قالت مصادر عليمة إن المسؤول عن الجمعيات بوزارة الداخلية التقى مؤخرا قيادة الجمعية الوطنية للزوايا والطرق الصوفية بجناحيها المتصارعين وطلب منهما تجميد جميع أنشطة الجمعية إلى غاية فصل العدالة في الملف وتحديد القيادة الشرعية للجمعية، وهو ما أرجأ التحضيرات التي كانت قد شرع فيها جناح بدر الدين شريط لعقد ملتقى وطنيا جامعا بولاية أدرار إلى أجل لاحق وهو اللقاء الذي كان سيعرف ميلاد جمعية وطنية للتحسيس بأهمية تعديل الدستور وترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة بحضور ما يزيد عن ألف مشارك يمثلون مختلف الزوايا والطرق الصوفية في البلاد إلى جانب ممثلين عن التشكيلات السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وكشف المصدر نفسه أن وزارة الداخلية كانت صارمة في قرارها بخصوص تجميد جميع النشاطات التي تقوم بها الجمعية الوطنية للزوايا والطرق الصوفية إلى غاية فصل العدالة في الخلاف الدائر بين جماعة جناح قوعيش المستشار الأسبق في رئاسة الجمهورية والقيادة الجديدة التي يمثلها بدر الدين شريط، مؤكدا بأن اللقاء تم تبليغه للطرفين، وتجدر الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي تلجأ فيها وزارة الداخلية إلى مثل هذا القرار، خاصة في ظل وجود عدد من الجمعيات وحتى الأحزاب السياسية التي تعرف انشقاقا وصراعا داخل قياداتها ومع ذلك لم تجمد أنشطتها، الأمر الذي فسره محدثنا بالخصوصية التي تمثلها جمعية الزوايا باعتبارها إطارا روحيا ودينيا وليست مجرد تنظيم جمعوي. وفي المقابل فإن القيادة الجديدة للجمعية التي يمثلها بدر الدين شريط قد تلقت ضمانات من وزارة الداخلية والجماعات المحلية بالترخيص للملتقى الوطني الجامع للزوايا الذي سيحمل شعار "بوتفليقة والزوايا: مسيرة جهاد مشترك"، بعد الفصل في الملف المرفوع إليها منذ والذي يتضمن الوثائق المتعلقة بالجمعية العامة التي تقرر فيها انتخاب الشيخ بدر الدين شريط رئيسا لجمعية الزوايا بحضور محضر قضائي، وكذا محاضر تنحية قوعيش وسحب الثقة منه على خلفية القضايا المرفوعة ضده والأحكام الصادرة في حقه، ويشير مصدر آخر من وزارة الداخلية على صلة بالملف إلى أن رفض الترخيص للملتقى الذي كان مقررا تنظيمه في ولاية تيبازة شهر مارس الماضي لا يعني أن الإدارة فصلت لصالح قوعيش مثلما فهم البعض، أو أنها تقف في صفه مثلما ادعت القيادة الجديدة، وإنما الأمر يتعلق بمسألة تنظيمية، موضحا أن منح الترخيص يرتبط أولا بالفصل في القيادة الشرعية للجمعية بعد دراسة الملف والنظر في مطابقته لقانون الجمعيات، مضيفا بأن الفصل في هذه المسألة سيكون في الأيام القليلة المقبلة بالنظر إلى الأهمية التي تكتسيها جمعية الزوايا لما لهذه الأخيرة من تأثير في المجتمع وفي الساحة الوطنية. وفي سياق ذي صلة يضيف المصدر الآنف الذكر بأن عدم ترخيص الداخلية لملتقى تيبازة جاء بعد رفض مماثل لملتقى كان يعتزم قوعيش تنظيمه، وهو ما جعله يلجأ إلى عقد لقاء مصغر لعدد من المشايخ داخل مقر الجمعية وهو اللقاء الذي