصه التي تشكل حياته وأيام عمره... وتمر السنة، وكأنها أيام ونجد أنفسنا مرة أخرى أمام صيف جديد، وأحلام جديدة وكل صيف وأنتم بخير.