إحياء للذّكرى العاشرة لوفاة المجاهد ورئيس مجلس الأمّة السابق محمد الشريف مساعدية، ومن تنظيم جمعية »مشعل الشهيد« تناول الدكتور محمد العربي الزبيري أمس بالنادي الثقافي للمجاهد مناقب الراحل محمد الشريف مساعدية في مداخلة قيّمة بعنوان »محمد الشريف مساعدية: من الزيتونة إلى القاعدة الشرقية إلى القاعدة الجنوبية«، كما قدم صالح قوجيل، عبد الرزاق بوحارة، كمال بوشامة، ومحمد بوعزارة وإبراهيم محرزي شهادات حية حول الفقيد وأهم محطاته حياته السياسية والنضالية. وقال الدكتور العربي الزبيري أن الراحل محمد الشريف مساعدية كان معادلة أساسية وفاعلة عبر مختلف المراحل التاريخية التي عرفتها الجزائر منذ الثورة التحريرية وبعد الاستقلال، وأوضح أنه كان واحدا من بين الإطارات الجزائرية التي تشبعت بفكرة الحرية وأدركت أن الدولة لا تبنى بالعظمة التي يريدها بيان أول نوفمبر ما لم نبني حزبا سياسيا قويا، وأول هؤلاء المناضل محمد خيضر الذي كان مفكرا وأدرك هذه الحقيقة، لكن الرئيس الراحل أحمد بن بلة وقف أمامه كعائق، أما الشخصية الثانية فهو المناضل قايد أحمد »سي سليمان« وكان في مستوى فكري وسياسي رفيع كان سيساعد على بناء حزب قوي تحتاجه الدولة، وقد حاول سي سليمان-يقول المحاضر- بالنظر للمسؤوليات التي تقلدها قبل 1954 أن يجعل من جبهة التحرير الوطني حزبا قويا بمناضليه وقادرا على حماية الدولة لكن الرئيس الراحل هواري بومدين وقف أمامه ولم يسمح لمشروعه بالاستمرار، والشخص الثالث هو المرحوم محمد الشريف مساعدية الذي يعد مدرسة سياسية ونضالية، وهي صفات أهلته أن يلعب دورا أساسيا في بناء الحزب، حيث إجتهد وبذل كل ما في وسعه لكن الرئيس الشاذلي بن جديد اعترض طريقه أيضا. وعن تكوينه قال الزبيري أن الراحل محمد الشريف مساعدية توجه للتعليم نحو جامع الزيتونة ومعه زادا نضاليا وعلميا فهو سليل أسرة تعليم وكان والده مقربا من جمعية العلماء المسلمين وصديق للشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ الإبراهيمي رحمهما الله حيث تشبع الطالب محمد الشريف مساعدية من مقالات الشيخ الإبراهيمي وحفظها خاصة مقالاته السياسية والثقافية، وبالتالي الزيتونة لم تكن للدراسة فقط بل للاستعداد من أجل الانطلاقة النضالية والسياسية وظفها لاحقا في تسييره السياسي. وأشار الدكتور العربي الزبيري أن الراحل التحق بالثورة والكفاح المسلح وقد إلتحق بالقاعدة الشرقية التي عرفت قضايا شائكة )مؤامرة العقداء( التي لم يفصل فيها إلى اليوم. وكشف أن الراحل مساعدية قد كشف له عن عديد النقاط في هذه القضية الشائكة ومن قضايا الجبهة الجنوبية وقد أخضعها لمعايير العمل الأكاديمي والدراسة العلمية للتاريخ وهي جاهزة وسيتم نشرها في كتاب قريبا وفي القوت المناسب، وأوضح أن الراحل محمد الشريف مساعدية تحدث معه عن مراحل عصيبة مر بها ومتاعب. وفي شهادته أكد صالح قوجيل أنه تعرف على محمد الشريف مساعدية منذ 1958، وهو رجل من طينة الكبار وارتبطت حياته كلها بتاريخ الجزائر وكان له دورا أساسيا خاصة بعد الاستقلال، حيث عاش 40 عاما مرتبطا بالأفلان وقد عاصر مختلف المحطات المهمة للجزائر المستقلة وأهم الأزمات التي عاشها حزب جبهة التحرير الوطني وخلافاتها بداية من تعيينه نائبا في المجلس الوطني عام 1963، واتجه بعد المؤتمر الرابع للحزب نحو وزارة المجاهدين ثم عاد بعد فترة إلى الحزب، وأكد قوجيل أن الراحل مساعدية تعرض للظلم والجفاء خاصة بعد 1988 وأٍراد البعض إلصاق تهمة المادة 120 به وهو بريء منها، لكن بالموازاة أكد قوجيل أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أعاد الاعتبار للراحل محمد شريف مساعدية وأنصفه. من جهته استرجع كل من المناضل عبد الرزاق بوحارة والوزير الأسبق كمال بوشامة والمناضل محمد بوعزارة والمناضل وإبراهيم محرزي جوانب من نضالات الرجل وحنكته السياسية والإنسانية وإطلاعه على تفاصيل القضايا العربية والعالمية تعكس عبقريته الفذة.