يحتاج إلى ترخيص لعقده، وبالتالي لم يكن من الممكن أن تسمح الإدارة لجماعة شريط بتنظيم لقاء سبق وأن رفضته لجماعة قوعيش، وأرجأت الترخيص لمثل هكذا لقاء إلى ما بعد الفصل في الجهة التي تمثل الزوايا. إلى ذلك الاتصالات جارية من قبل القيادة الجديدة للجمعية مع شيوخ الزوايا وممثلي الطرق الصوفية في الجزائر تحضيرا لعقد ملتقى وصفه أحد قياديي الجمعية ب"الضخم" ووقع الاختيار على مدينة أدرار لاحتضانه، أما عن موعد الملتقى فلم يحدد بشكل دقيق لارتباطه بفصل وزارة الداخلية في الملف الموجود على طاولتها، إلا أنه أشار في المقابل إلى أن الضمانات التي تلقتها الجمعية من المصالح المعنية في وزارة الداخلية تجعلها تتوقع إمكانية عقد الملتقى بعد شهر رمضان الكريم، حيث وجهت مراسلات إلى مختلف المشايخ بهذا الخصوص للشروع في عملية التحضير، خاصة وأن الملتقى الذي سيجري على مدار ثلاثة أيام سيعرف ميلاد لجنة وطنية ينخرط فيها ممثلو الزوايا والطرق الصوفية إلى جانب القوى الفاعلة في الساحة الوطنية، مهمتها تحسيس المواطنين وأتباع الزوايا حول أهمية مساندة مسعى ترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة خدمة للوطن وللدين، مبرزا في نفس الإطار الدور الذي يمكن أن تلعبه الزوايا كمؤسسات دينية وروحية نافذة في المجتمع لا سيما وسط أتباعها فالطريقة التيجانية وحدها تمثل ما يزيد عن أربعة ملايين جزائري فضلا عن أتباع الطريقة القادرية والهبرية وغيرها من الطرق الصوفية الأخرى، ويشير المتحدث إلى أن تزكية الزوايا للرئيس بوتفليقة نابع عن قناعة لأنه الوحيد الذي أعاد الاعتبار للزوايا منذ توليه شؤون البلاد ولم يتوان لحظة واحدة عن توفير كل الإمكانيات المالية والبشرية من أجل إعادة بعث الزاوية، وهو ما يدعو هذه الأخيرة إلى رد الجميل والتجند من أجل المطالبة بتعديل الدستور وبقاء بوتفليقة على رأس البلاد لعهدة أخرى. على صعيد آخر لن يقتصر جدول أعمال الملتقى على قضيتي تعديل الدستور ومساندة ترشيح بوتفليقة لعهدة رئاسية ثالثة، بل يتضمن الملتقى مجموعة نقاط أخرى ستكون محل نقاش من قبل المشاركين منها العنف والتصعيد الأمني الذي تعرفه البلاد في الأشهر الأخيرة والدور الذي يجب أن تلعبه الزاوية في إرساء المصالحة الوطنية والمساهمة في حث الشباب على التراجع عن التمرد و أعمال العنف وضرورة الانخراط في مسعى المصالحة الوطنية وبناء دولة القانون، كما سيبحث المشاركون كيفية مشاركة الزوايا في عملية التحسيس والتوعية بمخاطر المخدرات والإدمان وكذا ركوب الشباب للبحر في قوارب الموت بحثا عن الجنة الموعودة في الضفة الأخرى للمتوسط أو ما أصبح يعرف بظاهرة "الحراقة" التي ما تزال تحصد المزيد من الضحايا، كما سيفتح الملتقى ملف التنصير وحملات التبشير التي يقوم بها أتباع الكنيسة الإنجيلية وضرورة التصدي لهؤلاء ومنعهم من استغلال الظروف الاجتماعية للشباب وجرهم إلى الدين المسيحي، حيث من المقرر أن يرفع ممثلو زوايا منطقة القبائل خلال الملتقى تقريرا عن نشاط جماعات التنصير في المنطقة.